في عمق الصحراء وعلى امتدادٍ يتجاوز الزمن، لا تزال ملامح درب زبيدة قائمة كشاهد على إحدى أبهى صور الحضارة الإسلامية.

هذا الطريق التاريخي، الذي يمتد من الكوفة في العراق وصولًا إلى مكة المكرمة، مرّ عبر منطقة حائل، وحمل معه قرونًا من العطاء والكرم والسعي لخدمة الحجاج.

يُعتبر درب زبيدة من أهم طرق الحج القديمة، وقد سُمّي نسبةً إلى السيدة زبيدة بنت جعفر المنصور، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، التي تبنّت تمهيده وتجهيزه لخدمة قوافل الحجيج والمسافرين، فأنشأت عليه السدود والآبار والمنازل، وخلّدت اسمها على امتداد هذا الطريق المبارك.

بحسب هيئة تطوير منطقة حائل، مرّ درب زبيدة بأكثر من 30 محطة تاريخية داخل حدود المنطقة، بدءًا من محطة العشار في الشمال الشرقي، وانتهاءً بمحطة البعايث في الجنوب الغربي. من أبرز تلك المحطات:

العرايش، شامة كبد، فيد، الخزيمية، الشفاء، الحويص، سميراء، الجفالية، الحروقة، الغريبين، كتيبة، حريد، أبو روادف، الشغوة، المهينية، المذيريات وغيرها.

توزّعت هذه المحطات بين مراكز استراحة وسقيا ونقاط أمنية وتنظيمية كانت تخدم آلاف الحجاج سنويًا، ضمن شبكة متكاملة من الخدمات التي سبقت وقتها.

أخبار ذات صلة

 

يُعدّ درب زبيدة إرثًا حضاريًا متكاملاً جسّد القيم الإسلامية في خدمة ضيوف الرحمن، والقدرة التنظيمية للمجتمع الإسلامي في العصور الوسطى.

تُظهر الآثار الباقية من الدرب أن العمل لم يكن عشوائيًا، بل جرى وفق تخطيط هندسي دقيق شمل بناء برك المياه، والآبار المحفورة، والمنازل التي وفّرت الأمن والراحة للحجاج.

تعمل هيئة تطوير حائل على إحياء وتأهيل هذا الطريق التاريخي، ضمن مشاريع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية، وتحويل المواقع التراثية إلى وجهات سياحية وتاريخية عالمية.

ويُعد إدراج درب زبيدة ضمن قائمة المسارات الثقافية ذات الأولوية مؤشرًا على الأهمية التي توليها المملكة لهذا النوع من التراث الحي، الذي يمتد بجذوره في أعماق التاريخ، ويرتبط بأقدس رحلة يقوم بها المسلمون.

شاركها.
Exit mobile version