تكشف تقارير إسرائيلية أن تل أبيب باتت تفكر بعمق في احتمال اندلاع الحرب الشاملة بالشرق الأوسط وما قد تثيره من أزمات على الجبهة الداخلية الإسرائيلية ولا سيما إذا تسببت بنزوح واسع، وذلك بعد أن كان التشريد مصير الفلسطينيين والعرب حصرا في الحروب السابقة.

وبينما الإسرائيليون في حالة انتظار مرير للرد الإيراني المتوقع على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران، يبحث الجيش الإسرائيلي في التداعيات المحتملة ويضع خططا للطوارئ تحسبا لخروج الأمور عن السيطرة.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الجيش الإسرائيلي يستعد -بالتعاون مع السلطات المحلية- لإقامة مدينة خيام في صحراء النقب من أجل إجلاء آلاف الإسرائيليين إليها في حال وقوع حرب كبيرة، ولا سيما في المنطقة الشمالية.

وحسب الصحيفة، فقد شرعت وحدة الجبهة الداخلية في الجيش خلال الأيام الأخيرة بإجراء مسح للتوصل إلى أفضل موقع ممكن لإقامة مدينة الخيام.

وأوضحت الصحيفة أن مديرية أنشئت لإدارة العمليات وشراء مئات الخيام والأَسِرّة والفرش.

صدمة للوعي الإسرائيلي

وتعد هذه الخطط امتدادا لحالة النزوح الإسرائيلي التي أفرزتها معركة طوفان الأقصى، حيث صدم الوعي الإسرائيلي بمشاهدة قوافل الحافلات وهي تنقل النازحين من المناطق الجنوبية والشمالية التي اضطر الجيش الإسرائيلي لإخلائها على وقع هجمات المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني.

وبلغ عدد النازحين الإسرائيليين 253 ألف شخص، بحلول الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وفقا لإحصاءات هيئة إدارة الطوارئ الوطنية في إسرائيل، وتم نقل عشرات الآلاف منهم إلى فنادق في إيلات.

ويشمل ذلك الرقم أولئك الذين أجْلتهم السلطات من مستوطنات غلاف غزة ومن المناطق الحدودية مع لبنان، بالإضافة إلى عشرات الآلاف الذين قرروا ترك منازلهم من تلقاء أنفسهم بحثا عن مكان آمن.

أكبر عملية إجلاء

ووصفت هذه الإجراءات بأنها أكبر عملية إجلاء للمدنيين في تاريخ إسرائيل، وفقا لمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.

ورغم مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب، لا يزال أكثر من 100 ألف إسرائيلي في حالة نزوح، وفقا للتقارير الإسرائيلية، بما يشمل عشرات البلدات والمستوطنات قرب قطاع غزة وقرب الحدود مع لبنان.

وقالت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية إن حوالي 20% من العائلات الإسرائيلية، التي تم إجلاؤها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قررت عدم العودة إلى غلاف غزة، وتبحث عن مساكن بديلة في بلدات أخرى بعيدة عن مناطق القتال.

من جهة أخرى، أكد رئيس بلدية كريات شمونة أفيخاي شتيرن، مرارا أن سكان شمال إسرائيل لا يمكنهم العودة إلى منازلهم ما دامت قوة الرضوان في حزب الله اللبناني باقية على حدود إسرائيل.

وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن عددا من النازحين يخططون لبيع منازلهم في شمال إسرائيل والانتقال الدائم إلى وسطها.

إسرائيل تنكمش

وفضلا عن تداعيات ذلك على استقرار المجتمع الإسرائيلي واتجاهات الهجرة من إسرائيل وإليها، فإن مراقبين يحذرون من مخاطر إستراتيجية تمس بقاء إسرائيل نفسها.

وبدا ذلك واضحا في تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين قال إن إسرائيل لا يمكنها تحمل نحو 100 ألف نازح داخل دولتهم، وفق تعبيره.

وحذر رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي من هذا الخطر الإستراتيجي، حيث رأى أن إخلاء المستوطنات الحدودية مع لبنان وفي غلاف غزة يعد “تقليصا لمساحة إسرائيل”، ويؤدي إلى تمركز سكانها في منطقة “غوش دان”، ويقصد بها منطقة تل أبيب الكبرى.

وفي ظل انقسامات المجتمع الإسرائيلي التي ظهرت جلية في زمن الحرب، من ملفات التجنيد والأعباء الاقتصادية إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين، فإن معارضي نتنياهو يرون أن الحكومة لا تملك حتى الآن رؤية لمرحلة ما بعد الحرب، وهو ما يعني أن عودة الإسرائيليين مؤجلة إلى أجل غير مسمى.

شاركها.
Exit mobile version