تعد القطط من أكثر الكائنات التي يرق لها قلب البشر بسبب ميلها للعب والمداعبة، لكنها تستطيع أيضًا أن “تنبش” طريقها وصولاً إلى الصفوف الأمامية في مواقف عديدة، وقد حدث أن حققت بطولات مشهودة في الحروب الكبرى، وأسهمت في إنقاذ حياة الكثيرين.
وعلى الرغم من أنها لم تحظَ بأي مناصب رسمية في الحروب مثل الخيول أو الكلاب أو البغال، كان للقطط مكان على السفن والثكنات وبين صفوف الجنود في الجيش. وكثيرا ما كان يتم الترحيب بالقطط على متن السفن الحربية والثكنات العسكرية والمكاتب الميدانية، بشكل غير رسمي، للمساعدة في مكافحة القوارض.
إذ كان يمكن للفئران أن تدمّر مخازن الأطعمة الثمينة، كما كانت تسهم في انتشار الأمراض وحتى تدمّر الحبال والأسلاك المهمة في أجهزة اللاسلكي المهمة. ولتوفير بعض المرح بين صفوف الجنود، وتخفيفا للتوتر وصدمات واكتئاب الحرب، وجدت القطط نفسها تحظى بوظيفة رئيسية في الجيوش كـ”تميمة” لجلب الحظ الجيد، وأحيانا كأداة يمكن الاستعانة بها في تأدية بعض المهام البسيطة.
وتاليا بعض أمثلة لقطط لعبت أدوارا مهمة في حروب كبرى:
1- قط ينقذ كتيبة بريطانية من الموت جوعا
اندلعت حرب القرم في خمسينيات القرن الـ19، فدعمت بريطانيا وفرنسا الدولة العثمانية في حربها ضد الإمبراطورية الروسية.
كانت المعركة الرئيسية هي حصار القوات البريطانية والفرنسية لمدينة سيفاستوبل الخاضعة للسيطرة الروسية آنذاك لمدة عام كامل.
وبحلول الوقت الذي سقطت فيه المدينة، كان كلا الجانبين يعاني نقصا في الإمدادات ويتضور جوعا. وبينما كان الملازم البريطاني ويليام جير يبحث في قبو روسي عن الطعام لاحظ قطا يجلس على كومة من الأنقاض “مغطاة بالغبار والأوساخ”.
أحضر الملازم جير القط الذي أطلق عليه اسم “توم” إلى المخابئ مع الجنود، وهناك لاحظوا أنه يتغذى جيدا ولا ينقص وزنه أو يتضور جوعا مثلهم.
تبع الجنود البريطانيون توم إلى المدينة ليروا من أين يحصل على مثل هذا الإمداد الجيد من الفئران واكتشفوا كومة من الأنقاض المدفون تحتها مخزن مليء بالطعام. وعندما مات توم في عام 1856، تم تحنيطه وحفظه بمتحف الجيش الوطني بلندن.
2- بطل الحرب العالمية الثانية
في مايو/أيار 1941، أغرقت سفن الحلفاء المدرعة الألمانية “بسمارك” بعد معركة دامية استمرت 3 أيام. وكان من بين حطام السفينة قط باللونين الأبيض والأسود أطلق عليه طاقم السفينة البريطانية “إتش إم إس كوزاك” اسم “سام”.
بعد 5 أشهر، وفي أوج تداعيات الحرب العالمية الثانية، تم نسف السفينة البريطانية بواسطة قارب ألماني ونجا القط مرة أخرى، مما أكسبه لقب “الذي لا يغرق”. ثبت كم أن “سام” محظوظ في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1941، حين تم نقله إلى حاملة الطائرات “إتش إم إس آرك رويال”، لكن ما لبث أن تم نسف الحاملة بعد 3 أسابيع فقط.
وعندما أنقذ جنود بريطانيون رفاقهم الناجين من الضربة، وجدوا القط “قلقا بعض الشيء لكنه لم يصب بأذى”. وبعد تمرّسه في النجاة مع الفرق البريطانية، تقاعد القط من الخدمة العسكرية وقضى بقية حياته كصائد فئران لدى أحد المسؤولين البريطانيين وقد خلّد اسمه في التاريخ باعتباره بطلاً من أبطال الحرب.
3- القط الجاسوس بطل معركة “ستالينغراد”
كانت معركة “ستالينغراد” خلال الحرب العالمية الثانية واحدة من أكثر المعارك دموية في تاريخ البشرية الحديث، وفيها كان جنود الاتحاد السوفياتي يحاولون بشتى الطرق بعث رسائل استخباراتية شديدة الخطورة حول تحركات القوات الألمانية الغازية عبر المدينة.
وبحسب موقع “منتال فلوس” (Mental Floss)، فقد لاحظ قائد روسي أن القط الذي يسكن مقر قوات الجيش، ويُدعى “موركا”، دائما ما يجد طريقا للذهاب إلى المدينة ثم العودة مجددا.
أُمر “موركا” بمرافقة الكشافة في مهمات إلى المدينة، حيث تم إرفاق تقارير عن القوات الألمانية داخل طوقه بشكل سري مشفر، وعبرت القطة المدينة التي تحولت إلى ساحة معركة بحثًا عن المقر الرسمي للقوات السوفياتية، وهناك كان يتم استقباله بالترحيب والطعام لمكافأته.
بعد عدة مهمات ناجحة، فُقد أثر “موركا” في العمل ولا يزال مصيره مجهولاً.
4- القطة بولي وخدمتها في البحرية الأميركية
ولدت القطة المخططة “بابولي” أو “بولي” في قاعدة بيرل هاربور البحرية في هاواي يوم 4 يوليو/تموز عام 1944. أحضرها أحد أفراد طاقم سفينة النقل الهجومية “يو إس إس فريمونت”، لتشهد عدة معارك حاسمة خاضتها السفينة على جبهة المحيط الهادي.
اختارت بولي أن تنام في غرفة البريد أثناء المعارك، وقد حصلت على زيها الخاص ومُنحت 3 شرائط خدمة و4 نجوم معركة عن الفترة التي قضتها في البحرية.
5- القط سايمون وفوزه بميدالية حربية رفيعة
نجم آخر بين قطط السفن يُدعى “سيمون”، كان يقوم بواجبات الحماية من الفئران على متن السفينة الحربية البريطانية “أميثيست” عندما حوصرت السفينة في نهر اليانغتسي في عام 1949 خلال الحرب الأهلية الصينية.
أصيب “سايمون” في قصف المتمردين الشيوعيين للسفينة، لكنه تعافى وعاد إلى مهمة قتل الحشرات والقوارض والحفاظ على معنويات الطاقم.
وقد تم تسميته بـ”القط البحري” واشتهر عند عودته إلى بريطانيا، لكنه توفي هناك بعد فترة وجيزة ودفن بعد نيل شرف بحري بميدالية عسكرية رفيعة وهي “ميدالية ديكين للحيوانات”.
ولا يزال “سايمون” هو القط الوحيد الذي فاز بميدالية “ديكين” التي تمنح لمن يظهرون “شجاعة واضحة أو تفانيًا في أداء الواجب” أثناء خدمته لقوات المملكة المتحدة.