لا أحد يتوقع أن تكون القهوة التي يتم استهلاك أكثر من 2.25 مليار كوب منها عالميا كل يوم، يمكن أن تكون سببا في ضرر -ولو شكليا- لعشاقها في أنحاء الكوكب. ولكن على الرغم من كل ما يقدمه هذا المشروب المفضل من فوائد، فإن طريقة تحضيرنا لها قد تضر ببياض أسناننا، وتغير لونها مع كل رشفة”.

ففي الوقت الذي يعد تصبغ الأسنان واصفرارها، من أكبر المخاوف بين الأشخاص المهتمين بمظهرهم الجمالي، ثبت أن استهلاك القهوة يمكن أن يتسبب في تغير لون الأسنان بعدة طرق، “باعتبار أن المشروبات الحمضية يمكن أن تضيف المزيد من الخشونة إلى سطح مينا الأسنان، مما يجعلها أكثر عرضة للتصبغ والبقع”.

مشكلة شائعة

فقد أصبح تصبغ الأسنان وتغير لونها مشكلة شائعة مع شرب القهوة يوميا وبانتظام، وأشارت أبحاث نشرت في مجلة أبحاث العلوم الطبية وطب الأسنان عام 2022، إلى “صعوبة إزالة تغير لون الأسنان الناتج عن القهوة، أكثر من التصبغات الناتجة عن أسباب أخرى، بما في ذلك التدخين”.

ووجدت الأبحاث أن “القهوة التركية والقهوة المحلاة، تتسببان في أعلى درجة من تصبغ الأسنان”، مقارنة بأنواع القهوة الأخرى، مثل “القهوة العربية واللاتيه والفورية، التي ينتج عن شربها درجة أدنى من التصبغ”.

وأوضحت الدكتورة ساتابدي ساها، الحاصلة على دكتوراه في طب الأسنان، أن شدة البقع تعتمد على العديد من العوامل، مثل: كيفية تحميص القهوة (خفيفة أو متوسطة أو داكنة)، وطريقة تحضير المشروب، ومدى تكرار تناولك للقهوة، وإذا ما كنت تحبها ساخنة أم باردة، وكم من الوقت تستغرقه لتناولها، “فكلما زاد الوقت الذي تستغرقه لتناول قهوتك، تراكمت المزيد من البقع والتصبغات على أسطح أسنانك”. ونبهت إلى أن تصبغ الأسنان “عملية تدريجية”، ففي حين أنك قد لا ترى أي تغييرات في أسنانك في أسبوع أو شهر، فإن شرب كميات كبيرة من القهوة المحلاة طوال اليوم، “يمكن أن يؤثر على شكل أسنانك”.

لذا، تحذر الدكتورة دينيس إستافان، الأستاذة المساعدة في كلية طب الأسنان بجامعة نيويورك، من أن الاستمرار في شرب القهوة، دون اهتمام بالتقليل من تأثيرها على الأسنان، “يجعل التصبغات أعمق، ويصعب تنظيفها كثيرا”.

Caffeine, Cappuccino, Coffee image. Free for use.

عوامل تأثير القهوة على لون الأسنان

وفقا للخبراء، هناك 4 عوامل رئيسية قد تزيد من تأثير القهوة على لون أسنانك، وهي:

  • طريقة التحميص

لا تتسبب جميع أنواع القهوة في اصفرار أسناننا بالدرجة نفسها، “فالقهوة المحمصة قليلا، هي الأسوأ في تكثيف الاصفرار على الأسنان”، كما تقول مونيكا بباوي، الطبيبة في كلية طب الأسنان بجامعة نيويورك، موضحة أن تأثير القهوة في تغير لون الأسنان، يتوقف على “طريقة تحميص الحبوب وما ينتج عنها من درجة حموضة”.

فحبوب القهوة المحمصة قليلا “هي الأكثر إضرارا بلون الأسنان”، أما تلك التي يتم تحميصها لفترة طويلة حتى تصبح داكنة، “فهي الأقل مساهمة في تغيير لون الأسنان”.

