تشهد المملكة العربية السعودية حراكًا تنمويًا غير مسبوق في مختلف القطاعات، حيث باتت مسيرة التطور جزءًا لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030، التي وضعت أسسًا راسخة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. ومن بين المجالات التي شهدت نقلة نوعية، يبرز قطاع الإعلام باعتباره ركيزة أساسية في عملية التنمية، نظرًا لدوره الحيوي في نقل الحقائق وتعزيز الوعي وبناء الصورة الذهنية عن المملكة عالميًا. وفي هذا السياق، يأتي انعقاد المنتدى السعودي للإعلام 2025 في العاصمة الرياض خلال الفترة من 19 إلى 21 فبراير، ليؤكد على أهمية الإعلام في دعم التحولات التي تعيشها المملكة وتعزيز موقعها الريادي إقليميًا ودوليًا، حيث يجمع المنتدى أكثر من 200 من أبرز الإعلاميين والخبراء، إلى جانب مشاركة 250 شركة عالمية متخصصة في الإعلام والتقنية.

لم يكن التطور الذي شهدته المملكة محصورًا في قطاع معين، بل شمل جميع المجالات من الاقتصاد إلى التكنولوجيا، ومن البنية التحتية إلى الثقافة والسياحة. هذا التقدم فرض على الإعلام السعودي مسؤوليات كبرى لمواكبة التطورات ونقل الصورة الحقيقية عن النهضة التي تشهدها البلاد، حيث أصبح الإعلام أداة فعّالة في إبراز إنجازات المملكة وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. وقد انعكس هذا التحول على طبيعة المحتوى الإعلامي السعودي، الذي بات أكثر قدرة على المنافسة عالميًا من خلال الاستثمار في الإعلام الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وصناعة المحتوى الإبداعي. وأصبح الإعلام السعودي اليوم قادرًا على تقديم محتوى يواكب معايير الاحترافية العالمية، مدعومًا بسياسات حكومية تهدف إلى تطوير الكفاءات الإعلامية وتعزيز دور الإعلام في تحقيق مستهدفات الرؤية.

تلعب وزارة الإعلام دورًا محوريًا في قيادة هذا التحول، من خلال تطوير بيئة إعلامية متقدمة تسهم في دعم القطاعات المختلفة وتعزز الحضور الإعلامي السعودي إقليميًا ودوليًا. وقد عملت الوزارة على إطلاق مبادرات نوعية تدعم تطوير الكوادر الإعلامية، وتمكين المؤسسات الإعلامية من مواكبة التغيرات العالمية في صناعة المحتوى، إضافةً إلى دعم التحول الرقمي في القطاع الإعلامي عبر تبني أحدث التقنيات والابتكارات. كما تعمل الوزارة على تعزيز الشراكات مع الجهات الإعلامية العالمية، مما يسهم في تبادل الخبرات ونقل المعرفة، ورفع مستوى التنافسية في السوق الإعلامية السعودية. وفي هذا السياق، أكد معالي وزير الإعلام خلال افتتاح المنتدى أن قطاع الإعلام سيخلق قرابة 150 ألف وظيفة بحلول عام 2030، ليكون حاضنًا للمواهب ومسرّعًا للابتكار، وهو ما يعكس التزام الوزارة بتطوير هذا القطاع ليصبح أحد المحركات الرئيسية في التنمية الاقتصادية.

يُعد المنتدى السعودي للإعلام 2025 أكبر تجمع إعلامي في المنطقة، حيث يضم نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في مجال الإعلام لمناقشة التحولات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي. ويأتي المنتدى هذا العام تحت شعار «مستقبل الإعلام في ظل التحول الرقمي»، ليعكس مدى تأثير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة على صناعة الإعلام. يشتمل المنتدى على أكثر من 80 جلسة وورشة عمل متنوعة تتناول قضايا رئيسية مثل مستقبل الصحافة والإعلام التقليدي في عصر الرقمنة، الإعلام والذكاء الاصطناعي، التضليل الإعلامي وأهمية الموثوقية، صناعة الترفيه والبث الرقمي، ودور الإعلام كأداة لدعم التنمية الاقتصادية. كما يضم المنتدى معرض مستقبل الإعلام (FOMEX)، وهو الحدث الأضخم من نوعه في الشرق الأوسط، حيث يجمع أكثر من 250 شركة عالمية متخصصة في الإعلام والتكنولوجيا لعرض أحدث الابتكارات في الصناعة.

أخبار ذات صلة

 

إلى جانب الجلسات الحوارية والمعرض، يتيح المنتدى للمشاركين فرصة خوض ست تجارب تفاعلية فريدة تسلط الضوء على أحدث أدوات وتقنيات الإعلام الرقمي، مما يمنحهم فرصة لاكتشاف مستقبل الإعلام بشكل عملي وتجريبي. كما يوفر المنتدى فرصًا تمويلية مبتكرة لدعم رواد الأعمال في القطاع الإعلامي، مما يسهم في تمكين الشركات الناشئة والمشاريع الإعلامية الطموحة من تحقيق نمو مستدام وتعزيز حضورها في السوق.

مع تسارع خطوات المملكة نحو تحقيق أهداف رؤيتها الطموحة، أصبح الإعلام أكثر من مجرد ناقل للأحداث، بل أضحى شريكًا في صياغة المستقبل. فالإعلام السعودي اليوم ليس فقط وسيلة لنقل الأخبار، بل هو منصة لتعزيز الهوية الوطنية، ودعم الاستثمار، والترويج للمشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية ومشاريع الطاقة المتجددة. كما أن الإعلام الحديث، بمختلف أشكاله، يمثل جسرًا بين المملكة والعالم، حيث يساهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز الصورة الإيجابية عن التطورات التي تشهدها البلاد. وتأتي جهود وزارة الإعلام لتعزيز هذا الدور من خلال تطوير السياسات الإعلامية، وتقديم الدعم اللازم للمؤسسات الإعلامية، وتمكين المواهب الوطنية لصناعة محتوى يعكس التطور الذي تعيشه المملكة.

يُشكّل المنتدى السعودي للإعلام 2025 حدثًا محوريًا في مسيرة الإعلام السعودي، حيث يرسّخ مكانته كقطاع حيوي يسهم في دفع عجلة التنمية وتعزيز موقع المملكة على خارطة الإعلام العالمي. ومع استمرار المملكة في تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات، يظل الإعلام شريكًا استراتيجيًا في هذه الرحلة، مسخرًا أدواته الرقمية والتقنية لدعم المسيرة التنموية وترسيخ صورة المملكة كدولة رائدة في الابتكار والتقدم، وذلك بجهود متكاملة من المؤسسات الإعلامية وبدعم استراتيجي من وزارة الإعلام.

شاركها.
Exit mobile version