يعتقد العلماء الآن أن مؤشر استدارة الجسم Body Roundness Index BRI هو مقياس أكثر دقة من مؤشر كتلة الجسم Body Mass Index BMI المستخدم بشكل شائع.

على مدى سنوات خلت قيل لنا إن مؤشر كتلة الجسم هو الكلمة الأخيرة في ما إذا كان يمكن اعتبار وزن شخص ما صحيا لطوله أم لا. ولكن لم يعد الأمر كذلك، وفقا لحاسبة مؤشر كتلة الجسم التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.

فقد قال تقرير نشر في التلغراف إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية تنصح الآن بقياس خصرك لمعرفة ما إذا كنت تحمل كثيرا من الدهون حول بطنك، مع التوصية بأن تحاول الحفاظ على قياس خصرك إلى نصف طولك.

وفي المدة الأخيرة، عدّ الخبراء مؤشر كتلة الجسم أداة غير حادة، وغامضة وبسيطة للغاية لتحديد ما إذا كان شخص ما يحمل كثيرا من الدهون حول بطنه، والذي يبدو أنه يشكل حقا خطرا على صحتك.

وجدت الأبحاث المنشورة في وقت سابق من هذا العام أنه من بين 10 آلاف شخص في الصين، فإن أولئك الذين لديهم أنواع الجسم “الأكثر استدارة” -أو أكبر نسبة خصر إلى الطول- قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 163% من الأشخاص الأكثر نحافة.

بينما يقيس مؤشر كتلة الجسم الوزن بما يتناسب مع الطول لتحديد ما إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، فإن هذا المؤشر المبتكر حديثا “يحوّل قياسات الخصر والطول إلى تقدير للشكل بناء على مدى دائرية أو بيضاوية الشخص بشكل عام”، كما يقول بريندون نوبل أستاذ الطب التجديدي ورئيس قسم علوم الحياة في جامعة وستمنستر.

ويقول إنه أمر منطقي، لأنه في حين ثبت أن الدهون المتجمعة حول البطن والأعضاء الحيوية تشكل خطرا على الصحة في عدد لا يحصى من الدراسات، فإن الدهون “تحت الجلد” في مناطق أخرى لا ترتبط بنتائج صحية أسوأ.

أحدث الأفكار هي أن قياس صحة محيط الخصر لدينا باستخدام “مؤشر استدارة الجسم” الجديد (BRI) قد يكون طريقة مواتية لتحديد خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة.

إليك ما تحتاج إلى معرفته عن مؤشر استدارة الجسم ولماذا يفضل الخبراء هذا القياس الجديد على مؤشر كتلة الجسم.

ما مؤشر استدارة الجسم؟

يقارن مؤشر كتلة الجسم محيط الخصر بطولك، ويعطي درجة ما بين واحد و20 (على غرار مؤشر كتلة الجسم الذي يوفر أيضا درجة)، لكنه يتضمن أيضا “معادلات معقدة تمت إضافتها لمحاولة جعل هذه الدرجة أكثر معنى”، كما يقول البروفيسور نوبل.

اخترع باحثون أميركيون مؤشر استدارة الجسم في عام 2013، وتم تطويره كمقياس أكثر دقة لأن مؤشر كتلة الجسم لا يفرق بين العضلات والدهون. وهذا يعني أن “الشخص الذي لديه عضلات كثيرة قد ينتهي به الأمر بمؤشر كتلة جسم يضعه في فئة الوزن الزائد”، كما يقول البروفيسور نوبل. وبدلا من ذلك، من المرجح أن يشير مؤشر استدارة الجسم إلى مقدار الوزن الزائد الذي تحمله حول خصرك.

كيف يحسب مؤشر استدارة الجسم؟

يحسب مؤشر استدارة الجسم باستخدام صيغة رياضية: 364.2 − 365.5 × √(1 − [محيط الخصر بالسنتيمتر / 2π]2 / [0.5 × الطول بالسنتيمتر]2، وتوجد مواقع على الإنترنت تتيح لك حسابه عبر إدخال بياناتك.

