نفذ الجيش الإسرائيلي إنزالا جويا للمرة الأولى في منطقة الكسوة الإستراتيجية جنوب غرب دمشق أمس الأربعاء، في عملية استمرت ساعتين قبل أن تغادر قواته المنطقة، في حين لا تزال تفاصيل العملية مجهولة، وذلك بعد نحو يومين من استهدافات متكررة.

ولم تعترف إسرائيل بتنفيذ العملية، لكن وزير دفاعها يسرائيل كاتس ألمح إلى ذلك قائلا إن قواته تعمل “في جميع ميادين القتال ليل نهار، من أجل أمن إسرائيل”.

ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل إنزالا جويا في مواقع عسكرية سورية، إذ أنزل الجيش الإسرائيلي قواته في منطقة عسكرية بالقرب من مصياف في سبتمبر/أيلول الماضي لتنفيذ عملية ضد ما قيل إنها منشأة إيرانية، فإنها المرة الأولى التي تنفذ فيها عملية مماثلة بالقرب من العاصمة السورية التي كانت تحتفل بالدورة الـ62 من معرض دمشق الدولي في الأثناء.

ماذا قالت سوريا؟

مساء الأربعاء، شنت إسرائيل غارات جوية على موقع قرب مدينة الكسوة بمحافظة ريف دمشق (جنوب)، في ثالث عدوان على المحافظة خلال أقل من 24 ساعة، وفق وكالة الأنباء السورية (سانا).

ونقلت الوكالة عن مصدر حكومي -لم تسمه- إنه خلال جولة ميدانية لعناصر من الجيش قرب جبل المانع جنوب دمشق الثلاثاء الماضي عثرت على أجهزة مراقبة وتنصّت، لم تكشف الوكالة إلى من تعود تلك الأجهزة.

وأضاف المصدر أنه في أثناء محاولة التعامل معها، تعرض الموقع لهجوم إسرائيلي جوي أسفر عن وقوع قتلى وإصابات وتدمير آليات.

وأفاد بأن الاستهدافات الجوية والمسيّرات استمرت في منع الوصول إلى المنطقة حتى مساء الأربعاء.

في المقابل، قامت مجموعات من الجيش بتدمير جزء من المنظومات عبر استهدافها بالسلاح المناسب، وسحب جثامين القتلى، كما أفاد المصدر.

وتابع أنه لاحقا شنت الطائرات الإسرائيلية عدة غارات على الموقع، أعقبها إنزال جوي لم تُعرف تفاصيله بعد.

وباستثناء التصريحات الإعلامية، لم تصدر وزارة الخارجية السورية بيانا بشأن الإنزال الجوي الإسرائيلي كما فعلت لتدين الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة في القنيطرة.

وجاءت الغارات الإسرائيلية على محيط الكسوة مساء الأربعاء، غداة قصف استهدف المدينة، وقتل 6 جنود سوريين، تزامنا مع تنفيذ قوات إسرائيلية توغلات متكررة بمحافظة القنيطرة جنوبي غربي البلاد.

ماذا قالت إسرائيل؟

رغم أن إسرائيل لم تعترف رسميا بتنفيذ الإنزال الجوي، فإن وسائل إعلامها أكدت أن الجيش الإسرائيلي نفذها بعد شن غارات على المنطقة.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن قوة كوماندوز نفذت إنزالا جويا في قاعدة عسكرية بالكسوة، حيث أنزلت 4 مروحيات عشرات الجنود، الذين بقوا أكثر من ساعتين.

وشرحت أن على ما يبدو فإن أجهزة التنصت والمراقبة الموجودة في الموقع على قدر بالغ من الأهمية، مما دفع الجيش الإسرائيلي لتدخل على الأرض.

ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، فإن الموقع العسكري تابع للفوج الرابع التابع للجيش السوري وضم صواريخ إيغلا-إس التي كان يستخدمها سابقا حزب الله في أثناء وجوده في سوريا لدعم حكم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد.

لماذا الكسوة؟

ضمت الكسوة في السنوات الماضية مواقع عسكرية عديدة تابعة للجيش السوري والفصائل التي عملت مع نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وكانت إسرائيل تستهدفها في بعض الأحيان.

وشرحت وسائل إعلام إسرائيلية أن الكسوة ضمت منشأة عسكرية إيرانية منذ سنوات، هاجمتها تل أبيب عدة مرات، وفي مارس/آذار 2023 قتل مستشاران إيرانيان للحرس الثوري في هجوم هناك.

لكنها أوضحت أنه ليس من المؤكد إذا ما كانت هذه المنشأة بالذات هي المستهدفة بالإنزال الجوي.

بدوره، شرح الخبير العسكري العقيد متقاعد نضال أبو زيد -في مقابلة مع قناة الجزيرة- أنه ربما رصدت إسرائيل تحركا لمنصات الصواريخ في المنطقة التي سماها مثلث حرجلة- جبل المانع- الكسوة، وهي المناطق التي تعرضت لغارات الأيام الماضية.

وتابع أن إسرائيل تعتبر أي تحرك لصواريخ الدفاع الجوي بالقرب من مناطق توغلها جنوب غرب سوريا خطا أحمر، وهذا ما دفعها لتنفذ القصف والإنزال في الكسوة.

ماذا بعد العملية؟

ورغم الاعتداء الإسرائيلي المباشر على أراضي الدولة السورية، يقول الباحث المختص في الشأن السوري وائل علوان -للجزيرة نت- إن الحكومة السورية لا تمتلك القدرة أو حتى الرغبة في خوض مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.

وتابع أنها لذلك تكتفي بالاعتماد على أدوات دبلوماسية ومسارات أممية، إلى جانب مواقف الحلفاء الإقليميين والدوليين الذين يحرصون على استقرار سوريا والمنطقة.

وأكد أن المراقبة الإسرائيلية الدقيقة للجنوب السوري تجعلها تستهدف أي تحرك ترى فيه تهديدا لأمنها القومي، ولذلك فإن الهجوم الأخير أقرب إلى كونه عملية أمنية، لا علاقة لها بمسارات التفاوض أو بالضغط السياسي، بل هدفها المباشر منع ما تعتبره تل أبيب تهديدا محتملا على حدودها، وفق قوله.

المصدر: الجزيرة + الصحافة الإسرائيلية + وكالات

شاركها.
Exit mobile version