قال محللان سياسيان إن فهم ما سيحدث في سوريا مستقبلا يبدو مرهونا بالاجتماع الذي سيعقد بين روسيا وإيران وتركيا في العاصمة القطرية الدوحة، وأكدا أن الحكومة السورية تواجه أزمة حقيقية بسبب تراجع دعم موسكو وطهوان العسكري.
وفي وقت سابق اليوم الخميس، أعلنت المعارضة السورية المسلحة الاستيلاء على مطار حماة العسكري فيما أكدت قوات وزارة الدفاع السورية أنها أعادت تموضعها وانتشارها خارج المدينة.
ويمثل هذا التطور نقلة كبيرة من الناحية العسكرية، لكنه لم يكن مفاجئا بعد السقوط السريع وغير المتوقع لمدينة حلب، كما يقول المحلل السياسي عمار الوقاد، الذي قال إن الجيش خاض معركة حماة وهو فاقد للكثير من قواته.
وقال الوقاد، في مقابلة مع الجزيرة، إن التطورات الميدانية متسارعة ولا يمكن التوقع بما سيحدث مستقبلا في ظل الموقفين الروسي والإيراني، مشيرا إلى أن البلدين يبدوان وكأنهما يريدان فرض شروط معينة على دمشق مقابل التدخل لمنع سقوطها.
وأضاف الوقاد أن “سقوط الدولة سيمثل صفعة لموسكو التي لن يكون لها وجود في الشرق الأوسط في حال سقطت الحكومة السورية وأيضا لطهران التي أنفقت الكثير من أجل الاحتفاظ بموضع قدم في سوريا”.
لا مؤشر على تقديم الدعم
ويرى الوقاد أن كلتا الدولتين لا تظهران حتى الآن مؤشرا على إمكانية تقديم المساعدة وهو ما يعني “أنهما تريدان وصول الحكومة إلى لحظة معينة حتى يفرضا شروطهما عليها مقابل مساعدتها في الدفاع عن نفسها”، حسب الوقاد.
وقال الوقاد إن سوريا تتعرض لعملية تقسيم فعلية في اللحظة الراهنة، وإن إيران التي أمطرت إسرائيل بمئات الصواريخ في ساعات قادرة على فعل الأمر نفسه ضد الجماعات المسلحة التي لا تملك أي قدرة للدفاع عن نفسها.
الأمر نفسه ينطبق على روسيا التي يمكنها قصف كافة الجماعات التي تتحرك على الأرض في ساعات، وفق الوقاد، الذي يعتقد أن كلا البلدين يحاول التوصل لنقطة معينة تريدها تركيا قبل بدء التدخل.
وخلص الوقاد إلى أن نية الدعم موجودة لدى موسكو وطهران لكنها مؤجلة، غير أنه يرى في الوقت نفسه أن روسيا تحديدا ربما لا تتمكن من فعل شيء لو نجحت تركيا بوضعها في واقع ميداني معين.
وفي السياق، قال الكاتب السياسي عمر بوش إن اجتماع الدوحة المرتقب هو الذي سيحدد كل شيء لأنه يمثل انعكاسا لما يجري في الميدان.
ويرى بوش أن اجتماع الدوحة سيكون بديلا لمسار أستانا الذي أصبح من الماضي بعد التحولات العسكرية الأخيرة، ويعتقد أن النظام السوري لا يملك أوراق قوة تذكر في اللحظة الراهنة لكي يفاوض بها.
وإلى جانب ذلك، فإن كلا من روسيا وإيران ليستا كما كانتا في السنوات السابقة، حيث الأولى مشغولة في أوكرانيا والثانية تواجه محاولات تقليم أظافرها بالمنطقة وهو ما سينعكس على سوريا بكل تأكيد، كما يقول بوش.
ويعتقد الكاتب السياسي أن العملية العسكرية التي شنتها المعارضة المسلحة لم تكن تستهدف الوصول إلى ما وصلت إليه، ويرى أن تهاوي قوات الحكومة هو الذي وصل بها إلى دخول حماة.
وخلص الكاتب السياسي إلى أن العملية ربما تمتد لحمص وما بعدها ما لم يتم التوصل لاتفاق في الدوحة. وهو يعتقد أن المعارضة “ربما تقوم بتبريد الميدان وتجلس لطاولة المفاوضات ما لم تتمسك موسكو وطهران بموقفيهما اللذين يتعاملان مع المعارضة كجماعات إرهابية وحسب”.