ما مؤشر استدارة الجسم الصحي؟

درجة مؤشر استدارة الجسم “الصحية” أقل من 3، ولكن أعلى من 0.3. ومن المربك أنه من الممكن أن تكون بصحة جيدة وفقا لمؤشر استدارة الجسم الخاص بك ولكنك تعاني من زيادة الوزن وفقا لمؤشر كتلة الجسم، والعكس صحيح. ويعتبر مؤشر كتلة الجسم “الصحي” رقما يراوح بين 18.5 و25.

وبناء على متوسط ​​أحجام الجسم للرجال والنساء في بريطانيا، يبلغ متوسط ​​مؤشر استدارة الجسم لكل منهما 3.8. ويراوح متوسط ​​مؤشر كتلة الجسم لكل من الرجال والنساء في المملكة المتحدة حول 27، وذلك يجعلنا ممتلئين جدا ونعاني من زيادة الوزن كأمة وفقا للمقياسين.

ماذا يعني مؤشر استدارة الجسم لصحتك؟

بينما ينظر مؤشر كتلة الجسم إلى طولك ووزنك، ينظر مؤشر استدارة الجسم على وجه التحديد إلى محيط الخصر. ويعتقد بعض العلماء أنه مؤشر أفضل للعديد من المشاكل الصحية، مثل أمراض الكلى والسرطان وأمراض القلب والوفاة المبكرة بشكل عام، يقول البروفيسور نوبل “تشير العديد من الدراسات إلى أنه كلما زادت نسبة الدهون في الجسم زاد احتمال إصابتك بهذه المشاكل”.

يعد مؤشر استدارة الجسم مؤشرا جيدا لنسبة الدهون في الجسم؛ فهو يقيس محيط خصرك بالنسبة إلى طولك ويمكنه أن يخبرك بكمية الدهون لديك مقارنة بكتلة العضلات لديك.

الشيء المهم هنا هو الدهون الحشوية، النوع الموجود في أعماق بطوننا وبين أعضائنا، في حين أن استدارة BRI لا يقيس بشكل مباشر كمية الدهون الحشوية في جسمك، يقول البروفيسور نوبل “عادة ما تكون كمية الدهون الحشوية لديك نسبة ثابتة من إجمالي دهون الجسم”، نحو 10% من إجمالي الدهون في الجسم التي تحملها.

ويوضح البروفيسور نوبل “لا يزال لدينا الكثير لنتعلمه عن الدهون وكيف يمكن أن تؤثر على صحتنا، لكن يبدو أن الدهون الحشوية أكثر خطورة من الدهون تحت الجلد، بناء على البحث”.

فالأشخاص الذين لديهم كميات كبيرة من الدهون الحشوية هم أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية وفي سن مبكرة، كما وجدت بعض الدراسات، مع ارتباط هذا النوع من الدهون أيضا بالسرطان ومرض السكري من النوع الثاني.

ولاحظ الباحثون الذين يدرسون مؤشر استدارة الجسم بشكل مباشر، دون النظر في الدهون الحشوية على وجه الخصوص، نتائج مماثلة على مدار العقد الماضي أيضا.

كذلك وجدت إحدى الدراسات التي صدرت العام الماضي أن مؤشر استدارة الجسم المرتفع هو عامل خطر للإصابة بسرطان القولون والمستقيم على وجه الخصوص، بينما وجدت دراسة أخرى في عام 2021 أن مؤشر استدارة الجسم هو مؤشر جيد لمعرفة المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والذين سيصابون أيضا بمرض السكري.

ووجدت دراسات أخرى طويلة الأمد أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يؤدي إلى ارتفاع خطر الوفاة بشكل عام، وخاصة الوفاة بسبب أمراض القلب.

ما مؤشر كتلة الجسم؟

مؤشر كتلة الجسم هو رقم يتم حسابه باستخدام طول الشخص ووزنه، وهو مؤشر موثوق به في معظم الحالات لتقييم الوزن الزائد أو نقص الوزن لدى معظم الأشخاص. ولا يقيس معامل كتلة الجسم مقدار الدهون في الجسم أو نسبتها، لكن الباحثين وجدوا أنه يرتبط بنسبة الشحوم في الجسم عادة، ومن ثم فهو يعد مؤشرا على كمية الدهون لدى الشخص، كما أنه وسيلة لتقييم المخاطر الصحية باستخدام وزن الشخص وطوله.