ورغم أن المركبات النباتية الطبيعية الموجودة في القهوة مثل العفص وحمض الكلوروجينيك (البوليفينولات)، هي التي تمنح النكهة والمذاق المر للقهوة، وترتبط بالعديد من فوائدها الصحية، مثل فقدان الوزن، وخفض الكوليسترول وضغط الدم، والتحكم في نسبة السكر في الدم، وتحسين الحالة المزاجية، وتقليل الالتهاب وخطر الإصابة بالأمراض، وإعطاء البشرة دفعة من الشباب.

لكن بباوي تقول إن هذه البوليفينولات هي المسؤولة عن تغيير لون أسناننا وتصبغها، “حيث تلتصق البقع بالأسنان حتى بعد غسلها، مسببة التغير في لونها الأساسي”.

وتوجد هذه البوليفينولات بكميات أكبر في القهوة قليلة التحميص، “مما يجعلها أكثر حمضية وأكثر قابلية للتسبب في بقع الأسنان”، على عكس القهوة المحمصة الداكنة، التي من المحتمل أن تترك بقعا أقل، “لأنها أقل حمضية”. وهكذا، كلما تم تحميص حبوب القهوة أكثر، “تحللت مكونات الحبوب، وتم تفكيك العفص وحمض الكلوروجينيك بشكل أكبر، مما يعني تقليل المواد المتاحة لاصفرار الأسنان”.

  • السكر والحليب

تقول الدكتورة إستافان “إن القليل من حليب الأبقار على قهوتك، يمكن أن تحدث فرقا حقيقيا لأسنانك”، فالتحميص ليس العامل الوحيد الذي يلعب دورا في الحموضة، فإضافة حليب البقر إلى قهوتك يزيد أيضا من درجة الحموضة، كما يرتبط الكازين الموجود في الحليب بالعفص أو البوليفينولات ويمنع البقع، “مما يجعل مشروب القهوة بالحليب لا يغير لون الأسنان بقدر ما تفعل القهوة السوداء”.

في المقابل، أوصت الأبحاث المشار إليها، بشرب القهوة الخالية من السكر، حيث وجدت أن “إضافة السكر إلى القهوة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تصبغ الأسنان، في الوقت الذي تُقلل إضافة الحليب من التصبغ”.

  • درجة حرارة المشروب

تشير الأبحاث المشار إليها، إلى أن درجة حرارة قهوتك مرتبطة بشكل مباشر بدرجة تَصّبُغ أسنانك واصفرارها، “فكلما ارتفعت درجة حرارة القهوة، زاد تَصّبُغ الأسنان وتغير لونها”، حيث تؤثر درجة الحرارة على مستويات الحموضة.

وهو ما سبق أن أشارت إليه ورقة بحثية نشرت في عام 2018، ووجدت أن “القهوة المحمصة الداكنة الباردة، أقل حمضية وتسببا في اصفرار الأسنان من القهوة الساخنة”.

كما أكدت الدراسات أيضا أن “القهوة الساخنة السوداء المحلاة قد تكون أكثر ضررا للأسنان من القهوة الباردة بالحليب، الخالية من السكر”.

  • الوقت المستغرق في تناول القهوة

الوقت الذي تستغرقه في تناول فنجان القهوة، قد يؤثر أيضا على درجة الحموضة، “حيث يؤدي شرب القهوة إلى تغيير درجة حموضة الفم مؤقتا”.

لذا، إذا شربت قهوتك اليومية في نصف ساعة، فلن يستمر هذا التغيير طويلا، أما إذا استغرقت ساعتين لشرب كوب واحد من القهوة، “فإنك تعرض أسنانك لهجوم مستمر من الحمض”.

تقول الدكتورة إستافان، لنفترض أنك وزميلك في العمل تتناولان كوبين من القهوة عند وصولكما إلى المكتب، وفي حين تشرب أنت قهوتك بالكامل في 5 دقائق، يأخذ زميلك وقته وينتهي من نفس كمية القهوة في ساعتين. لحسن الحظ -بحسب إستافان- ستكون أسنانك هي الأقل اصفرارا، لأن زميلك في العمل قد عرض أسنانه للقهوة لفترة أطول من الوقت، مما جعل أسنانه أكثر اصفرارا.

شاركها.
Exit mobile version