يحفل تاريخ العرب بأمثال وقصص لا تزال تروى على الأجيال المتعاقبة، لما تحمله من عبر ودروس، ومنها قول العرب “أَشْرَى الشرِّ صِغارُه”، وقصة طريفة لرجل صاحب في سفره أحد النحويين.
وعرضت حلقة (2024/9/24) من برنامج “تأملات”، التي تبث على منصة “الجزيرة 360″، وهذا رابط الحلقة كاملة، قصة المثل القائل “أشرى الشر صغاره”.
ويعني “أَشْرَى الشرِّ” أشده وأبقاه وأَلجّه، ويقولون “شَرِيَ البرق” إذا كثر لمعانه، وشريت الفرس إذا لجّت في سيرها، أي أسرعت.
وترتبط القصة بصياد كان يحمل وعاء من العسل ومعه كلب له، فدخل على صاحب حانوت، فعرض عليه العسل للبيع، فقطر من العسل قطرة فوقعت عليها نحلة. وكان لصاحب الحانوت ابن عرس، فوثب ابن عرس على النحلة فأخذها، فوثب كلب الصياد على ابن عرس فقتله.
فوثب صاحب الحانوت على الكلب فضربه بعصا فقتله، ثم وثب صاحب الكلب على صاحب الحانوت فقتله.
وتقول القصة إن أهل قرية صاحب الحانوت اجتمعوا فقتلوه، فلما بلغ ذلك أهل قرية صاحب الكلب، اجتمعوا فاقتتلوا مع أهل قرية صاحب الحانوت حتى أفنى بعضهم بعضا، فقيل “أشرى الشر صغارُه”.
وكان سبب هذا الشر كله قطرة من عسل.
وفي قصة أخرى، عرضتها حلقة برنامج “تأملات”، أن رجلا اصطحب معه في سفره نحويا، فمرض النحوي، وأراد أن يرسل رسالة شفهية مع الرجل إلى أهله.
فقال النحوي للرجل: قل لأهلي لقد أصابه صداع في رأسه، وبولي بوجع في أضراسه، ووقعت الخمدة في أنفاسه، وقد فترت يداه وتورمت رجلاه، وشخصت عيناه، وانحلت ركبتاه، وأصابه وجع في ظهره، وهزال في طحاله.
ويواصل النحوي في رسالته لأهله: وحصل تقطع في أوصاله، وخفقان في قلبه، وارتخاء في حنكه، وسكون في نبضه، وسكتة في لسانه، وانقلبت حماليق عينيه، وخرّ مغشيا عليه.
فقال الرجل للنحوي: يا سيدي، أنا أكره أن أطيل الكلام، ولكن أقول لهم: مات والسلام!