بعد الأداء الضبابي المفكك الذي ظهر به الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مناظرة الانتخابات الرئاسية 2024 أمام منافسه الجمهوري دونالد ترامب، قبل أن ينسحب من الترشح تساءل كثير من الأميركيين عن السن المناسبة للتقاعد والتخلي عن الوظيفة والمسؤوليات الرسمية والاستمتاع بالحياة والعائلة وممارسة بعض الهوايات، ليس فقط على مستوى القادة، بل في مختلف مستويات القوى العاملة على مستوى العالم أيضا.
هناك عديد من الأسباب التي قد تجعل الأشخاص يؤخرون التقاعد؛ ربما ليست لديهم مدخرات كافية، أو أنهم يجدون المعنى والإنجاز في وظائفهم، أو أن هوياتهم تتشابك مع مهنتهم، فقد يختار بعض الناس أيضا التمسك بعملهم لأنهم يستمتعون بالسلطة والهيبة التي تأتي معها.
في مقابلة مع مو وانغ، الأستاذ في جامعة فلوريدا الذي يدرس التقاعد وتوظيف العمال الأكبر سنا، طرح موقع فوكس مجموعة من الأسئلة عن ظروف تحديد السن المناسبة للتقاعد.
يقول وانغ “في ما يخص العاملين المحترفين بعد التقاعد، لقد رأينا أنه لا يزال بإمكانهم الانخراط في بعض أنشطة العمل المشابهة من حيث العمل التطوعي، أو قد يمارسون بعض الأنشطة الأخرى المشابهة لوظيفتهم قبل التقاعد. سيكون ذلك جيدا بالنسبة لهم لاستبدال هويتهم العمالية. ووجدنا أيضا أن الدعم الأسري القوي والمشاركة الأسرية من شأنه أن يساعد في استبدال هوية العامل، لأنه في بعض الأحيان -بعد التقاعد- يستمتع الأشخاص حقا بكونهم أجدادا”.
وأضاف “نحن نشجع العمال على الانتقال إلى دور التوجيه، ونقل المعرفة والخبرة إلى الجيل القادم. وهذا غالبا ما يساعد في جعل المتقاعد يشعر بأنه ما زال منخرطا في مجاله المهني ولا يزال يساهم في المنظمة. وذلك للسماح لهم بالحفاظ على القليل من هويتهم العمالية، حتى لا يضطروا إلى توديع كل شيء فجأة”.
التقييم المناسب لتحديد سن التقاعد
أوضح وانغ أنه -على افتراض أن العاملين هم أصحاب القرار الوحيدون- يتعين علينا في معظم الأوقات أن نفكر في الأمر من وجهة نظر صاحب العمل أيضا، وإذا ما كان صاحب العمل يتحمل أي تكلفة فرصة لعدم استبدال العامل، حتى لو كان العامل على استعداد للبقاء. إن مجرد تحفيز العامل حقا للعمل لا يعني أنه يجب علينا دائما إبقاء الأشخاص في الوظيفة نفسها، ربما يمكننا تغيير الوظيفة أو إعادة تخصيصها وفقا لقدراتهم على العمل حتى يمكن استخدام رأس مالهم البشري بشكل أفضل.
في كثير من الأحيان يكون عنصر الصحة البدنية هو السبب في عدم التمكن من الاستمرار في العمل، أو تلبية مطالب الأسرة، مثل رعاية أحد أفراد العائلة. وعادة ما يُنظر إلى هذه الحالات على أنها حالات تقاعد غير طوعية. إنهم لا يختارون التقاعد حقا، لكن الوضع يملي عليهم التقاعد.
متى تفكر في ضرورة التقاعد الطوعي؟
القوانين والتشريعات المحلية: تختلف قوانين التقاعد من دولة إلى أخرى؛ في بعض البلدان، يتم تحديد سن التقاعد القانونية (عند 60 أو 65 سنة)، وقد تكون هناك خيارات للتقاعد المبكر أو المتأخر مع تأثيرات على المعاش التقاعدي.
الوضع المالي: يعتمد القرار على الحالة المالية الشخصية للفرد ومدى قدرته على الاعتماد على المدخرات والمعاشات التقاعدية لتغطية نفقاته بعد التقاعد. يفضل القيام بتقييم شامل للوضع المالي بمساعدة مستشار مالي.
الحالة الصحية: يمكن أن تؤثر الحالة الصحية على القدرة على الاستمرار في العمل، فقد يكون من الأفضل لبعض الأشخاص التقاعد في سن مبكرة لأسباب صحية.
الأهداف الشخصية: بعض الأشخاص يفضلون التقاعد في وقت مبكر لتحقيق أهداف شخصية مثل السفر أو قضاء مزيد من الوقت مع العائلة.
طبيعة العمل: طبيعة العمل قد تكون عاملا مهما في اتخاذ القرار. الأعمال التي تتطلب جهدا بدنيا كبيرا قد تجعل التقاعد في سن مبكرة أكثر جذبا.
الآثار الإيجابية لتقديم سن التقاعد
تقديم سن التقاعد قد تكون له آثار إيجابية عديدة على الأفراد والمجتمع. الدراسات العلمية التي تناولت هذا الموضوع قدمت رؤى حول الفوائد المحتملة لتقديم سن التقاعد، مثل:
-
تحسين الصحة العامة:
كشفت دراسة لجامعة هارفارد عن أن الأفراد الذين يتقاعدون في سن مبكرة يتمتعون بصحة بدنية وعقلية أفضل. قلة الضغوط المرتبطة بالعمل اليومي تساعد في تقليل مشاكل القلب وضغط الدم والاكتئاب.
-
تعزيز العلاقات الأسرية:
أظهرت دراسة من جامعة أكسفورد أن المتقاعدين في سن مبكرة يكون لديهم وقت أكبر لقضاء مع الأسرة والأصدقاء، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويقلل من العزلة الاجتماعية.
-
السعادة وزيادة الرضا عن الحياة:
أوضحت نتائج بحث أجرته جامعة أمستردام أن التقاعد المبكر يرتبط بزيادة الرضا عن الحياة والشعور بالرفاهية الشخصية؛ الأفراد يجدون الوقت لمتابعة اهتماماتهم الشخصية وتحقيق التوازن بين الحياة والعمل.
-
فرص عمل للشباب:
أشار تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن تقديم سن التقاعد يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة للشباب، مما يساعد في تقليل معدلات البطالة بينهم وتحفيز الاقتصاد.
-
تحسين الإنتاجية والإبداع:
أوصت دراسة من معهد أبحاث التقاعد بأن إدخال جيل جديد إلى سوق العمل يمكن أن يؤدي إلى تحسين الإنتاجية والإبداع داخل الشركات والمؤسسات.