كشف استطلاع النوم في أميركا لعام 2020 أن “58% من الأميركيين، يشكون من تأثير الشعور بالتعب الدائم والرغبة في النعاس على حالتهم المزاجية”. وهو نفس ما يشكو منه كثير من الناس في جميع أنحاء العالم “أنهم مُتعَبُون طوال الوقت، ويشعرون بالحاجة إلى أخذ غفوة أثناء العمل؛ ويحاولون التغلب على ذلك بمزيد من فناجين القهوة، والذهاب إلى صالات الألعاب الرياضية، واتباع نظام غذائي صحي”.

لكنهم لا يزالون أقل اهتماما أو إلماما بالعلاج الأساسي والمناسب والمجاني لهذه الحالة، ألا وهو “النوم الجيد”، كما يقول الدكتور أبهيناف سينغ، اختصاصي طب النوم، ومؤلف كتاب “النوم للشفاء”، ومستشار “مؤسسة النوم” الأميركية (منظمة غير ربحية مستقلة مقرها في واشنطن العاصمة)؛ لصحيفة “يو إس إيه توداي”.

ولأن النوم الجيد أساس الصحة -بحسب سينغ- فهو يحتاج منا إلى “تغيير ثقافي”، للتخلص من عقلية اعتياد “النهوض ومواصلة الطحن على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع”، لاعتقادنا أن “العمل أهم من النوم”.

ولنعرف لماذا نحن متعبون طوال الوقت؟ ولماذا نشعر بالتعب في فترة بعد الظهر بالذات؟ وكيف نقلل من الاستيقاظ للذهاب إلى الحمام ليلا؟ وما التغييرات المطلوبة للحصول على نوم أفضل؟.

لماذا نحن مُتعبُون طوال الوقت؟

عندما يشكو الناس أنهم مُتعَبُون دائما، فإنهم يفعلون ذلك غالبا “لشعورهم بالإرهاق، ونقص الطاقة، والنعاس خلال النهار”، بحسب دكتور سينغ، الذي يصف الشعور بالتعب بأنه ليس طبيعيا، مهما حاولنا التعايش معه والتعود عليه.

ويُرجع هذه الحالة المزعجة لأسباب تتراوح بين قِصر مدة النوم، “إذ يجب أن يبلغ متوسط عدد ساعات النوم للبالغين حوالي 7 ساعات في الليلة”، أو عدم جودة النوم، بسبب “الاستيقاظ المتكرر للذهاب إلى الحمام أو تفقد الأطفال، أو صوت شخير أحد النائمين، أو أي أجواء أو بيئة غير مريحة”.

أو لأسباب صحية، قد تشمل “خلل الغدة الدرقية، أو مرض السكري، أو عدم كفاية التغذية، أو مشاكل في القلب، أو الآثار الجانبية للأدوية، أو الاضطرابات الهرمونية، أو اضطرابات المزاج”.

وقبل أن يؤدي كل ذلك إلى بعض العواقب، ينصح سينغ قائلا “إذا لم تكن راضيا عن جودة نومك، فعليك باستشارة طبيب أو متخصص، “لإجراء فحص دم تفصيلي، وتقديم الرعاية الأولية لصحتك، بدلا من تقديمها لمرضك”.

3- تنظيم النوم يبدأ من تحديد ساعات وأوقات النوم والبيئة المحيطة- (بيكسلز)

لماذا نشعر بالتعب في فترة بعد الظهر بالذات؟

وفقا لمؤسسة النوم، لا داعي للشعور بالقلق أو الإحباط من نوبات الخمول التي قد تهاجمنا في فترة بعد الظهر، “فهي جزء طبيعي من إيقاع الساعة البيولوجية لدينا”؛ حيث تنخفض مستويات اليقظة عادة بعد منتصف الليل، وبعد وقت الغداء.

لهذا، يوصي دكتور سينغ باقتناص فترة هدوء وقيلولة تستغرق من 20 إلى 25 دقيقة، للمساعدة في العودة إلى يومك وأنت تشعر بالانتعاش؛ أما إذا وجدت نفسك “تغفو” لساعات متواصلة، “فقد يكون ذلك مؤشرا على وجود مشكلة أكبر في جودة نومك”.

