في إطار مشاركتها المتميزة، قدمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عرضاً تفاعلياً فريداً ضمن فعاليات بينالي الفنون الإسلامية، يلقي الضوء على العملية الدقيقة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة، إحدى أبرز الفنون الإسلامية المرتبطة بالحرمين الشريفين.
التجربة التفاعلية التي امتدت لـ30 دقيقة، قدمت للزوار لمحة شاملة عن مراحل صناعة الكسوة، بدءاً من الطباعة والتطريز والتذهيب، وصولاً إلى مرحلة التطييب التي تتم قبل تثبيتها على الكعبة المشرفة.
ووفقاً لـ “الشرق الأوسط” شملت عرضاً حياً للأدوات المستخدمة في تطهير البيت العتيق، إلى جانب استعراض تفصيلي لتقنيات صناعة القماش والخط العربي المستخدم في كتابة الزخارف والآيات القرآنية، وأتاحت للزوار فرصة مشاهدة الشبلونات (القوالب المستخدمة في الطباعة)، التي تُستخدم في زخرفة القماش الحريري للكسوة، مما منحهم تصوراً مباشراً عن الدقة الحرفية التي تتطلبها هذه العملية.
إضافة إلى ذلك تضمنت الجلسة عرضاً تاريخياً لمسيرة صناعة الكسوة، بدءاً من أول كسوة صُنعت في العهد السعودي عام 1927، وصولاً إلى التقنيات الحديثة المستخدمة اليوم داخل مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة. وتم إثراء العرض بفيلمين توثيقيين، أحدهما بعنوان «أنا فريدة»، الذي يستعرض الجانب الفني للكسوة، والآخر «كسوة الكعبة المشرفة»، الذي يتناول المراحل الصناعية التي تمر بها الكسوة وصولاً إلى لحظة تلبيسها.
وتم تسليط الضوء على مكونات الكسوة، التي تتكون من 4 قطع رئيسية من القماش الحريري المزخرف، إلى جانب ستارة باب الكعبة. كما تم استعراض تفاصيل الحزام المقدس، الذي يضم 16 قطعة مذهبة، بالإضافة إلى 17 قنديلاً مذهّباً موزعة على الكعبة، وزخارف ذهبية تغطي الركن اليماني والحجر الأسود والميزاب.
وتمت الإشارة إلى أن خط الثُّلث الجليّ المركَّب هو الخط المستخدم في كتابة الآيات القرآنية على الكسوة، حيث يتيح هذا الخط مرونة جمالية تسهم في إبراز تفاصيل الزخارف بدقة متناهية، مما يعكس البُعد الفني الراقي للكسوة المشرفة.
واستعرضت الهيئة مراحل التصنيع التي تبدأ من تحلية المياه وتنقيتها لضمان جودة الصباغة، ثم غسل الحرير وصباغته باللون الأسود للكسوة الخارجية، وبالأخضر لبطانة الكعبة. بعدها يخضع القماش لاختبارات جودة دقيقة قبل انتقاله إلى مرحلة النسيج الآلي، حيث تتم حياكة الآيات والزخارف باستخدام آلات متخصصة.
وفي قسم التطريز والتذهيب، تُستخدم خيوط من الفضة المطليّة بماء الذهب لحياكة الحزام والزخارف الذهبية، بوزن إجمالي يصل إلى 120 كيلوغراماً. بعد ذلك، يتم تجميع الكسوة على مراحل، قبل أن يتم استبدالها بالكسوة الجديدة في الأول من محرم من كل عام. ويعمل على صناعة كسوة الكعبة المشرفة في مجمع الملك عبد العزيز أكثر من 200 شخص، موزعين بين المطرّزين، والإداريين، والحرفيين، وقسم النسيج الآلي، الذين يكرّسون جهودهم لإنتاج هذه التحفة الفنية وفق أعلى معايير الجودة.
وأكدت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أن هذه المشاركة تهدف إلى تعريف الزوار بالجهود الكبيرة التي تُبذل للعناية بكسوة الكعبة المشرفة، وتعزيز فهمهم للبعد الفني والديني لهذا الرمز الإسلامي العريق، مشيرةً إلى أن الفنون الإسلامية ليست مجرد أشكال جمالية، بل تحمل في طياتها تاريخاً عريقاً يعكس هوية وثقافة العالم الإسلامي.
اختتمت الهيئة عرضها بتوجيه دعوة إلى الزوار للاستمتاع بهذه التجربة الفريدة، التي تجمع بين التاريخ، الفن، والحرفية العالية في مكان واحد، ضمن فعاليات بينالي الفنون الإسلامية.
تم نسخ الرابط