لأننا نعيش في عالم تقوده المنافسة، فإننا نقضي وقتا طويلا ونستنزف جهدا كبيرا في إجراء مقارنات مع أشخاص آخرين. وربما تتساءل عن سبب مقارنة نفسك بالآخرين، وكيف يؤثر ذلك عليك وعلى شريك عمرك أيضا؟ وهل وصلت إلى مرحلة تتنافس فيها مع شريك حياتك؟

لفهم حاجتك أو حاجة شريكك إلى المنافسة بشكل أفضل، حاول أن تلقي نظرة فاحصة على طبيعة العلاقات التنافسية، إذ سيساعدك ذلك في التعرف على علامات هذا السلوك، وكيفية التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، وبشريك حياتك بطبيعة الحال. فهل تخدم التنافسية علاقتك مع شريكك؟ وهل من الصحي مقارنة نفسك به؟

علاقة تكاملية.. لا تنافسية

يقول أخصائي الطب النفسي الدكتور أحمد الشلبي للجزيرة نت، إن “العلاقة بين الزوجين يجب أن تكون تكاملية مبنية على أسس الاحترام المتبادل ومعرفة كل منهما واجبه تجاه الآخر. وفي حال فقد أحد هذه الأسس، وأصبح الأساس في العلاقة التنافس، فإنها تصبح أقرب للانهيار”.

ويضيف “في بعض المجتمعات، يرفض الكثير من الرجال تفوق الزوجة من الناحية العلمية أو المادية أو العملية، خاصة إذا كانت كثيرة التباهي بإنجازاتها والتقليل من إنجازات شريكها، ناهيك عن شعورها بأحقيتها في حمل بعض مسؤوليات الرجل واتخاذ بعض قراراته. ويؤدي ذلك إلى ردود فعل عنيفة، وأولها عدم استقرار العلاقة الزوجية”.

ويستطرد أخصائي الطب النفسي أن بعض الدراسات توصلت إلى أن “العلاقة التنافسية بين الزوجين من أهم أسباب الطلاق، لا سيما إذا كان التنافس ممزوجا بالتكبر على الشريك، لأن ذلك يولد مناخا من الكراهية والحقد الذي يجعل الانفصال هو الحل الأفضل في ظل هذه الظروف”.

أخصائي الطب النفسي الدكتور أحمد الشلبي-(الجزيرة)

متى يكون التنافس بين الأزواج إيجابيا؟

في المقابل، يشرح الشلبي أن العلاقة التنافسية بين الأزواج من الممكن أن تكون أمرا إيجابيا، “شريطة أن يكون التفاهم ركنا أساسيا في العلاقة، مع ضرورة تقدير إنجازات الشريك، وعدم التقصير في واجبات كل منهما تجاه الآخر، والابتعاد عن الأنانية وجعل استقرار العلاقة الزوجية والأسرية الأولوية الأولى وفوق أي اعتبار”.

ويختم، “الندية في التعامل مع الشريك والنظر إليه كمنافس يخلق شرخا في العلاقة ويسارع في زوالها، لذلك لا بد من جعلها علاقة تكاملية لا تنافسية حتى تستقر”.

المنافسة السلبية

وبدوره يقول المستشار الأسري الاجتماعي مفيد سرحان للجزيرة نت، “المنافسة السلبية واحدة من المشكلات التي يعاني منها بعض الأزواج، حيث يحرص كل منهما على أن يتغلب على الآخر ويتفوق عليه في كل شيء، وكأنهما في ساحة معركة ومواجهة مستمرة، مما قد يعجل في انهيار الحياة الزوجية”.

ويتابع، “يترك التنافس أثرا سلبيا على كلا الزوجين، إذ إن التنافس السلبي يؤدي إلى الكراهية بينهما ويفقدهما الاحترام المتبادل سواء في التعامل الشخصي أو حتى أمام الآخرين”.