كيف نُقلّل من مرات الاستيقاظ للذهاب إلى الحمام ليلا؟

للحد من الاستيقاظ الليلي غير الضروري، الذي يمكن أن يضر بصحتك، وقد يؤدي لليقظة الكاملة وعدم التمكن من العودة إلى النوم مرة أخرى، تقترح الدكتورة ليزا شتراوس، الحاصلة على دكتوراه في علم النفس، والطبيبة النفسية المتخصصة في اضطرابات النوم، حلا غير تقليدي هو ضبط الساعة البيولوجية لدخول الحمام بعيدا عن موعد النوم، والامتناع عما يؤدي لاستعمال الحمام.

موضحة أن هناك سببا محتملا آخر للتبول الليلي المُفرط، غير مرض السكري، وانقطاع التنفس، وتضخم البروستاتا، والكافيين، وهو “إيقاع الساعة البيولوجية”.

حيث تفرز أجسامنا هرمون يُسمى “فازوبريسين” (Vasopressin)، يعمل على تقليل كمية البول والحفاظ على الماء في الجسم طوال اليوم، ولكن إفرازه يقل أو يتوقف ليلا غالبا، حتى قرب نهاية نومنا، “للمحافظة على رطوبة الجسم وتقليل الحاجة للذهاب للحمام ليلا”.

فإذا كانت مواعيد نومك غير متوافقة مع للساعة البيولوجية المنظمة لإفراز هذا الهرمون، كأن تنام مبكرا أكثر من اللازم، على سبيل المثال، فقد لا يفرز جسمك ما يكفي من هرمون فازوبريسين الكابح لإدرار البول في الأوقات المناسبة، مما يوقظك للذهاب إلى الحمام. مع احتمال أن يؤدي كل تشغيل لضوء الحمام، إلى تثبيط إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم.

ولتفادي حدوث هذا، وجعل النوم أكثر راحة، تنصح شتراوس باستخدام إضاءة خافتة في الحمام، وعدم المبالغة في النوم مبكرا.

التغييرات التي يجب إجراؤها للحصول على نوم أفضل

يقول الدكتور هال ألبرت، اختصاصي طب النوم المعتمد، “ربما تستيقظ مُتعَبا بسبب سوء نوعية النوم أو بسبب أكثر خطورة مثل انقطاع التنفس أثناء النوم”.

ويُعرّف دكتور سينغ انقطاع التنفس أثناء النوم، بأنه اضطراب يحدث عندما تسترخي عضلات الحلق، وتمنع تدفق الهواء، مما يُؤثر على نسبة الأكسجين في الدماغ، ويوقظ الشخص مُسببا عدة أعراض، منها “الاستيقاظ لاستعمال الحمام، والصداع بعد الاستيقاظ، والنعاس الصباحي، وزيادة الوزن وصعوبة فقدانه، وتغيرات التركيز والمزاج”.

كما يمكن أن يؤدي تأخر علاجه إلى “ارتفاع ضغط الدم والسكري، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية”.

  • ولتفادي ذلك يوصي دكتور ألبرت بتحسين جودة النوم، بإدخال 5 تغييرات قبل الاستعداد للنوم، تشمل:
  • المواظبة على التمرين، والالتزام بموعد ثابت لكل من النوم والاستيقاظ.
  • ألا تتجاوز القيلولة 30 دقيقة يوميا.
  • تخصيص دقائق للاسترخاء والتأمل، أو الحمام الدافئ، أو القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة.
  • قصر استخدام غرفة النوم على النوم فقط، والاحتفاظ بقلم وورقة، لتدوين أي أفكار قد تسبب الأرق.
  • تجنب الكافيين والشاشات قبل النوم.

ويقول دكتور سينغ “إذا نمت 7 أو 8 ساعات، ونجحت في جعل نومك أفضل، فمن المتوقع أن تشعر بمزيد من الانتعاش واليقظة والنشاط”. ولكن ” إذا وجدت نفسك رغم ذلك لا تزال تستيقظ متعبا ولديك شعور بنقص الطاقة والنعاس المفرط”، فهذا يعني أن هناك شيئا ما يحتاج لمراجعة الطبيب.

شاركها.
Exit mobile version