يتغيّر كل شيء عندما تنتقل إلى منزل جديد؛ من رائحة الغرف إلى أصوات ممرات المبنى وحتى الإطلالات. لذلك لا يميل الناس عادةً لتغيير منازلهم إلا إذا اضطروا إلى ذلك. ومع ذلك، فإن كيفية تكيف شخص ما مع التغيرات يعتمد على ظروفه.

تقول الطبيبة النفسية إيفا سيلمان “الانتقال إلى قارة أخرى مع وجود أطفال يمثل تغييرا جذريا بالطبع بسبب تغير كامل البيئة الاجتماعية والثقافية”، واستدركت “لكن الانتقال إلى شقة كبرى على بعد ثلاثة شوارع من الشقة القديمة لا ينطوي على التغيير الكبير نفسه بالنسبة لزوجين”.

في المقابل، فإن الانتقال من شقة وسط المدينة إلى بيت في الضواحي أو العكس يمكن أن يصيب الإنسان باختلال في التوازن، إذ يقول المدرب بيرنيل بينكي “إذا أمضيت وقتا طويلا في منزل واعتبرته ملاذا آمنا، فإن مثل هذا التغيير سيكون صعبا حتى إذا بقيت دائرة أصدقائك كما هي”.

وفي حالات أخرى، ينتقل الناس من المنزل لوداع مرحلة معينة من حياتهم، فالانتقال من شقة مشتركة إلى مكانك الخاص يمكن أن يعني نهاية أيام دراستك، وأيضا الانتقال من المنزل الذي نشأ فيه الأطفال يعني أن يترك المرء أيام طفولتهم وتجربة تربيتهم خلفه.

ويمكن أن يمثل الانتقال تجربة مؤلمة حال فقد شخص عزيز. يقول بينكي “النساء اللاتي مررن بتجربة الانفصال أو توفي أزواجهن غالبا ما يجدن صعوبة في ترك عشهن الممتلئ بالذكريات”.

كما من الممكن أن تحمل الغرف الكثير من الذكريات مثل غرفة المعيشة، حيث كان المرء يجتمع بأفراد الأسرة، أو الركن في المطبخ الذي اعتاد أن يتناول قهوته الصباحية فيه. وأضاف “هذه الغرف مملوءة بالمشاعر بحيث من الصعب للغاية تركها”.

كيف تعيش تجربة انتقال ناجحة؟

لذلك يكمن السؤال في: كيف يمكن أن يؤدي الانتقال من مكان آخر إلى بداية إيجابية وجديدة؟

تنصح إيفا سيلمان بالتفكير في تجربة الانتقال بكل جوانبها قبل الإقدام عليها، وليس فقط باللوجستيات المتعلقة بنقل الأشخاص وإعادة التسجيل وحزم الصناديق. وتشدد الطبيبة النفسية على ضرورة التفكير في ما سيحدث بعد “يوم الانتقال الكبير”.

وربما يخفف من الضغط والقلق تفكير المرء فيما يريد أن تبدو حياته الجديدة عليه في المكان الجديد؛ ففكرة اكتساب أصدقاء جدد يمكن أن تكون شاقة، خاصة إذا لم يكن المرء على معرفة بأي شخص في المنطقة الجديدة.

وتوصي سيلمان بدراسة ما إذا كانت هناك أي رياضات أو نواد أو أنشطة ترفيهية أخرى يخطط المرء للانضمام إليها، إذ إن هذه الأنشطة غالبا ما تكون وسيلة أسهل للقاء أشخاص.

من جانبه، أشار بينكي إلى أن تدوين الجوانب الإيجابية للانتقال، على سبيل المثال، ستمنح المرء فرصة لإعادة تنظيم منزله الجديد أو تجربة لون جديد. وربما تكون المسافة بين العمل ومكان الإقامة الجديد أقصر، لذلك يمكن للمرء اقتناص الفرص للقاء أشخاص جدد واكتشاف مقاهٍ جديدة، أو ببساطة الاستمتاع بالشرفة الجديدة.

ويوضح “إذا فكرت في الأمر بما فيه الكفاية، من المرجح أن تتوصل لأمور أكثر”. احمل هذه الأمور معك عندما تحدق في الجدران الأربعة لمنزلك الجديد.

كيف تودّع منزلك القديم؟

وتعني البدايات الجديدة وداع الأمور القديمة. يقول بينكي إنه يتعين عليك محاولة كتابة رسالة وداع للمنزل القديم. ما الذي مررت به هناك؟ وما محطات حياتك التي أمضيتها في هذا المنزل؟ ما الذي ستأخذه معك؟ وما الذي ستتذكره إلى الأبد؟

 

وأشار بينكي إلى طقوس وداع أخرى، إذ “يمكن للمرء إخفاء أمر ما متعلق بالوقت الذي قضاه في الشقة، مثل عملة معدنية أو خطاب أو صحيفة أسفل لوح أرضي غير مثبت بإحكام أو إطار ربما يتم اكتشافه بعد أجيال لاحقة”.

كما يمكن إقامة مأدبة عشاء أو حفل لوداع الشقة ليكون بمثابة إغلاق فصل في حياتك. لكن يتعين أن يقوم المرء بذلك إذ رغب فيه، لا لأنه يشعر بأنه يؤدي واجبا. وربما يفضل بعض الأشخاص السلام والهدوء بالإضافة إلى وقت للتجول في أنحاء الغرف مجددا قبل إغلاق هذا الباب خلفهم للأبد. وفي النهاية، اختيار مراسم الوداع هو أمر شخصي.

وحتى إذا قمت بكل ما يلزم لضمان انتقال ناجح، فإن الليلة الأولى في الشقة الجديدة تبقى غريبة. وليشعر المرء بالراحة في المنزل الجديد، يقترح بينكي أن يحزم المرء صندوقا خاصا يحتوي على أغراض تبعث على الراحة، مثل الشموع والصور على سبيل المثال، ويجب أن يكون هذا الصندوق هو أول ما يقوم بتفريغه في الشقة الجديدة.

شاركها.
Exit mobile version