مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، نلجأ عادة لعدة وسائل في محاولة لتبريد أجسامنا وتجنب الإجهاد الحراري. وفي مثل هذه الظروف، يبدو بديهيا أن يقل إقبالنا على تناول الأطعمة المختلفة، خاصة الساخنة منها، لكن هل حقا يمكن أن يحدث نظامنا الغذائي فرقا في شعورنا بالحرارة؟

وتشير أبحاث علمية إلى أن طعامنا يحدث فرقا بالفعل، لذلك نستعرض في ما يلي بعض النصائح الكفيلة بخفض درجة حرارة أجسامنا:

طعام المناطق الحارة

تقول مجلة “تايم” إن أولى الخطوات لمعرفة الطعام الأنسب تكمن في التعرف على الأطعمة المتوفرة بشكل طبيعي في المناطق الأكثر دفئا في العالم. فمن جنوب شرق آسيا، مثلا، جاء الكاري والفلفل الحار. ورغم أنهما يجعلاننا نتعرق ونشعر بمزيد من السخونة، فإن هذا شعور مؤقت يسبق مساهمتهما في تبريد الجسم، حسب العضو السابق في هيئة التدريس بكلية الطب بجامعة “هارفارد” وليام لي.

تناول هذه الأغذية يسّرع نبضات القلب ويصعب التنفس، فتبدأ أجسامنا في التعرق، ومع الوجود في طقس حار بالفعل فربما نشعر بأن كل شيء يحترق. لكنها وسيلة التبريد التي تلجأ إليها أجسامنا، فبعد لحظات تعمل الرطوبة على تبريد الجلد، لتنخفض درجة حرارة الجسم.

ينشّط تناول الأطعمة الحارة هذه العملية، ولهذا السبب تحظى تلك الأطعمة بشعبية كبيرة في المناطق الحارة.

كيف يؤثر النظام الغذائي؟

كشفت دراسة، أجراها باحثون بجامعة تورنتو الكندية عن الاحتياجات الغذائية في المناطق الحارة، أن شعورنا بالحرارة لا يخضع للبيئة المحيطة أو لدرجة حرارة الجو فحسب، بل يساهم الجسم في رفعها أيضا. وللطعام “تأثيرات حرارية” بسبب عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي يمكن القول إن الشهية تؤثر في درجة حرارة الجسم، تماما كما تؤثر درجة حرارة الجسم في الشهية!

ويساهم تقليل السعرات الحرارية اليومية في خفض درجة حرارة الجسم، إذ يستخدم الجسم السعرات الحرارية لإنتاج الطاقة في عملية ترفع درجة حرارته. وأشارت دراسة نشرتها مجلة “آيجينغ” عام 2011 إلى أن تقليل السعرات الحرارية اليومية بنسبة 23% يمكن أن يساهم في خفض درجة حرارته لنحو نصف درجة مئوية.

وللسبب ذاته، يفيد هنا الصيام المتقطع الذي يخفض درجة حرارة الجسم بتحفيزه على حرق السعرات الحرارية بشكل مختلف، إذ تشير دراسة جامعة تورنتو إلى اختلاف درجات الحرارة بين حيوان يحصل على قدر معين من السعرات الحرارية، وآخر لا يحصل على القدر ذاته بما يصل إلى 5 درجات في المكان نفسه.

أما المجلة البريطانية للتغذية، فنشرت نتائج دراسة توصلت إلى أن إضافة الدهون إلى النظام الغذائي بما يزيد السعرات الحرارية بنسبة 50%، أنتجت زيادة بلغت 47% في التأثيرات الحرارية للنظام الغذائي. على سبيل المثال، أدى تناول اللحم البقري المفروم مع الطماطم المطهية إلى رفع درجة حرارة الجلد درجتين في المتوسط بعد نحو ساعة من تناول الوجبة، وفق  موقع أليمنتي.

لا تُهمل الترطيب

وفي الشأن ذاته، ذكّر الخبراء بأن جسم الإنسان يحتاج للحصول على المياه التي تمثل 70% من تكوينه ليقوم بوظائفه بشكل صحيح. وفي درجات الحرارة المرتفعة، يزيد احتياجنا إلى المياه، والتي يمكن أن يصبح النظام الغذائي مصدرا لها، فالخضروات التي تحتوي على نحو 95% من الماء، مثل الخس والسبانخ، والفواكه مثل البطيخ والبطيخ والخوخ أيضا، يمكن أن تعوض المياه المفقودة عبر العرق، فضلا عن أنها منخفضة السعرات الحرارية وغنية في الوقت ذاته بالفيتامينات.

ووفق موقع وكالة الأنباء الإسبانية، فإن تناول كميات كافية من المياه أمر شديد الأهمية، وتنبه أستاذة التغذية بجامعة لاريوخا كارمن غونثاليث فاسكيز إلى أن اتباع بعض الحميات الغذائية لإنقاص الوزن بشكل سريع -والذي يكثر في شهور الصيف- يمثل خطرا على الصحة، إذ يحتاج الجسم في هذه الفترة إلى التغذية الجيدة بقدر ما يحتاج للترطيب، وبدرجة الأهمية ذاتها، ومن ثم فإن الحصول على سعرات حرارية أقل لا يعني إهمال ما تحتويه أنظمتنا الغذائية من فيتامينات ومعادن.

ونظرا لارتباط درجات الحرارية العالية بقلة الشهية، تنصح فاسكيز بتناول وجبات صغيرة مغذية مرطبة لتجنب التعب، ويمكن أن تكون 5 وجبات مثلا بدلا من الوجبات المعتادة، على أن تكون وجبات أخف.

تجنّب هذه الأطعمة صيفا

في المقابل، لا بد من الالتفات إلى أن الأطعمة عالية السعرات الحرارية تساهم في زيادة درجة حرارة الجسم، على رأسها الدهون والبروتينات من أصل حيواني، ومنتجات الألبان الكاملة. كما أن الطعام أو السوائل شديدة البرودة تزيد درجة حرارة الجسم رغم أنها تمنحنا دقائق من الشعور بالبرودة.

وتحتوي المعجنات مثل الكعك والفطائر والحلوى بشكل عام على نسبة عالية من الدهون والسكريات وبها سعرات حرارية عالية، إلى جانب الوجبات السريعة.

مما لا شك فيه أن الأطعمة ليست حلا سحريا بالطبع، لكن بعضها قد توفر لنا الراحة في أيام الصيف وتساهم في تخفيض درجة حرارة أجسامنا.

شاركها.
Exit mobile version