عندما تفكر في الالتزام بتناول الأكل الصحي، ستغمرك صفحات الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي وحسابات المشاهير بسيل من الحديث عن روتين غذائي يعتمد غالبا على أطعمة من قبيل صدور الدجاج، والخضراوات الطازجة، والشوفان، والتوت، والزبادي اليوناني، والسلمون، والأوفاكادو، إلى آخر هذه القائمة التي لا يختلف اثنان على كونها أساسية.
لكن الأمر قد يصل إلى درجة تجعل “حتى المستهلكين الأذكياء من ذوي الوعي، يتمسكون بمكونات هذا النظام الغذائي المعتاد، دون أية محاولة لتجربة أطعمة غالبا ما يتم تجاهلها، مع أنها تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية، كسلطة الكرنب أو خبز العجين المخمر، على سبيل المثال”، كما تقول خبيرة التغذية ناتالي ألين، لموقع منظمة “تقارير المستهلك” (Consumer Reports).
وللمساعدة في تغيير روتينك الغذائي المعتاد، ينصح الخبراء بإضافة هذه الأطعمة -التي ربما نتجاهلها رغم فوائدها المذهلة- إلى وجباتك الأساسية والخفيفة.
مع أن كوب العنب يحتوي على 23 غراما من السكر، “لكنه سكر طبيعي، يُمتص ببطء دون أن يرفع السكر في الدم، كما يفعل سكر المائدة المكرر”، بحسب سامانثا كوغان، مديرة الأنظمة الغذائية بجامعة نيفادا. موضحة أن “العنب قد يساعد على درء خطر الإصابة بالسكري من النوع 2″، وفقا لتحليل نُشر عام 2013، وأظهر أن “تناول حوالي 3 حصص من العنب أسبوعيا، يخفض الإصابة بالسكري من النوع 2 بنسبة 12%”.
أما شيلبا بوباتيراجو، أستاذة التغذية المساعدة في كلية “هارفارد تي إتش تشان”، فتنصح بأكل العنب كاملا، “للاستفادة من جميع محتواه من مضادات الأكسدة والمغذيات الأخرى”، فالكوب الواحد منه يوفر حوالي 21% من احتياجنا اليومي من النحاس، المهم لوظيفة الأعصاب والمناعة، و18% من احتياجنا اليومي من فيتامين “كيه”، المفيد للقلب والعظام. ورغم أن معظمنا يفكر في البرتقال للحصول على فيتامين “سي”، فإننا ننسى أن العنب أيضا “يُعد مصدرا ممتازا للحصول على فيتامين سي”، بحسب وزارة الزراعة الأميركية.
كما أنه رائع، “لغناه بالفيتامينات والمعادن والماء المهم للحفاظ على ترطيب الجسم”، كما يقول خبير التغذية أنتوني دي مارينو. مُوضحا أن العنب منخفض في الصوديوم، وغني بالبوتاسيوم، “مما يساعد على خفض ضغط الدم”، كما يحتوي على قدر من الميلاتونين، “يجعله وجبة مسائية خفيفة تساعد على النوم”.
رغم الصيت الذائع الذي طالما حظيت به صدور الدجاج، تقول الدكتورة ناتالي ألين “إن الاختلاف بين أفخاذ الدجاج وصدورها ضئيل”، حيث تحتوي حوالي 110 غرامات من الأفخاذ منزوعة الجلد على 200 سعر حراري، و2.6 غرام من الدهون المشبعة، مقابل 180 سعرا حراريا، ونحو غرام واحد من الدهون المشبعة في نفس الكمية من الصدور. كما تحتوي صدور الدجاج على بروتين أكثر قليلا، لكن الأفخاذ تحتوي على المزيد من الحديد، وهو معدن يحتاجه العديد من كبار السن. بالإضافة إلى أن أفخاذ الدجاج “أقل تكلفة وأكثر نكهة وأسهل في الطهي، ولا تجف بسرعة مثل الصدور”، كما تقول اختصاصية التغذية إليزابيتا بوليتي.
ووفقا للخبراء يُعد تضمين أفخاذ الدجاج في نظام غذائي صحي أمرا جيدا، “بشرط تحضيرها بطريقة صحية وإقرانها بالخضراوات والحبوب الكاملة لمزيد من الفائدة”.