وبحسب المستشار الأسري، فإن هذا التنافس “يأخذ أشكالا متعددة، منها التنافس في التحكم في تربية الأبناء دون مراعاة تحقيق مصلحة وحاجة الأبناء، والمنافسة في إدارة شؤون المنزل، واتخاذ القرارات دون الاهتمام برأي الآخر حتى لو كانت هذه القرارات خاطئة”.

وأحيانا يأخذ التنافس شكل الخلاف مع الآخر، “مما يسبب الإحراج للزوج أو الزوجة ولأسباب بسيطة يمكن تجاوزها. بل وقد يكون الهدف إظهار السيطرة والتفوق، فقد يحرص الرجل على إظهار نفسه أمام أسرته أو زملائه. أو أن تحرص المرأة على إظهار سطوتها أمام أسرتها أو صديقاتها. وهذا فهم خاطئ لطبيعة العلاقات بين الزوجين والعلاقات الاجتماعية عموما”.

ما أسباب تنافس الزوجين؟

يعدد المستشار سرحان إلى الأسباب التي تؤدي إلى التنافس، ومنها:

  • طبيعة الشخص.
  • التنشئة الأسرية.
  • المستوى العلمي والمادي.
  •  الغيرة العمياء من الغير.
  •  حب الذات والأنانية والفردية.
  • عدم إدراك طبيعة العلاقة بين الزوجين.

ويوضح، “هنالك التنافس الإيجابي بين الزوجين الذي يشكل حافزا لكل منهما على الإبداع والإنتاج وزيادة التحصيل العلمي. والتنافس قد يكون أمرا طبيعيا بين الناس شريطة ألا يتجاوز حدوده ويصبح مدمرا للجميع. وأن يكون التنافس وسيلة لتقريب الزوجين من بعضهما وليس إبعادهما، وألا يكون أحدهما كأنه المتلقي من الآخر”.

وللتقليل من اعتماد أسلوب التنافس السلبي، ينصح سرحان بخلق حالة من التوافق والتكافؤ بين الطرفين والوعي والنضج الفكري والعقلي، “والاستفادة من الآراء المتعددة واتباع منهج الحوار والتفاهم والتنسيق، والحرص على تنمية قيم الحب والتعاون وتحمل المسؤولية واستشعار أهمية المحافظة على الأسرة”.

كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بشريكك؟

سواء كنت تلاحظ علامات المنافسة السلبية في نفسك أو في شريكك أو في كليكما، فهناك طرق لتحرير نفسك منها. والمفتاح هو أن تتصالح مع حدسك وأن تحسن التعامل مع “تدني” أو “تضخم” تقديرك لذاتك.

وإليك النصائح التالية، التي يمكن أن تساعدك على التأقلم والتغلب على التنافس مع شريكك وتحسين العلاقة به، وفق موقع “لاف تو بيفوت”:

  • كن على دراية بسلبيات المقارنات المستمرة: من المفيد تذكير نفسك بالعيوب التي تأتي من مقارنة نفسك مع الشريك. من الضروري بذل الجهد للتخلص من هذه العادة.
  • ركز على أهدافك وإنجازاتك: من المفيد تذكير نفسك بإنجازاتك ووضعها في منظور واقعي وهادف.
  • ممارسة “الامتنان”: لا تقلل من شأن نفسك أو شريك حياتك، حاول الخروج من إطارك الذاتي وإظهار الامتنان لإنجازاتك وإنجازات شريكك. بهذه الطريقة، ستتعلم كيف تميز بين التواضع وتقليل قيمة الذات.
  • ابحث عن الإلهام: لا ينبغي أن يبدو نجاح شريكك وكأنه عبء عليك. حاول أن تتعلم منه بدلا من ذلك. حاول التركيز أكثر على طرح الأسئلة الجيدة عليه، وإظهار بعض الاهتمام بإنجازاته.
شاركها.
Exit mobile version