رغم حظر منصة “تيك توك” مؤخرا لوسم “سكيني توك”، بعد انتقادات متزايدة لمحتواه الضار “المُلهم للنحافة”، واستجابةً لضغوط أوروبية، بلغت ذروتها بتحذير وزير التكنولوجيا الرقمية الفرنسي، “من الوسوم المروجة لفقدان الشهية والنحافة المفرطة بين المراهقين والشباب”، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”، لا يزال هذا النوع من المحتوى غير الصحي قائما، كمثال صارخ على الجانب المُظلم من وسائل التواصل الاجتماعي، يُرسل رسالة قوية من خلال النبرة والموسيقى وزوايا التصوير، ويتم تداوله بسرعة مذهلة”، كما قالت اختصاصية علم النفس العصبي، سنام حفيظ، لصحيفة “هافبوست” الأميركية.
وهو ما أكده خبراء آخرون بقولهم: إن هذا النوع من “وسائل الإعلام الخبيثة”، يُدخل المُتلقي في دوامة ضارة من المقارنات، ويحاصره بأنماط جمال غير واقعية، مما قد يتسبب في “سلوكيات مضطربة، تُقوّض علاقة الشخص بالطعام والرياضة وصورة الجسم”. وقالت اختصاصية التغذية المعتمدة، مورغان فيريك، “إن هذه الفيديوهات المغلفة بجماليات مبهرة، غالبا ما تُمجّد النحافة المفرطة، وتشجع على تخطي الوجبات والسلوكيات المُقيّدة”.
وأوضحت أنها مقاطع قصيرة، لكنها جذابة ونشطة خوارزميا، بمعني أن “التفاعل مع فيديو واحد فقط، قد يفتح الباب لإغراق المتلقي بسيل مستمر من المحتوى المُماثل”. وهو أمر يمكن أن يكون ضارا -بشكل خاص- بالمراهقين الذين لا يزالون في طور تكوين هوياتهم وتقديرهم لذاتهم”.
علامات تحذيرية من تأثير المحتوى الضار على حالتك النفسية
لمعرفة ما إذا كان المحتوى المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي يؤثر على حالتك النفسية والعقلية، ينصح الخبراء بالانتباه للعلامات التحذيرية التالية:
-
الشعور بأنك “أقل مما يجب”
تقول الدكتورة حفيظ: إن متابعة مقاطع تُقدم النحافة باعتبارها المثل الأعلى باستمرار، على غرار “سكيني توك”، “يمكن أن تُغير من نظرة الشخص لجسده تدريجيا، بعد كل مشاهدة”، مُشيرة إلى أن هذا النوع من المحتوى يُقدم فكرة ضيقة عن الجمال، “من خلال تصوير شكل واحد للجسم، والتلميح إلى أن كل ما عداه ليس جيدا بما يكفي”.
وتضيف أن ذلك قد يؤدي إلى مقارنة كل جزء من جسم المُتلقي، بما يُشاهده على الإنترنت، “وهي المقارنة التي تُولّد شعورا بالخجل، خاصة إذا كان الشخص يشعر بعدم الأمان أصلا”.
كما أوضحت اختصاصية التغذية المُعتمدة، شانا ميني سبنس، أن وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالأوهام، والعديد من الشباب “لا يُدركون أن ما يشاهدونه ليس حقيقيا”، حيث يتم تعديل العديد من مقاطع الفيديو والصور، وما يبدو أنه مجرد مُراقبة للطعام، “هو في الواقع اضطراب في الأكل، يمكن أن يسبب ضررا جسديا”.
لذا، تقول مورغان فيريك، إذا وجدت نفسك تقارن جسمك بالمؤثرين على الإنترنت، وتشعر بالقلق أو الخجل، وبأنك أقل مما يجب، بعد تصفح محتوى الصحة أو اللياقة البدنية، فانتبه، فتلك “علامة تحذيرية”.

-
الهوس بالأطعمة الخارقة أو السعرات الحرارية أو المظهر
تُذكّرنا فيريك بأننا قد نُغفل بعض العلامات التحذيرية المبكرة مثل تتبع السعرات الحرارية أو البحث عن المغذيات الخارقة بشكل مفرط، “لمجرد أنها غالبا ما تكون محل إشادة في ثقافتنا العصرية”.
أيضا، يُعد التحقق المستمر من الجسم في المرآة “مشكلة”، كما يقول جيسون ناغاتا أستاذ طب الأطفال المساعد بجامعة كاليفورنيا، موضحا أن العلامات التحذيرية تشمل “الانشغال بالمظهر أو حجم الجسم أو الوزن أو الطعام أو الرياضة، بطريقة تُضعف جودة الحياة”.
