ولعل أهم ما نجحت فيه ديب سيك هو كسر القاعدة الذهبية التي كانت تعتمد في الاستثمار في هذا المجال، وهي أن المزيد من الأموال المستثمرة يعني بالضرورة المزيد من السيطرة. استطاعت ديب سيك تقديم منتج بتكلفة أقل وبفعالية أكبر بكثير. وهذا ما أدى إلى ذوبان قيمة شركة انفيديا عملاق صناعة الشرائح وأشباه الموصلات التي تعتبر بمثابة النخاع الشوكي لهذا القطاع المهم.
وجدت الصين بالتالي طريقة مهمة للخروج من سيطرة واحتكار وقيود شركات صناعة أشباه الموصلات وإيجاد سلاسل توريد مختلفة مكّنها من النجاح وترجم ذلك إلى صدمة في أسواق المال الأمريكية.
الصين تضيق الهوة التقنية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وتثبت لنفسها وللعالم أنه لا توجد شركة تقنية غير قابلة للمس وبالتالي المنافسة.
وأن المنافسة ممكنة جداً في ظل المحاربة والعقوبات التجارية والإجراءات الحمائية الوقائية والتكاليف الجمركية الباهظة.
هناك تحدٍ واضح لفرضية أن الولايات المتحدة الأمريكية ستبقى لها الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، هناك من يعتقد ويراهن على أن الدفة غيّرت اتجاهها وأنها تسير نحو الصين مركز الثقل القادم، وأن وادي السيليكون في أمريكا فقد زمام المبادرة.
من المبكر إطلاق رصاصة الرحمة على الذكاء الاصطناعي في أمريكا، ولكن هناك من اعتبر ما حدث أشبه بلحظة سبوتنيك السوفيتي عندما فاجأ الاتحاد السوفيتي الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق صاروخ إلى المدار الفضائي قبل أمريكا مما سبّب صدمة سياسية وعلمية عنيفة لديها. الأهم اعتبار ما حصل مكالمة إيقاظ عنيفة جداً مثيرة للقلق بالنسبة لقطاع الأعمال الأمريكي، وهذا سيفتح المجال للمزيد من الاستثمارات لإعادة توسيع الهوة التقنية مجدداً.
الفيلسوف الصيني الأشهر كونفيوشس له مقولة معروفة تقول «كم ذهبت أهداف عظيمة بعدم اتباع الصبر العميق»، ويبدو أن الصبر والصمت هما عنصرا سياسة الصين الاقتصادية في مجال التقنية الحديثة، وتعتمد على صدمة خصومها بالنتائج المفاجئة.