كيف يحسب مؤشر كتلة الجسم؟

يحسب مؤشر كتلة الجسم (BMI) -ويعرف أيضا باسم معامل كتلة الجسم- بقسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر، فمثلا إذا كان طول الشخص 170 سنتيمترا ووزنه 75 كيلوغراما، فيتم تحويل 170 سنتيمترا إلى وحدة المتر فيصبح 1.7، ثم يقسم الوزن على مربعه:
75/ 2(1.7) وتكون النتيجة في هذه الحالة 25.95.

أما الأشخاص الذين بلغوا من العمر 20 عاما أو أكثر فتقييم مؤشر كتلة الجسم لديهم كالتالي:

  • أقل من 18.5: الشخص يعاني من نقص في الوزن قد يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة لديه وزيادة مخاطر إصابته بترقق العظام، كما أن نقص الوزن قد يرتبط بمعاناة الشخص من أحد اضطرابات الطعام.
  • 18.5 حتى 24.9: الوزن طبيعي، ويعني ذلك أنه لا توجد مخاطر صحية مرتبطة بالوزن على صحة الشخص، مع تأكيد أن هذا لا يعني عدم وجود مخاطر صحية مرتبطة بأمور أخرى.
  • 25 حتى 29.9: الشخص يعاني من زيادة في الوزن.
  • 30 فأكثر: الشخص مصاب بالبدانة.

كيف يقارن مؤشر استدارة الجسم بمؤشر كتلة الجسم؟

كمقياس لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى والسرطان، وجدت أول دراسة تبحث في استدارة الجسم وتوزيع الدهون في الجسم أن مؤشر استدارة الجسم هو مؤشر أكثر دقة بكثير من مؤشر كتلة الجسم.

فقد يكون مؤشر كتلة الجسم مقياسا أكثر بدائية، ففي إحدى الدراسات التي أجريت العام الماضي لم تظهر النتائج زيادة كبيرة في خطر الوفاة لدى من يبلغون من العمر 65 عاما أو أكبر مع مؤشر لكتلة الجسم بين 22.5 و34.9. ومع ذلك، لا يبدو هذا صحيحا لدى الأشخاص المصنفين على أنهم يعانون من السمنة؛ فقد بينت دراسة أخرى أن وجود مؤشر كتلة الجسم فوق 30 يضاعف خطر الوفاة 4 مرات تقريبا.

يقول البروفيسور نوبل إن كلا المقياسين مفيد “لأنهما يذكراننا بأن زيادة الوزن سيئة لصحتنا”.

ومن المفيد أيضا أن يتمكن الأشخاص من قياس خصورهم وفهم التغيير فيها، فغالبا ما يكون هذا انعكاسا جيدا لصحتهم العامة وأي تغييرات في نمط حياتهم ربما أجروها دون أن يلاحظوا ذلك.

كيف يمكنك تحسين مؤشر كتلة الجسم الخاص بك؟

من المعروف أنه لا يمكنك حرق الدهون بشكل محدد، ولكن كما يقول البروفيسور نوبل “من الجيد جدا معرفة ما إذا كان مؤشر استدارة الجسم الخاص بك مرتفعا، ولكن الشيء المهم هو ما يمكنك فعله حيال ذلك”.

لن يؤدي تمرين قصير على جهاز المشي بالضرورة إلى حرق دهون البطن بمفرده، “فقد ثبت أن التمرين يزيد الشهية لدى البعض ويعوض عن الفائدة”، ولكن “نحن نعلم أن بناء العضلات مفيد جدا في تقليل الدهون الحشوية”.

على مدى فترة طويلة من الزمن، قد يكون تدريب القوة طريقة جيدة بشكل خاص لتقليل مؤشر استدارة الجسم (أو منع تمدد محيط الخصر).

وجدت إحدى دراسات جامعة هارفارد لعام 2014 أن رفع الأثقال هو أفضل طريقة لمنع زيادة محيط الخصر لدى الرجال، حتى عند القيام به لمدة 20 دقيقة فقط في اليوم.

لكن تغيير تكوين جسمك “لا يتطلب أي شيء مجنون”، كما يقول البروفيسور نوبل، مضيفا “بالنسبة لمعظم الناس، الأمر يتعلق فقط بمعرفة أنك تخليت عن السيطرة كثيرا، وضبط الأمور يكون باتباع نظام غذائي أكثر صحة وممارسة مزيد من التمارين الرياضية”.

شاركها.
Exit mobile version