في تطور طبي غير مسبوق، طوّر باحثون في جامعة نورث وسترن في إلينوي، الولايات المتحدة، جهاز تنظيم ضربات قلب بحجم أصغر من حبة الأرز، يمكن حقنه مباشرة في القلب عبر الجلد دون الحاجة إلى عملية جراحية.
هذا الجهاز المبتكر، الذي يُعد الأصغر من نوعه في العالم، وفقاً لصحيفة «mail online»، لا يحتاج إلى أسلاك توصيل ويذوب تلقائياً داخل الجسم بعد أسابيع أو أشهر، ليخرج مع الفضلات، مما يقلل من مخاطر العدوى والمضاعفات الجراحية.
يُزرع أسبوعياً نحو 1000 جهاز تنظيم ضربات قلب في المملكة المتحدة ضمن نظام الخدمات الصحية الوطنية (NHS) لتنظيم ضربات القلب وحماية المرضى من اضطرابات الإيقاع القلبي التي قد تكون قاتلة.
ومنذ استخدام أول جهاز في السويد عام 1958، ساهم هذا الاختراع في إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح، لكن الأجهزة التقليدية، بحجم علبة الثقاب ومتصلة بالقلب بأسلاك، قد تسبب مضاعفات مثل العدوى، الجلطات الدموية، أو تلف الأعصاب أثناء الجراحة، فضلاً عن توقف عملها إذا انفصلت الأسلاك أو تعطلت.
الجهاز الجديد الذي صُمم في الأصل لمراقبة قلوب الأطفال حديثي الولادة الذين خضعوا لجراحات قلبية منقذة للحياة، يعمل دون بطارية، وبدلاً من ذلك يعتمد على معدنين يولدان طاقة كهربائية عند ملامستهما للدم أو سوائل الجسم.
ويتم التحكم في الجهاز بواسطة قرص بلاستيكي صغير يُلصق على جلد الصدر فوق القلب، مزود بمستشعر يكتشف اضطرابات الإيقاع القلبي ويرسل نبضات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء عبر الجلد والعضلات لتفعيل الجهاز واستعادة الإيقاع الطبيعي للقلب.
ويُستخدم هذا الجهاز بشكل مؤقت لدى البالغين الذين يعانون من تباطؤ مفاجئ في ضربات القلب نتيجة التهاب عضلة القلب أو مضاعفات جراحية، وكذلك للأطفال الذين يولدون بعيوب خلقية في القلب، إذ يحتاج أكثر من 6000 طفل سنوياً في المملكة المتحدة إلى جراحات قلبية.
الجهاز الجديد يلغي الحاجة إلى جراحة لإزالته، مما يقلل من مخاطر المضاعفات مثل النزيف الداخلي، كما حدث مع رائد الفضاء نيل أرمسترونغ الذي توفي عام 2012 بسبب مضاعفات إزالة جهاز مؤقت.
وأظهرت الدراسات المنشورة في مجلة «نيتشر» نجاح الجهاز في تجارب على الحيوانات، إذ نجح في تصحيح اضطرابات إيقاع القلب بسرعة.
ويتوقع البروفيسور جون روجرز، قائد الدراسة، بدء التجارب السريرية على البشر خلال عامين إلى ثلاثة أعوام.
وأشار إلى أن الجهاز يمكن أن يُستخدم مستقبلاً بحقن عدة أجهزة صغيرة في أماكن مختلفة من القلب لتوفير مراقبة أكثر دقة للنشاط الكهربائي.
وعلق البروفيسور فرانسيسكو ليفا-ليون، طبيب القلب في مستشفى كوين إليزابيث في برمنغهام، قائلاً إن هذا الجهاز قد يُحدث ثورة في مراقبة القلب، خصوصاً بتقليل مخاطر العدوى المرتبطة بالجراحات التقليدية.
كما أشاد البروفيسور جيري ستانسبي، استشاري جراحة الأوعية الدموية في نيوكاسل، بالجهاز لسهولة إدخاله بالحقن، مما يجعله مثالياً للأطفال الذين قد تكون الجراحة خطرة عليهم.
وفي تجربة أخرى، نجح أطباء في مستشفى كاسل هيل في شرق يوركشاير في يناير 2025 في زراعة جهاز تنظيم ضربات قلب لاسلكي بحجم أصغر من بطارية AAA لمريض يعاني من مشكلات متكررة مع الأجهزة التقليدية بسبب التداخل مع الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة.
أخبار ذات صلة