انطلق معرض العراق الدولي للكتاب في الرابع من ديسمبر/كانون الأول ويستمر حتى الـ14 من الشهر الحالي، بمشاركة واسعة من دور النشر العربية والأجنبية، ليمثل ملاذا آمنًا للباحثين عن المعرفة والمتعطشين للقراءة.

تحمل النسخة الخامسة من المعرض اسم “لبنان” تعبيرا عن التضامن مع الشعب اللبناني وهو يواجه عدوانا آثما، وقد حملت النسخة السابقة التي أُقيمت بين 14 و24 فبراير/شباط الماضي اسم “فلسطين”.

رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكد خلال افتتاح المعرض دعم الحكومة للحراك الثقافي ونتاجات المثقفين العراقيين، وكل ما يصبّ في تعزيز مناهل المعرفة والاطلاع لدى الجمهور العراقي.

اهتمامات متنوعة

الجزيرة نت تجولت في معرض الكتاب حيث التقت حسن الموسوي، أحد منظمي المعرض وهو منسوب لمعهد غوتا الألماني، والذي أكد أن اهتمامات الزوار تتباين بشكل كبير، إلا أن الغالبية العظمى منهم تسعى وراء الكتب الغريبة أو الأجنبية التي تتطرق لموضوعات لم تتناولها المؤلفات العراقية من قبل، معربًا عن دهشته من الفضول الكبير الذي يكنه الناس تجاه الثقافات الأجنبية.

وتحدث الموسوي للجزيرة نت عن الدور الكبير الذي تلعبه دور النشر العربية والعالمية المشاركة في المعرض، مشيرًا إلى أن التنوع الثقافي الواسع الموجود في المعرض يؤكد مكانة العراق بوصفه مركزا ثقافيا عالميا.

وأضاف أن العراق بحاجة ماسة إلى الاطلاع على الثقافات الأوروبية والعالمية، وأن مثل هذه المعارض ودور النشر تلبي حاجة الشعب العراقي الملحة لفهم هذه الثقافات عن قرب.

ولاحظ الموسوي وجود اختلافات كبيرة في أذواق واهتمامات الزوار، فمنهم من يرغب في التعرف على الثقافات الأجنبية وأنماط حياتها، ومنهم من يبحث عن الثقافات العربية، مشيرا إلى أن الثقافات تتطور باستمرار مع تطور التكنولوجيا، مما يتطلب تحديثًا مستمرا للمعروضات في المعرض، وهو أمر إيجابي يسهم في تطوير الثقافات بشكل مثالي.

تحديات العصر الرقمي

في ظل تنافس شديد بين دور النشر على مستوى الشكل والمحتوى، أكد عامر مؤيد، أحد كوادر الإعلام في معرض الكتاب، أن المعرض يشهد حراكا ملحوظا لجذب القراء.

وأشار مؤيد، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي يشكل تحديا كبيرا للحفاظ على خصوصية المطبوعات الورقية وهويتها المميزة، لافتا إلى أن كل دورة من دورات المعرض تحمل هوية خاصة تعكسها فعالياته وندواته، حيث تم اختيار لبنان عنوانا لهذه الدورة.

وأضاف أن المعرض يضم 350 دار نشر تمثل 17 دولة، مما يعكس حرص دور النشر على عرض أحدث إصداراتها، كما يقدم مجموعة متنوعة من الفعاليات الفنية والأمسيات الشعرية، مشيرا إلى أن المعرض يشهد إقامة 4-5 ندوات يوميًا تناقش قضايا ثقافية وأدبية متنوعة، بهدف الوصول إلى حلول عملية للمشكلات التي تواجه صناعة النشر.

ورغم التحديات التي يمثلها العالم الرقمي، أكد مؤيد أن الكتاب الورقي لا يزال يحظى بشريحة عريضة من القراء، وأن المشاركة الواسعة من دور النشر والزوار تؤكد استمرار الاهتمام بالمطبوعات الورقية.

وأوضح أن تنوع اهتمامات القراء بين الشعر والأدب الاجتماعي والثقافي يخلق أجواء تنافسية في المعرض، مما يدفع دور النشر إلى تقديم عناوين ومحتويات جذابة تلبي احتياجات القراء المتنوعة، مؤكدا أن هناك اهتمامًا متزايدا بتقديم الكتب بطريقة جذابة من حيث الشكل والتسويق والمضمون، الأمر الذي يسهم في جذب جمهور أوسع.

جسر ثقافي من الدوحة إلى بغداد

عبد الكريم سعد الحميدي، المشرف على جناح وزارة الثقافة القطرية في معرض بغداد الدولي للكتاب، أكد حرص دولة قطر على المشاركة الفعّالة في جميع الفعاليات الثقافية العربية والعالمية.

وأوضح الحميدي، في حديثه للجزيرة نت، أن وجودهم في هذا المعرض يأتي بهدف عرض الإنتاج الثقافي القطري وتقديم لمحة عن الفكر القطري للجمهور العراقي.

وأشار إلى أن الجناح القطري قد شهد منذ افتتاح المعرض إقبالاً كبيرا من الزوار العراقيين، مما يؤكد عمق العلاقات الثقافية بين البلدين الشقيقين، لافتا إلى المشاركة الواسعة لدول ودور نشر مختلفة في المعرض، وهذا الأمر يثري الحراك الثقافي ويبرز أهمية الكتاب والقراءة في المنطقة.

مشاركة قطرية مميزة في معرض العراق الدولي للكتاب الجزيرة

الكتاب يتحدى الأوضاع الصعبة

الكاتب والروائي زهير الجزائري أكد على أهمية القراءة والكتاب في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها العالم العربي، مشيرًا إلى أن الكتاب يمثل ملاذًا آمنا للخروج من ضوضاء الأحداث المؤلمة التي تشهدها المنطقة.

وقال الجزائري، في حديثه للجزيرة نت، إن الكتاب يسهم في تطوير المفاهيم وتوسيع الآفاق الثقافية، مما يمنح القارئ فرصة للتفكير والتأمل في عالم مليء بالتحديات، مشيرا إلى أنه رغم التوترات الإقليمية والأحداث السلبية التي تشهدها المنطقة، فإن اهتمام الناس بالكتاب لا يزال قائما، وأن إقبال الجمهور على معرض الكتاب يؤكد ذلك.

وأكد أن الكتاب الورقي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة رغم المنافسة الشديدة من وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح أن اهتمامات القراء تتنوع بين الكتب الأدبية والاجتماعية والعلمية، مما يعكس رغبة الناس في اكتساب المعرفة وتطوير أنفسهم.

وأكد أن الكتاب يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل شخصية الإنسان وتعميق فهمه للحياة، مشددًا على أهمية المشاركة في مثل هذه المعارض، خاصة للشباب لمساعدتهم على الخروج من عالم الفضاء الافتراضي والانغماس في عالم المعرفة الحقيقي.

وأشاد الجزائري بالمشاركة الواسعة لدول ودور نشر مختلفة في المعرض، مؤكدًا أن “هذا الأمر يعود بالنفع على العراق ويعزز مكانته الثقافية في المنطقة”.

شاركها.
Exit mobile version