على مدار قرون مضت، يعد سوق القيصرية في منطقة الأحساء شرق السعودية أحد أهم المعالم التراثية الخاصة في رمضان، فمع دخول الشهر المبارك تعج ممرات السوق الضيقة بالمرتادين الباحثين عن مستلزماتهم الرمضانية.

ومع مرور الوقت، تحول سوق القيصرية من مكان يلبي حاجة المستهلكين بمستلزماتهم الرمضانية إلى أحد معالم المنطقة الشرقية المرتبطة بقدوم الشهر الفضيل، فيذهب إليه حتى من لا يريد شراء أي مستلزمات حتى يشعر بالأجواء الرمضانية المختلفة في هذا المكان.

يقع السوق في حي الرفعة بمدينة الهفوف، ويضم نحو 422 محلا، تحاكي تصاميمها المعمارية التراث القديم لأبناء المنطقة الشرقية من ممرات مغلقة ومسقوفة تميزت بارتفاعها لتشكل ارتياحا للمرتادين والاستفادة من ذلك للتهوية والإضاءة الطبيعية، مما يجعل التجول في السوق متعة تشعر بالحنين للماضي.

ولسوق القيصرية -الذي كان يعد الأقدم والأكبر بمنطقة الخليج- بعد اقتصادي حيوي ممتد من الأحساء التي لعبت على مدى تاريخها دورا في دفع الحراك الاقتصادية للمملكة، علاوة على بعد تاريخي تراثي ثقافي تمثَّل في عمارة السوق وتشعباتها ومحتوياتها وصناعاتها وحرفها المهنية ومنتجاتها.

ويتميز السوق بتنوع أنشطته ومجالاته ومعروضاته المتضمنة للصناعات التقليدية والنحاسية وصناعات الجلود والأحذية، وبيع الذهب والساعات والعطور، والأقمشة والملابس والبشوت والعباءات، والمستلزمات الرجالية والنسائية، والأثاث المنزلي، والأدوات الكهربائية، والأواني المنزلية، والمواد الغذائية.

تاريخ السوق يمتد لأكثر من قرنين من الرزمان (واس)

دكاكين متفرقة

وقال مؤرخون إن سوق القيصرية شهد في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود تجديدا لبناء السوق الذي كان حتى العشرينيات الهجرية من القرن الماضي عبارة عن دكاكين متفرقة، مؤكدين أن هذا السوق كان قائما في القرن الـ19 لذكر الرحالة له في مذكراتهم، وكذلك لوجود وثائق تدل على ذلك.

وأشار المؤرخون إلى أن مما يميز تصميم سوق القيصرية أبواب المحلات التي تسمى (كبنك) وتتألف من 3 قطع، قطعتان يجلس عليها صاحب الدكان، ويضع فيها (القفة) المصنوعة من جريد النخل، والتي يحفظ فيها الأرز والقهوة، والقطعة الثالثة ترفع إلى أعلى وتعقد بخشبة في الحائط، وهذا النوع من الأبواب كان يتميز به سوق قيصرية الإحساء من دون سواه من الأسواق القديمة بمنطقة الخليج.

وقبيل قدوم رمضان أطلق بالمنطقة الشرقية مهرجان “ليالي القيصرية” الذي يعرض الفنون الشعبية والحرف اليدوية والمأكولات الشعبية والتراثية، ويهدف إلى تسليط الضوء على أهمية السوق كموقع تراثي عالمي، تم تسجيله من قبل منظمة اليونسكو، وكعضو في شبكة المدن الإبداعية العالمية في مجال الحرف اليدوية والفنون الشعبية.

ومع انتصاف رمضان المبارك يزداد الإقبال على السوق للمشاركة في الاحتفال السنوي التراثي “يوم القرقيعان” حيث يتميز سوق القيصرية بأنه ليس فقط كونه مكان احتفال بهذه المناسبة التراثية بل كونه أيضا يضم كل ما يستلزم الاحتفال بيوم القرقيعان من المكسرات والحلويات التي توزع على الأطفال في هذ اليوم.

شاركها.
Exit mobile version