أظهر تقرير الأمم المتحدة حول الشيخوخة في العالم، أنه “بحلول عام 2050، سيكون 1 من كل 6 أشخاص في العالم فوق سن 65 عاما، ومن المتوقع أن يكون عدد الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر في جميع أنحاء العالم، ضِعف عدد الأطفال دون سن الخامسة، ومساويا تقريبا لعدد الأطفال دون سن 12 عاما”.

وذلك لأن “معظم الناس يميلون إلى العيش في آخر 10 سنوات من حياتهم مثقلين بالأمراض أو بأسلوب حياة خاطئ”؛ كما يقول طبيب الأمراض الباطنية سكوت براونشتاين، لموقع “فورتشن”.

مُعللا ذلك بأننا غالبا ما نفكر في “العمر المتوقع”، الذي يقاس بعدد السنوات التي نعيشها من الولادة حتى الوفاة، وننسى “العمر الصحي” الذي يُقدر بالسنوات التي نحافظ فيها على “حياة خالية من الأمراض المزمنة والموهنة، قدر الإمكان”؛ مع أن “الفجوة بين العمرين تبلغ حوالي 10 سنوات”، وفقا لدراسة نشرت عام 2021.

كما يؤكد خبير العمر الصحي الطويل بيتر ديامانديس، أنه رغم أن هناك 8 مليارات شخص ينتظرون دورهم للوصول إلى الشيخوخة، لكن الأبحاث تشير إلى أن “عوامل نمط الحياة تلعب دورا حيويا في تقدمنا ​​في السن”؛ ليس من خلال تناول طعام صحي وممارسة الرياضة فحسب، ولكن عبر بناء “عقلية العمر الصحي الطويل”.

عقلية العمر الصحي الطويل

لأن أجسامنا بارعة في إخفاء المرض بشكل مثير للإعجاب، لدرجة تجعل معظمنا يعرف تفاصيل أكثر بكثير عما يحدث داخل السيارة أو الثلاجة، “مقارنة بما يعرفه عما يحدث داخل جسمه”.

تأتي أهمية بناء عقلية العمر الصحي الطويل، وهي “العقلية التي يمكن أن تساعد على إعطاء الأولوية للشيخوخة الصحية، وبذل المزيد من الجهد لفهم عوامل الخطر داخل الجسم، والتصرف حيالها في وقت مبكر”، كما يقول ديامانديس.

حيث تؤكد الأبحاث أن “وجهات النظر السلبية حول الشيخوخة يمكن أن تقصر من أعمارنا”، كما يمكن لوجهات نظر المجتمع حول التقدم في السن، أن تمنع الأشخاص من الانخراط في مجتمعهم أو تجربة أشياء جديدة، تعتبر أساسية لمكافحة الآثار الصحية الجسدية والعقلية الضارة للوحدة؛ “مما يعرضهم للإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية والأمراض المزمنة المسببة للوفاة المبكرة”.

نموذج لبناء عقلية العمر الصحي الطويل

قدم موقع “بزنس إنسايدر” تجربة جراح الأعصاب الأميركي جوزيف مارون، الذي يبلغ من العمر 83 عاما، ويمارس العديد من الرياضات، كنموذج لنمط حياة يعزز عقلية العمر الصحي الطويل.

فقد غَيّر مارون أسلوب حياته ونظامه الغذائي في الأربعينيات من عمره، عندما وجد نفسه يكافح من أجل صعود الدرج، بعد أن ظل يعيش على الوجبات السريعة ولا يمارس الرياضة، ثم ما لبث والده أن توفي في العام نفسه، “مما أوصل صحته الجسدية والنفسية إلى أدنى مستوى لها”. قبل أن يقترح عليه أحد الأصدقاء أن يجرب الجري لتخفيف اكتئابه، فبدأ في إجراء تغييرات تدريجية في نمط حياته، ومارس المزيد من التمارين الرياضية وتناولِ طعام أفضل.

