يعتبر “وهم الاختيار” من الظواهر المعقدة ذات الأثر الكبير على سلوك الإنسان وقراراته، وغالبا ما يتم توظيفها في التسويق من خلال إقناع الناس بأنهم يسيطرون على قراراتهم ويتحكمون بها.

فما هو “وهم الاختيار”؟ وهل أنت فريسة له؟ وكيف تتخلص من الأثر السلبي للظاهرة على حياتك؟

ما هو وهم الاختيار؟

تعرّف الاختصاصية النفسية الدكتورة سلام عاشور “وهم الاختيار” بأنه “شعور زائف بالسيطرة على حياتنا بدرجة تفوق الواقع، وينشأ هذا الشعور من الرغبة الطبيعية في الشعور بالاستقلالية والقدرة على التحكم في القرارات”.

ويتجلى “وهم الاختيار” في العديد من المواقف اليومية، وفق عاشور، ومنها على سبيل المثال “اختيار المنتجات، فعندما نواجه مجموعة واسعة من الخيارات نشعر وكأننا نملك سيطرة أكبر على قراراتنا حتى لو كانت الاختيارات متشابهة إلى حد كبير”.

وتقول عاشور إن الاستسلام لـ”وهم الاختيار” والاعتماد على الحدس من الممكن أن يؤديا إلى نتائج سلبية تشمل:

  • اتخاذ قرارات خاطئة، فقد نختار بناء على مشاعرنا ودون الحصول على معلومات كافية بدلا من تحليل الخيارات بعقلانية.
  • الشعور بالندم: قد نشعر بالندم على خياراتنا لاحقا، خاصة إذا لم تتحقق توقعاتنا.
  • الشعور بالعجز: إذا أدركنا أن خياراتنا محدودة فقد نشعر بالعجز والإحباط.

عوامل تعزز “وهم الاختيار”

وتذكر الاختصاصية النفسية للجزيرة نت أن هناك العديد من العوامل التي تساهم في تعزيز وهم الاختيار، منها:

  • التحيز المعرفي، بمعنى أننا نميل عادة إلى تفسير المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقداتنا ورغباتنا، مما قد يؤدي إلى تجاهل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك.
  • التسويق: تصمم حملات التسويق لخلق شعور بالاختيار حتى لو كانت الخيارات محدودة في الواقع.
  • الثقافة: تشجع بعض الثقافات على التركيز على الفردية والاستقلالية، مما قد يعزز شعور “وهم الاختيار”.
4-وهم الاختيار يؤثر على حياة الفرد الأسرية إذا ترك الاعلانات تؤثر عليه-(بيكسلز)

كيف تتجنب الوقوع في “وهم الاختيار”؟

يعتبر وهم الاختيار ظاهرة معقدة ذات أثر كبير على سلوكنا وقراراتنا “لكن لتجنب الوقوع ضحايا لا بد من فهم المصطلح لنصبح أكثر وعيا به ونقلل تأثيره على حياتنا”، وفق عاشور.

وتنصح الاختصاصية النفسية باتخاذ بعض الخطوات، أبرزها:

  • التفكير النقدي وما يقتضيه من تحليل المعلومات بعقلانية وموضوعية، وتجنب الاعتماد على المشاعر أو الحدس فقط.
  • الوعي بالتحيزات المعرفية: علينا إدراك أننا نميل أحيانا إلى تفسير المعلومات بطريقة متحيزة، ومحاولة تصحيح هذه التحيزات.
  • النظر إلى الصورة الكبيرة: تقييم جميع الخيارات المتاحة، وليس فقط الخيارات المفضلة لدينا.
  • قبول عدم اليقين: إدراك أننا لا نملك سيطرة كاملة على كل شيء، وأن بعض الأمور خارجة عن إرادتنا.
  • هل تمتلك حرية الاختيار؟

من جانبها، تقول المستشارة الأسرية التربوية الدكتورة أمل بورشك إن “طبيعة الإنسان ترفض فكرة أنه مجبر على شيء، ويحب أن يشعر بأنه صاحب إرادة حرة ويمتلك حرية الاختيار، ويأتي دور وهم الاختيار في أن يعتقد الشخص أنه مسيطر على أفعاله بعقله ونفسيته”.

وتتابع “لكنه في الواقع تحيز معرفي وشعور زائف يؤدي بالشخص إلى اتخاذ قرارات غير صائبة ولا تصب في نهاية المطاف في مصلحته الشخصية، وهذا يؤدي إلى عدم شعوره بالرضا بسبب اتخاذه قرارات بعيدة عن تحقيق الأهداف”.

وتنصح بورشك بأهمية قراءة آثار “وهم الاختيار” للوعي بمخاطره، وتحديد الأهداف بدقة وكتابتها باختصار، مما يسهم في تضييق الخيارات المتاحة بتحديد مساره قدر الإمكان حتى يبقى على توازن في حياته الاجتماعية والعائلية والعملية، كما عليه أن يبسط الخيارات حتى لا يشعر بالتوهان (الحيرة) لكثرة الخيارات أمامه.

يضاف إلى ذلك تحديد سلبيات وإيجابيات أي قرار يجب اتخاذه بعقلانية ودون تسرع، وببعد تأمل، مع استشارة الآخرين لتتوسع النظرة إلى الاختيارات لتكون مبنية على مصداقية المعلومة دون مخاطر.

نصائح لإدارة “وهم الاختيار”

ونشر موقع “فري ويل مايند” نصائح لإدارة “وهم الاختيار” عندما يشعر الفرد بالإرهاق في حياته من الاختيارات، ومنها:

  • حدد أهدافك، مما قد يساعدك في تضييق نطاق اختياراتك وتسهيل عملية تحديد ما هو أفضل بالنسبة لك.
  • بسط خياراتك: إن تبسيط خياراتك يساعدك على تقليل الشعور بالإرهاق من الخيارات المتاحة أمامك.
  • قم بعمل قائمة بالإيجابيات والسلبيات: يمكن أن يساعدك إعداد قائمة بالإيجابيات والسلبيات في تقييم خياراتك واتخاذ قرار أكثر استنارة.
  • احصل على معلومات من الآخرين: يمكن أن يمنحك الحصول على مدخلات من الآخرين منظورا مختلفا لاختياراتك.
  • إدارة التحيزات الخاصة بك: كن على دارية باتجاهاتك عند اتخاذ القرارات فقد تقودك إلى قرارات سيئة.
  • لا تتعجل: خذ وقتا للنظر في جميع الخيارات المتاحة أمامك قبل اتخاذ القرار، فالتسرع في اتخاذه قد يؤدي إلى الندم لاحقا.
شاركها.
Exit mobile version