بيزنس الثلاثاء 11:48 م

الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة شكّل منعطفا غير مسبوق في مسار الصراع، إذ استهدف قادة من حركة حماس خلال وجودهم في قطر، وأدى إلى مقتل أحد أفراد قوات الأمن القطري. وزارة الداخلية القطرية أعلنت بوضوح أنها اتخذت جميع الإجراءات لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، في إشارة إلى أن الحادثة لم تكن مجرد استهداف لفصيل فلسطيني، بل خرق مباشر لسيادة الدولة وأمنها الداخلي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدّم رواية العملية باعتبارها قرارا إسرائيليا مستقلا، مؤكدا أنه أمر بتنفيذ الضربة بعد توفر ما وصفه بـ«الفرصة العملياتية»، رابطا العملية بالهجمات في القدس وغزة، ومعلنا أن استهداف قادة «حماس» يمكن أن يمهد لإنهاء الحرب. كما شدد على أن الحرب ستتوقف فورا إذا وافقت الحركة على مقترح ترمب، في محاولة لربط الضربة العسكرية بمسار التفاوض السياسي، مع إصرار واضح على أن قادة «حماس» لم يعودوا محصنين في أي مكان، بما في ذلك الدوحة.

من داخل الحركة، جاء الرد بأن الضربة أوقعت قتلى بينهم نجل خليل الحية، لكنها لم تصب القيادة العليا ولا الوفد المفاوض، ما يعني أن «حماس» سعت إلى التقليل من أثر العملية على بنيتها القيادية والتأكيد على استمرارها في الميدان السياسي والعسكري معا.

ردود الفعل الدولية تباينت بين إدانة صريحة وتحذير من الانزلاق نحو تصعيد إقليمي أوسع. محمود عباس رأى أن الضربة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، بينما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العملية بأنها غير مقبولة مهما كانت دوافعها، وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن ما جرى انتهاك لسيادة قطر وإنذار بتوتر متصاعد، في حين قال الرئيس الإيراني إن الهجوم يكشف أن إسرائيل لا تعترف بحدود لإرهابها وجرائمها. أما الولايات المتحدة فقد حرصت على إظهار الحياد النسبي، إذ أكد مسؤول في البيت الأبيض أن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقا بالعملية، دون الإشارة إلى مشاركة أو تبنٍّ سياسي مباشر.

أما الموقف الأبرز فقد جاء من المملكة العربية السعودية التي أصدرت بيانا عبّرت فيه عن إدانتها للهجوم الإسرائيلي على الدوحة، معتبرة ما جرى انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وسيادة قطر، ومؤكدة في الوقت ذاته أن مثل هذه الأعمال لن تؤدي إلا إلى زعزعة الاستقرار وتقويض الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب. هذا البيان وضع الرياض في قلب الموقف الدبلوماسي، مجددا دورها المحوري كداعم للاستقرار وكصوت إقليمي يحذر من تداعيات عسكرة الصراع خارج نطاقه التقليدي.

في المجمل، ما حدث في الدوحة لم يكن مجرد عملية عسكرية تستهدف قادة «حماس»، بل رسالة مزدوجة حملت أبعادا تتعلق بالسيادة والأمن الإقليمي ودور الوسطاء في مسار التسويات. إسرائيل أرادت القول إنها قادرة على الوصول إلى خصومها أينما كانوا، بينما قطر وجدت نفسها في موقع المستهدَف المباشر، والمملكة تحركت لتثبيت مبدأ السيادة وحماية مسار التهدئة، في لحظة يتقاطع العسكري بالسياسي والدبلوماسي، وتتشابك الحسابات الإقليمية مع مستقبل الحرب في غزة.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
Exit mobile version