تأخير الشيخوخة كبار السن تمارين

4 مبادئ غذائية للتمتع بعمر صحي أطول

بحلول سن 53 عاما، سجل مارون بأول سباق للجري، وشارك بعدها في 8 سباقات أخرى، وأصبح يستخدم 4 مبادئ غذائية رئيسية للتمتع بصحة جيدة وعمر مديد، وهي:

  • اتباع النظام الغذائي المتوسطي، لتركيزه على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والفاصوليا والبقول والدهون الصحية مثل زيت الزيتون، إلى جانب الأسماك واللحوم في بعض الأحيان.
  • تجنب الأطعمة فائقة المعالجة، مثل ألواح البروتين والهوت دوغ والمشروبات الغازية والوجبات المعبأة والحلويات ورقائق البطاطس، لما تتضمنه من إضافات وأملاح وسكريات ودهون مشبعة، ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض مثل السرطان والخرف وأمراض القلب.
  • تجنب الدهون المتحولة، وهي الدهون المُصنعة عن طريق هدرجة الزيت النباتي، وتعتبرها إدارة الغذاء والدواء الأميركية “غير آمنة للأكل” منذ عام 2015، لكنها لا تزال موجودة في أطعمة مثل السمن، ومبيضات القهوة، والفطائر والمخبوزات المعبأة، وفقا لأخصائية التغذية كريستين غيليسبي.

وتكمن خطورتها في رفعها لمستويات الكوليسترول الضار في الدم، وخفضها مستويات الكوليسترول الجيد، “مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية”، بحسب دانا هانيس، أخصائية التغذية بجامعة كاليفورنيا.

  • التقليل من السكر، يقول مارون إن النظام الغذائي الأكثر صحة يتضمن “تجنب الكثير من الأشياء التي يحب الناس تناولها، بما فيها السكر”.

فعندما يستقبل الجسم السكر، فإنه ينتج منتجات “ترتبط بزيادة أمراض القلب والسكري والكلى والزهايمر”، بحسب هايدي تيسينباوم، أستاذة علم الأحياء في كلية الطب بجامعة ماساتشوستس، والتي توصي بالحفاظ على استقرار السكر في الدم، بتناول مزيد من الأطعمة المليئة بالألياف، وتجنب الأطعمة فائقة المعالجة المليئة بالسكر المضاف.

روتين يومي بسيط لتعزيز طول عمرك الصحي

بحسب كين فو، اختصاصيّ طب الشيخوخة، “قد تساعد الروتينات اليومية التي لا تستغرق أكثر من 5 دقائق، في إضافة سنوات صحية إلى حياتك”، وهذه 4 أمثلة عليها:

مراكمة العادات، فبدلا من بدء عادة جديدة من الصفر، ينصح فو بدمجها ضمن روتينك اليومي “لمزيد من الالتزام”، مثل أن تجعل من استعمال الهاتف أو تناول القهوة أو الذهاب إلى الحمام، محفزات لإضافة عادة جديدة مثل التمارين السريعة، أو التنفس العميق، على سبيل المثال.

قم بتمارين رياضية لمدة 5 دقائق، حيث تشير الأبحاث إلى أن “التمرين المنتظم قد يكون أحد أفضل أدوات مكافحة الشيخوخة المتاحة”، ويقول فو، إن 5 دقائق من التمارين اللطيفة وتمارين التنفس، سوف تمنحك الطاقة اللازمة”. كما يمكن أيضا الاستفادة من حركات مثل القرفصاء أو الجلوس على الحائط أو المشي السريع، في تصفية ذهنك أو إعطاء نفسك دفعة.

مارس الامتنان، يقول فو “إن البدء بممارسة الامتنان، طريقة بسيطة لتقليل التوتر وتحسين الصحة العقلية”، وذلك بالتفكير -ولو أثناء تنظيف أسنانك بالفرشاة- في 3 أشياء قد تبدو عادية، لكنها تستحق الامتنان، مثل قهوتك الصباحية، أو صحة عائلتك.

وبمرور الوقت، يمكن أن يساعدك ذلك على أن تصبح أكثر وعيا واهتماما بالعالم من حولك، بالإضافة إلى “حماية صحتك الجسدية، من خلال عوامل مثل خفض ضغط الدم”، وفقا للأبحاث.

تواصل مع الناس، فالأبحاث تشير إلى أن “التفاعل الاجتماعي يشكل جزءا أساسيا لمساعدة بعض الأشخاص على العيش حياة أطول وأكثر صحة”.

شاركها.
Exit mobile version