أثار إعلان الجيش الإسرائيلي شق محور جديد يُعرف باسم “ماجن عوز” في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، على امتداد 15 كيلومترا، جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي بين نشطاء فلسطينيين، وسط مخاوف من تحوّله إلى أداة لتكريس الاحتلال وإعادة تقسيم القطاع.

ونقل موقع “والا” الإسرائيلي عن مصادر عسكرية قولها إن الجيش ينفذ عملية هندسية تهدف إلى تعزيز وجوده وتوسيع قواعده في المنطقة العازلة.

وأضافت المصادر أن الجيش الإسرائيلي يصمم الميدان بطريقة تمكنه من فرض سيطرة أفضل خلال وقف إطلاق النار وما بعده، مشيرة إلى أن هذه الأنشطة تبعث رسالة واضحة بأنه يستعد للبقاء طويلا في المنطقة.

ويمتد الطريق الذي أطلق عليه الجيش الإسرائيلي اسم “ماجن عوز” على 15 كيلومترا، ويتصل بممر موراغ، الذي يفصل خان يونس عن رفح.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الطريق قسّم فعليا خان يونس لتحويل كل ما يقع شرق محور “ماجن عوز” إلى منطقة شبيهة برفح محتلة وخالية من حماس، وتخضع لسيطرة إسرائيل الكاملة والمستمرة.

وأضافت يمكن إضافة منطقة شرق خان يونس التي تعادل مساحتها 10% إلى 15% من قطاع غزة إلى رفح التي تعادل مساحتها نحو 15% إلى 20% من مساحة القطاع.

أداة ضغط جديدة

وصف عصمت منصور، الخبير في الشأن الإسرائيلي، المحور بأنه “أداة ضغط جديدة دخلت على خط المفاوضات وعلى واقع غزة”، مما يضيف مزيدا من التعقيد على المشهد الميداني والإنساني.

أوضح منصور في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على فيسبوك، أن هذه السياسة جزء من مخطط أوسع يهدف إلى عرقلة مسار المفاوضات وإطالة أمدها، من خلال فرض وقائع جديدة على الأرض وتكثيف الضغط على الفلسطينيين.

تقسيم ممنهج وتحولات ديمغرافية

ويرى مغردون أن “محور ماجن عوز” لا يمثل مجرد طريق عسكري، بل أداة ضغط سياسية وميدانية تهدف إلى فرض واقع تقسيمي جديد وإعادة رسم الخارطة الجغرافية للقطاع وإطالة أمد الحرب.

واعتبر آخرون أن إنشاء هذا المحور يهدف إلى تقسيم خان يونس بشكل ممنهج، حيث أصبح الجزء الشرقي منها تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بعد إخلائه من سكانه، ليُشبه في وضعه الحالي مدينة رفح من حيث “التطهير” والسيطرة.

أما الجزء الغربي فلا يزال يشهد اشتباكات عنيفة ويضم منطقة المواصي، حيث يتكدس نحو مليون نازح فلسطيني، ولا تزال المقاومة حاضرة فيه بقوة، مما يجعل السيطرة عليه جزئية حتى الآن.

وكتب أحد النشطاء: “هذا معناه أن العمل جار على مسح كل مدينة خان يونس وضمها إلى رفح الممسوحة”.

وأضاف ناشط آخر: “احتلال جديد، تطهير عرقي جديد، محور جديد يضاف إلى باقي محاور الاحتلال”.

ويعتقد مدونون أن شق هذا المحور يهدف إلى خلق منطقة “آمنة” شرق خان يونس تُضاف إلى رفح، لتشكيل جيب خالٍ من المقاومة يمكن تطويره لاحقا، سواء لأغراض أمنية أو إنسانية.

ويرى آخرون أن إسرائيل تسعى إلى توسيع أوراق التفاوض، إذ لم تعد رفح الورقة الوحيدة المطروحة في أي صفقة محتملة، بل بات بإمكانها طرح الانسحاب من “محور ماجن عوز” كورقة تفاوض إضافية.

ولم يستبعد بعض المدونين أن يكون الهدف من هذا التحرك هو توسيع ما يُعرف بالمناطق الإنسانية عبر ضم شرق خان يونس إلى رفح، تمهيدا لإنشاء ما يسمى “مدينة إنسانية” خالية من حماس، وتحت رقابة إسرائيلية أو دولية، تُستخدم لإيواء المدنيين وتقديم الخدمات الأساسية كـ”حل إنساني بديل”.

العودة إلى ما قبل 2005

في المقابل، يرى آخرون أن هذه التحركات تمثل مسعى واضحا لإعادة الوضع في غزة إلى ما كان عليه قبل عام 2005، حين كانت المناطق الفلسطينية مفصولة بمحاور أمنية، وكانت الحركة بين شمال القطاع وجنوبه تمر عبر حواجز عسكرية إسرائيلية متعددة، ما كان يقيد حركة السكان ويُسهّل السيطرة الميدانية، على غرار ما يحدث حاليا في الضفة الغربية.

واعتبر مدونون أن “محور ماجن عوز” ليس سوى حلقة جديدة في خطة الاحتلال لتمزيق أوصال القطاع، وشق محاور تفصله إلى أجزاء، تسهيلا لأي توغل بري مستقبلي وتعزيزا لأوراق الضغط في الميدان وفي غرف المفاوضات.

يذكر أن المحور الجديد سيكون امتدادا لعدة محاور أقامها الجيش الإسرائيلي منذ بدء العملية العسكرية على قطاع غزة، وكان من بينها محور نتساريم الذي فصل مناطق وسط وجنوب القطاع، عند مدينة غزة والشمال، ومحور كيسوفيم-جباليا، ومحور فيلادلفيا-صلاح الدين، ومحور موراغ الذي يفصل رفح عن خان يونس.

شاركها.
Exit mobile version