وقال مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي الذي ألقى الكلمة بالنيابة عن دول المجلس خلال جلسة مخصصة لبحث أولويات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للعام الحالي أمس: «إن المجموعة الخليجية تتابع بقلق الفجوة التمويلية القائمة التي تعوق، في حقيقة الأمر، الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة»، وذلك في معرض حديثه عن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة.
ووجه المندوب الكويتي حديثه إلى غوتيريش ونائب الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد بالقول: «يشرفني بداية أن ألقي هذا البيان بعد أن أتقدم لكم بالشكر على عقدكم لهذه الجلسة بالنيابة عن الوفود الدائمة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن نعرب عن بالغ تقديرنا لقيادتكم وفريقكم الحكيمة للأمم المتحدة في هذه المرحلة الجسيمة والدقيقة التي يواجه فيها المجتمع الدولي تحديات موضوعية وسياسية فائقة الأبعاد والتأثيرات، وأن نجدد دعمنا الكامل والمطلق لكم ومشاطرتنا لاهتمامكم وأولوياتكم للعام الحالي».
وأضاف: «نستذكر بهذا الصدد ما ذكرتموه وما أشرتم إليه في العديد من مداخلاتكم وكلماتكم السابقة حول الحاجة اليوم للالتفاف نحو السلام وأسس الحوار والتفاوض وبناء الجسور للتغلب على تحديات العصر بأوجهها العديدة ومتطلباتها المتشعبة، وللحد كذلك من مخاطر الكوارث والصعوبات دعماً لغايات الأمم المتحدة النبيلة التي بنيت في أربعينات القرن العشرين للدفع بالصالح العام، فأنتم جسدتم من خلال أعمالكم الدؤوبة هذه الغايات»، مشدداً بالقول: «ونحن من جانبنا داعمون لكم ولنشاطكم الأممي الأوسع ولا يفوتنا بهذا السياق أن نجدد إيماننا الراسخ بمنظومة الأمم المتحدة كمنبر أممي جامع لا غنى عنه لتحقيق وتفعيل التعاون الدولي متعدد الأطراف وتعزيز أيضاً القيم الإنسانية المشتركة».
وتناول السفير البناي المعاناة والأوضاع المأساوية للسكان في قطاع غزة «تحت وطأة احتلال لا يعرف للرحمة سبيلاً» جراء الحرب الدموية التي يتعرض لها منذ أكثر من عام.
وقال: «في غزة حيث تهمس الريح بأوجاع شعب يعاني تحت وطأة احتلال لا يعرف للرحمة سبيلاً وحيث الأرض تروي قصص معاناة لا تنتهي نقف اليوم مؤمنين بحتمية العدالة»، مشيراً في هذا الصدد إلى جهود قطر ومصر والولايات المتحدة لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار.
وثمن البناي الدور البناء الذي لعبته الأمم المتحدة ووكالاتها وأجهزتها الفنية ولا تزال في هذا الشأن، «ونعبر كذلك عن تقديرنا الكامل للتضحيات التي قدمها العاملون في الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية في سبيل حماية المدنيين».
وأضاف: «في ما يتعلق بالجانب الإنساني وإن اتسعت رقعة أزماتها وتشعبت تلاحظ المجموعة الخليجية وتتابع بقلق الفجوة التمويلية القائمة التي تعيق في حقيقة الأمر الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة».
وحث الدول المانحة على تعزيز أفق تمويلها لدعم جهود الإغاثة وضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين، «ولا يفوتنا أن نؤكد أن دول مجلس التعاون لا تدخر جهدا في هذا المجال وستواصل دعمها ومساندتها للنشاط الإنساني للأمم المتحدة، كما نشدد على أهمية تمييز التمويل الإنساني عن التمويلين التنموي والمناخي لضمان استخدام الموارد بفاعلية».
وفي مواجهة التغير المناخي، أكد البناي «أهمية العمل الجماعي ومواصلة إشراك المجتمع الدولي متمثلاً بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة في كافة الجهود المعنية استناداً إلى مبادئ العدالة والمسؤوليات المشتركة والمتباينة، وأن ندفع بأسس التكيف والتخفيف الخاصة بهذا المجال للدول النامية والأقل نمواً من خلال الاستمرار بالدعم، ونشيد بجميع الجهود التي بذلت في مؤتمرات الأطراف الأخيرة التي عقدت في منطقتنا، ونأمل أن نحقق جميعاً تقدماً ملموساً يحاكي الواقع وتحدياته».
ولفت إلى أن بروز الذكاء الاصطناعي يمثل نقطة تحول تاريخية فهو أداة واعدة لتحقيق التنمية والابتكار، ومع ذلك فإن استخدامه بطريقة خاطئة قد يفاقم من تحديات العصر، ولذا تدعو المجموعة الخليجية إلى وضع مبادئ توجيهية لهذه التكنولوجيا مع ضمان استفادة الدول النامية والأقل نمواً منها دون تعميق الفجوة التكنولوجية بشكل أكبر مما هي عليه.
وأعربت المجموعة الخليجية عن تقديرها لعقد هذه الجلسة واستعدادها المطلق لمواصلة العمل مع الدول الأعضاء والأمم المتحدة في عامها الثمانين منذ تأسيسها للحد من آثار التحديات الراهنة الموضوعية منها والسياسية، مشددة على ضرورة مضاعفة الجهود الدولية وترجمتها من خلال الاستحقاقات الأممية الخمسة المزمع عقدها هذه السنة وهي القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي ستستضيفها قطر والمنتدى السياسي رفيع المستوى والمؤتمر الدولي الرابع المعني بالنساء والاجتماع رفيع المستوى المعني بالأمراض غير المعدية وأخيرا المؤتمر الدولي رفيع المستوى لإيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين في نيويورك وذلك لضمان تحقيق المصلحة المشتركة للإنسانية جمعاء.