-
خبز العجين المخمر
حتى لو كان مصنوعا من الدقيق الأبيض، فهو خيار أفضل من الخبز الأبيض التقليدي، “لأن العجين المخمر يستخدم في تحضيره دقيق وماء مُذوّب فيه خميرة طبيعية، بدلا من الخميرة الصناعية”، ومع ارتفاع العجين، فإنه يُنتج أحماضا “تُبطئ امتصاص النشويات”. لذلك، تقول إليزابيتا بوليتي “إن العجين المخمر لا يرفع السكر في الدم، بنفس سرعة الخبز الأبيض العادي”.
وقد وجدت مراجعة بحثية نُشرت عام 2020، أن العجين المخمر “له مؤشر نسبة سكر في الدم، أقل من الخبز الأبيض أو خبز القمح الكامل غير المخمر”.
-
بقايا المعكرونة والأرز والبطاطس
حيث يؤدي تبريد الأرز المطبوخ والمعكرونة والبطاطس إلى إعادة ترتيب جزيئات النشا، مما يشكل نوعا من الألياف يسمى “النشا المقاوم”، يتحلل في الأمعاء الغليظة، فيُنتج أحماضا دهنية قصيرة السلسلة، “تغذي البكتيريا الصحية في الأمعاء”، كما ترتفع مستويات السكر في الدم بشكل أبطأ، “بعد الوجبات التي تحتوي على النشا المقاوم”.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2015، فإن الأرز الأبيض المطبوخ الذي تم تبريده لمدة يوم، يحتوي على 2.5 ضعف كمية النشا المقاوم مثل الأرز المطبوخ الطازج، علما بأن كمية النشا المقاوم لا تتغير كثيرا عند إعادة تسخين الأرز البارد.
“ما لم يكن كثير الدهون والملح، فإن الفشار هو أحد الوجبات الخفيفة الأكثر صحة”، باعتباره حبوبا كاملة غنية بالألياف “التي تبطئ عملية الهضم، وتُعطي شعورا بالشبع لفترة أطول”، بحسب كوغان.
موضحة أن “3 أكواب من الفشار توفر 3.5 غرامات من الألياف، وهو ما يعادل 14% من إجمالي كمية الألياف التي نحتاجها كل يوم، مقابل 91 سعرا حراريا فقط”.
كما تُشير الأبحاث إلى أن هذه الوجبة الخفيفة “تحتوي على مضادات الأكسدة الواقية التي تُخفض ضغط الدم وتحد من تراكم الكوليسترول في الشرايين، مما قد يمنع الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب”.
تقول كوغان “مقارنة بأطباق أخرى مثل المعكرونة بالجبن أو سلطة البطاطس، فإن سلطة الكرنب هي الخيار الأقل في السعرات الحرارية والدهون، وأعلى في الفيتامينات”، وذلك لأن الكرنب، غني بالألياف وفيتامين “سي”، بالإضافة إلى “مركبات قد تحمي الخلايا من التلف المسبب للسرطان”.
وقد رصدت مراجعة نُشرت عام 2013، انخفاضا بنسبة 24% في خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، “لدى الأشخاص الذين تناولوا أكبر كمية من الكرنب، مقارنة بأولئك الذين نادرا ما تناولوا هذا النوع من الخضار”.
أما المايونيز، الذي يستخدم في صنع سلطة الكرنب، فهو منخفض في الدهون المشبعة التي ترفع الكوليسترول، “حيث يحتوي نصف كوب من سلطة الكرنب على 1.5% فقط من الكوليسترول”.
“الجبن القريش مغذ بشكل لا يُصدق”، كما تقول خبيرة التغذية كيمبرلي سنودغراس، موضحة أنه منخفض السعرات الحرارية وغني بالبروتين وفيتامين “بي” والبروبيوتيك أو البكتيريا المفيدة للأمعاء، كما تؤكد أن العناصر الغذائية الموجودة فيه “قد تساعد في دعم فقدان الوزن ونمو العضلات وصحة العظام”.
أما اختصاصية التغذية المعتمدة، كارين هونيك، فترى أن الجبن القريش وجبة خفيفة للتغلب على الجوع الليلي، “بفضل غناه بالكازين، الذي يمنح الجسم تدفقا ثابتا من البروتين طوال الليل، للمساعدة في إصلاح العضلات والتعافي”.