للمرة الأولى منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم قبل أكثر من عقدين، يحتشد خصومه في تحالف واحد يضم أطيافا سياسية متباينة، منها رؤساء أحزاب كانوا من الدائرة المقربة للرئيس رجب طيب أردوغان، قبل أن يختاروا الانحياز إلى ألدّ منافسيه.
وقد يكون “تحالف الضرورة” الوصف الأقرب إلى التكتل السياسي الذي شكلته 6 من أحزاب المعارضة التركية لخوض الانتخابات الرئاسية، وحمل اسم “تحالف الشعب”. فباستثناء الخصومة الشديدة مع أردوغان وحزبه، فإن هناك تباينات فكرية أيديولوجية وأخرى سياسية بين أضلاع “تحالف الطاولة السداسية” كما بات يعرف.
ويتكون “تحالف الشعب” من الأحزاب التالية:
- حزب الشعب الجمهوري: أكبر أحزاب المعارضة وأقدم الأحزاب التركية ومن يقدم نفسه وصيا للإرث العلماني لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
يرأس الحزب كمال كليجدار أوغلو الذي أصبح أيضا مرشح تحالف الشعب لخوض انتخابات الرئاسة ومنافسة الرئيس أردوغان. - الحزب الجيد: حزب وسطي قومي أسسته وما زالت تترأسه ميرال أكشنار القيادية السابقة في حزب الحركة القومية.
- حزب السعادة: حزب محافظ خرج من رحم حزب الرفاه المنحل الذي كان يرأسه الأب الروحي للتيار الإسلامي في تركيا نجم الدين أربكان ويرأسه حاليا تمل كرم الله أوغلو.
- الحزب الديمقراطي: وهو حزب قومي وسطي يرأسه غولتكين أويصال.
- حزب المستقبل برئاسة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.
- حزب الديمقراطية والتقدم برئاسة نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان.
و”المستقبل” و”الديمقراطية والتقدم” هما حزبان جديدان يرأسهما رفيقان سابقان لأردوغان، كانا قبل سنوات قليلة من قيادات الصف الأول في حزب العدالة والتنمية قبل أن يتحولا إلى خصمين له في هذه الانتخابات.
ورغم أن تحالف الشعب أطلق رسميا في 12 فبراير/شباط 2022، فإنه لم يتمكن من الاتفاق على اسم المرشح لخوض الرئاسة إلا في السادس من مارس/آذار الماضي، وذلك بعد مخاض طويل وشد وجذب تخلله انسحاب قصير لرئيسة الحزب الجيد ميرال أكشنار من التحالف، لرفضها خيار ترشيح كليجدار أوغلو وتفضيلها لرئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش، مما يشي ربما بحجم التباين بين أيديولوجيات أقطاب التحالف.
وتحد آخر قد يواجه تحالف الشعب في مساعيه لجذب الناخبين، يكمن في التصورات التي قدمها لشكل الحكم في حال الفوز بالانتخابات، فقد أشار بيان الطاولة السداسية إلى أن المرشح الرئاسي سيعين رؤساء الأحزاب الخمسة نوابا له، لكن شكل العلاقة لاحقا ما زال ضبابيا لا سيما في ظل تصريحات أحمد داود أوغلو بأن الرئيس لن تكون له صلاحية اتخاذ قرارات سياسية فردية أو تعيين شخصيات في مناصب سيادية دون العودة للطاولة.
ويخيم الغموض على هذا الأمر خصوصا أن “تحالف الشعب” يريد العودة للنظام البرلماني الذي يقلص صلاحيات الرئيس لمصلحة عودة منصب رئيس الوزراء.
وضمن تسوية الاتفاق على كليجدار أوغلو في هذا التحالف، فقد تعهد أوغلو بتعيين رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش مساعدين له دون الخوض في صلاحياتهما.