-
الشعور بالذنب بعد تناول الطعام
إن الشعور بالسوء لتناول أطعمة معينة أو القلق بعد تفويت تمرين رياضي، ليس علامة على الالتزام، بل قد يكون علامة تحذير، بحسب الدكتورة حفيظ، التي توضح أن التحول في المزاج أو تقدير الذات، بسبب صورة الجسم، قد يجعل الطعام شيئا مخيفا أو مسيطرا عليه بمرور الوقت، بدلا من أن يكون مصدرا للطاقة والبهجة.
وعندما يفرط الناس في تقييد أنفسهم أو يشعرون بالذنب بعد تناول الطعام، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات أكل خطيرة، والأخطر منها هو أن تصبح هذه الأفكار طبيعية، ويصعب تركها.
-
تخطي وجبات الطعام أو تغيير العادات الغذائية سرا
تُشير فيريك إلى أن علامات التحذير تشمل “تخطي الوجبات، أو تناول كميات أقل دائما، أو الصيام للتعويض عن الأكل، أو حتى ممارسة الرياضة كوسيلة لحرق السعرات الحرارية التي تم تناولها”.
وتضيف حفيظ أن الشخص “قد يبدأ في تجنب الأكل مع الآخرين، أو تغيير عاداته الغذائية سرا”.
-
الشعور بأن عالمك أصبح أصغر
فالأشخاص الذين يعانون من الآثار الضارة لمحتوى من عينة “سكيني توك”، يُرسل رسالة خاطئة مفادها أن الشخص يحتاج إلى أن يكون نحيفا، ليحظى بالإعجاب والمحبة والاحترام والنجاح، وأن قيمته الذاتية “مرتبطة ارتباطا وثيقا بوزنه أو مظهره”.
قد يجدون أنفسهم يتجنبون المناسبات الاجتماعية التي تتضمن الطعام، مثل حفلات العشاء أو احتفالات أعياد الميلاد، “بسبب شكوكهم بشأن مظهرهم”. ومن ثم يقل حضورهم ويبدأ عالمهم بالتقلص رويدا رويدا، تحت ضغط قواعد الطعام، أو اضطراب صورة الجسم، وهو ما تعتبره فيريك “ليس صحيا، بل يشكل ضررا”.
ويُرجع ناغاتا شعورهم بأن عالمهم أصبح أصغر، إلى أنهم “قد ينسحبون من أنشطتهم المعتادة أو أصدقائهم، بسبب مخاوفهم بشأن حجم الجسم والمظهر”.
-
التقلبات المزاجية مع زيادة القلق والانفعال
تقول سامانثا ديكارو، وهي مديرة توعية وتثقيف في أحد المراكز الأميركية الرائدة في علاج اضطرابات الأكل، إن هذه الاتجاهات المهيمنة على الإنترنت، “تُرسخ الاعتقاد الخاطئ بأن النحافة تعادل الصحة والانضباط، بينما تربط الأجسام الأكبر حجما ظلما بالكسل أو عدم الكفاءة، رغم أن الوزن لن يعكس أبدا صحة الشخص أو شخصيته أو قيمته”.
وتضيف فيريك موضحة أن هذا يجعل الكثيرون يبدؤون الاعتقاد أن قيمتهم مرتبطة بقدرتهم على تقييد طعامهم وإخضاعه لتقييمات أخلاقية، هذا طعام جيد ومفيد، وذاك طعام سيئ وضار، “وهكذا تتجذر اضطرابات الأكل لديهم بهدوء”. مُشيرة إلى أن بعض الناس قد يجدون أنفسهم يتجنبون أطعمة معينة بشكل متزايد، لمجرد أن أحدهم وصفها على الإنترنت بأنها “سيئة” أو “غير صحية”.
-
تجاهل إشارات الجوع
توضح ديكارو أن “اضطراب الأكل غالبا ما يتسبب في تجاهل الإشارات الداخلية للجسم، مُفضلا اتباع القواعد الخارجية التي تُملي علينا ما نأكله، ومتى نأكل، وكم نأكل”، حيث تُعزز مقاطع الفيديو من قبيل “سكيني توك”، عادات وعقليات تؤثر على علاقتك بإيقاع جسمك الطبيعي.
وتضيف فيريك أن طول التعرض لهذا المحتوى، “قد يُضعف ثقة الشخص بجسده، ويجعله يبدأ بتكذيب إشارات الجوع لديه”.
-
ممارسة الرياضة بشكل قهري
تقول تيس كوينزبيري، وهي اختصاصية مساعدة في الطب النفسي بجنوب كاليفورنيا، إن الإفراط في ممارسة الرياضة لحرق السعرات الحرارية التي تتناولها، أو كنوع من العقاب على تناول الطعام، إلى حد التدريب حتى في حالة الإصابة أو المرض، هو “من العلامات التحذيرية التي يجب البحث عنها في نفسك أو في أحد أحبائك”.
في الوقت الذي تُظهر تراجعا عاما في الاستمتاع بالحركة والهوايات والأنشطة الأخرى التي كنت تحبها سابقا.