تجددت الاشتباكات العنيفة في الخرطوم اليوم الخميس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اتهمتها الخارجية السودانية باقتحام مقر السفارة الهندية.
وفي حين أكد الجيش السوداني موافقته على مبادرة منظمة “إيغاد” للتباحث مع الآلية الثلاثية، قال دفع الله الحاج المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إنه لن يكون هناك تفاوض مباشر مع قوات الدعم السريع.
وقال شهود عيان للجزيرة إن الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي والقيادة العامة بالخرطوم هي الأعنف على الإطلاق منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وذكر الشهود أن أصوات دوي المدافع والانفجارات القوية تتركز في وسط الخرطوم مع تصاعد أعمدة الدخان.
وقد استخدمت في المعارك المتجددة أسلحة ثقيلة ومتوسطة، وشن طيران الجيش غارات كثيفة على أهداف شمالي الخرطوم بحري وأم درمان تصدت لها المضادات الجوية لقوات الدعم السريع.
وقال الجيش السوداني في بيان “اشتبكت قواتنا فجر اليوم مع المتمردين (الدعم السريع) الذين حاولوا الهجوم على قيادة منطقة بحري العسكرية”.
وأضاف البيان أن “العدو تلقى عقابا حاسما وتشتت قواته ما بين قتيل وجريح وهارب، كما دمرت قواتنا عددا من العربات القتالية للمتمردين واستلمت 5 عربات تركها العدو في ميدان المعركة”.
ودعا الجيش المواطنين إلى الابتعاد عن مواقع الاشتباكات وعدم التعامل مع الأجسام المعدنية الغريبة حرصا على سلامتهم لحين وصول الفرق الفنية المتخصصة لسحبها والتعامل معها.
في المقابل، أدانت قوات الدعم السريع في بيان ما أسمتها “التصرفات غير المسؤولة من قيادات القوات الانقلابية (الجيش) وفلول النظام البائد (أنصار النظام السابق)”، باختراقها للهدنة الإنسانية المعلنة ومهاجمة قواتنا منذ فجر اليوم الخميس في عدد من مواقع تمركزها.
وأكد البيان أن قوات الدعم السريع والأحياء السكنية في الخرطوم تتعرض إلى قصف عشوائي بالمدافع والطائرات في “مسلك جبان يشكل تجاوزا سافرا للأعراف والقوانين الدولية والقانون الدولي والإنساني”.
وجدد البيان القول إن هناك تعددا في مراكز اتخاذ القرارات داخل من سماها المجموعة الانقلابية، مما انعكس سلبا على تطبيق الهدنة الإنسانية، وفق تعبيره.
والثلاثاء، أعلنت حكومة جنوب السودان أن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتفقا من حيث المبدأ على هدنة جديدة مدتها 7 أيام تبدأ الخميس، وتسمية ممثلين عنهما للانخراط في مفاوضات سلام.
ويسعى الجانبان على ما يبدو إلى السيطرة على مناطق في العاصمة قبل أي مفاوضات محتملة، ومع ذلك فإن قائدي الطرفين لم يبديا علنا استعدادهما لإجراء محادثات بعد استمرار القتال لأكثر من أسبوعين حتى الآن.
السفارة الهندية
وفي سياق متصل، اتهمت وزارة الخارجية السودانية الخميس، قوات الدعم السريع بمهاجمة مقر السفارة الهندية في الخرطوم.
وقالت الوزارة في بيان إن “انتهاكات الدعم السريع تتواصل على السفارات والبعثات الدبلوماسية دون أدنى اعتبار للهدنة المعلنة أو احترام القانون الدولي”.
وأضاف البيان أن “وزارة الخارجية في هذا الصدد تدين تهجم القوات المتمردة على مقر السفارة الهندية في الخرطوم واقتحام مكتب السفير ونهب مقتنيات ثمينة”.
واتهمت الوزارة قوات الدعم بـ”ارتكاب جرائم العنف الجنسي والتحرش والاغتصاب ضد عدد من العاملات في منظمات العون الإنساني، بالإضافة إلى احتلال المعامل المركزية والمستشفيات العامة وإفراغها من المرضى والأطباء مما يهدد الصحة العامة ويحرم المواطنين الأبرياء من تلقي العلاج، والحصول على الدواء”.
الحل العسكري
سياسيا، قال دفع الله الحاج المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة السوداني إنه لن يكون هناك تفاوض مباشر مع قوات الدعم السريع.
وأضاف في أعقاب لقاءات أجراها في السعودية ومصر، أن الحل النهائي للأزمة الحالية في السودان يكون من خلال الحسم العسكري.
من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله إن الجيش وافق على مقترح منظمة “إيغاد” (IGAD) بشأن الأزمة في البلاد، ويتلخص في تمديد الهدنة الحالية لمدة أسبوع، وتسمية ممثل للتباحث مع الآلية الرفيعة المستوى المكونة من رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي، على أن يُجرى هذا الحوار في دولة يتم التوافق عليها مع الآلية.
وأكد المتحدث أن الموافقة على المقترح تأتي انطلاقا من مبدأ الحلول الأفريقية ومراعاة للجوانب الإنسانية، مع أخذ المبادرة الأميركية السعودية في الاعتبار.
بدوره، شدد خالد عمر الناطق الرسمي باسم العملية السياسية في السودان على ضرورة أن يكف الجميع عن أي فعل أو قول يدخل جهات خارجية كطرف في الحرب الدائرة بالسودان.
وأضاف أن “هناك فرصة لوقف هذه الحرب لكن ما يهدد هذه الفرصة إمكانية انزلاقها لحرب عابرة للحدود ودخول قوى اقليمية ودولية كطرف فيها”.
تحركات دولية
دوليا، ثمن وزير خارجية جنوب السودان دينق داو موافقة الجيش السوداني على هدنة لمدة أسبوع، وحث قوات الدعم السريع على الموافقة أيضا.
وشدد داو في مقابلة مع الجزيرة على أن الوقت قد حان لكلا الطرفين للقبول بوقف القتال وأن يكون الحل نابعا من طرفي النزاع.
وفي السياق، قال بيان للخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف، أعرب فيه عن شكره على دعم جيبوتي جهود إجلاء المواطنين الأميركيين من السودان.
وشدد بلينكن على أهمية الشراكة بين الولايات المتحدة وجيبوتي، وأعرب عن تقديره للقيادة الجيبوتية في المنطقة وفي حل الأزمة في السودان، حسب نص البيان.
الوضع الإنساني
إنسانيا، قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن الاحتياجات الإنسانية في السودان لهذا العام تصل لنحو مليار و700 مليون دولار.
وأضاف في مقابلة مع الجزيرة، إن ما تم جمعه حتى الآن لا يتجاوز 200 مليون دولار.
وأضاف غريفيث في مقابلته مع الجزيرة أنه تواصل مع طرفي الصراع في السودان، وأكد أنه بصدد ترتيب اجتماعين مع البرهان وحميدتي كلا على حدة أو من ينوب عنهما، للحصول على ضمانات للسماح بوصول المساعدات الإنسانية وعدم التعرض لموظفي الأمم المتحدة.