المناطق_واس

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز أمير منطقة الجوف اليوم، بصالة الاستقبال الكبرى في قصره بمدينة سكاكا، جمعًا من المواطنين ومشايخ ومُعرِّفي القبائل بالمنطقة، وأصحاب الفضيلة رؤساء المحاكم والقضاة، ومسؤوليِّ القطاعات الحكومية من مدنيين وعسكريين، وذلك خلال جلسته الدوريّة.

وتناول سموه في حديثه للمواطنين العديد من الموضوعات التي تهم المنطقة في مختلف المجالات، سائلاً الله تعالى أن يديم على البلاد أمنها وعزها وازدهارها في ظل قيادتها الرشيدة.

وخلال الجلسة دشّن سمو أمير منطقة الجوف إلكترونيًا مبادرة “أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة” بمنطقة الجوف، الذي تنظمه الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وقال: يسعدني اللقاء بكم هذا اليوم كما يسرّني – وعلى بركة الله – أن أطلق مبادرة “أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة” والتي تنظّمها الرّئاسة العامّة للبحوث العلميّة والإفتاء بالمنطقة.

وقدّم سموّه الشكر الجزيل لسماحة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، على جميع الجهود التي تقدّمها الرّئاسة العامّة للبحوث العلمية والإفتاء، متمنّيًا للجميع دوام التوفيق.

وبدأت الجلسة بتلاوة آيات من القرآن الكريم تلاها الشيخ خالد بن فهد الجليل، تلا ذلك كلمة لسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للفتوى ألقاها نيابة عنه مدير عام الإدارة العامة للفتوى الشيخ وليد السعدون قال فيها: إن من عَظَمةِ هذا الدينِ أن جعلَ الناسَ أفرادًا وجماعاتٍ وأممًا، يعيشونَ تحتَ مَظلتهِ، ويأتمرونَ بشرعهِ، ونظَّمَ لهمُ العباداتِ؛ لتقويةِ هذا الهدفِ العظيمِ. وقد ربَّى الإسلامُ أتباعَهُ على أن تكونَ علاقاتُهم قائمةً على أُسسِ العقيدةِ السليمةِ الصحيحةِ، فإنها تجمعُ القلوبَ وتؤلفُها، قال الله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، والمسلمونَ يتمتعونَ بحقوقٍ وشراكةٍ بينهم، رغم اختلافِ اللونِ واللغةِ والعرقِ والقبيلةِ قال جل في علاه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يخاطبُ الناسَ فيقولُ: “أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِي عَلَى أَعْجَمِي، وَلاَ لِعَجَمِي عَلَى عَرَبِي، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَد، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى”.

ومما دعا الإسلامُ إليهِ: الاجتماعُ على ولاةِ الأمور، والسمعُ والطاعةُ لهم، ودعا المسلمينَ إلى الالتفافِ حولَهَم والاجتماعِ عليِهم، يُولونَهم أمرَهم، ليسُوسُوهم بالخيرِ، ويُقيموا بهم الصلاةَ، ويقيموا فيهم الحدودَ، ويحفظوا دَمَاءَهم وأموالَهم وأعراضَهم، ويقيموا العدلَ بينهم.

وأوجبَ عليهم طاعتَهم، والسمعَ لهم بالمعروفِ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، ويقول صلى الله عليه وسلم: “عَلَى الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ” الحديث.
ومما حذرَ منهُ الاسلامُ، الخروجُ على أئمةِ المسلينَ، ومعصيتُهم، ولأنَّ في معصيتِهم يكونُ الضعفُ والبلاءُ في الأمةِ، ولهذا أوجبَ صلى الله عليه وسلم على كلِ مسلمٍ في عُنقهِ بيعةٌ أن يحافظَ عليها، وألا يتخلى عنها، قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولاَ حُجَّةَ لَهُ”. وقال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”
وجاءتِ الفتوى من وراءِ ذلكَ مؤيدةً ومسددةً ومبينةً فضلَ السمعِ والطاعةِ والاجتماعِ؛ جلبًا للمصلحةِ، ودفعًا للمفسدةِ وحفظًا لهذهِ اللُحمةِ والنسيجِ الاجتماعي، ونبذًا للفرقةِ والفوضى والخروجِ على ولاةِ أمرِ المسلمين،
فمتى كانَ المفتي عاملًا وفقَ النهجِ الصحيحِ، ملتزمًا كتابَ اللهِ وسنةَ رسولهِ صلى الله عليه وسلم، جاريًا على سَنَن الاستنباطِ السليمِ على طريقةِ السلفِ الصالحِ، كان لهُ الأثرُ الإيجابيُّ في محافظةِ المجتمعِ المسلمِ على هُويّتهِ واجتماعهِ، والسمعِ والطاعةِ لولي أمرهِ، ولا زالَ العلماءُ الربّانيّون الملتزمونَ بالنهجِ القويمِ يسدّدونَ مسيرةَ الأمّةِ ويصححونَ ما عسى أن يقعَ فيها من انحرافاتٍ تبعاً لمنهجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والخلفاءِ الراشدين وسلفِ هذهِ الأمةِ؛ لذا حذَّرَ اللهُ من أخذِ الفتوى من غيرِ أهلِها فقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وحذرَ المفتي المتطفلُ على مائدةِ أهلِ العلمِ من إضلالِ الناسِ بغيرِ علمِ، فقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً}،
وحذَّرَ العلماءُ من المفتي الجاهلِ الذي يُفتي بهواهُ؛ وما ذلكَ إلا لخطرهِ وضررهِ على المجتمعاتِ المسلمةِ وأفرادِها، وكم في الأمةِ اليومَ ممن يَسعى بفتاواهُ الخارجةِ عن منهجِ الوسطيةِ إلى إخراجِ الأمةِ من تميزها والتزامِها بديِنها والتفافها على ولاةِ أمرِها، إلى حالِ الفوضى والدمارِ والخروجِ على ولاةِ الأمر، كحال فتاوى الغلوِ والبدعِ والتساهُلِ على غيرِ سَنَن الشرع.
وقدْ حفِظَ اللهُ لهذهِ الدولةِ المباركةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، مكانتَها ووحدتَها، ومنّ عليها بالتفافِ شعبِها على ولاةِ أمرِهم، وأسبغَ عليها من نعمهِ بقيادةِ حكيمةِ وحكومةِ رشيدةِ، منذ عهدِ الملكِ عبد العزيزِ بن عبد الرحمنِ آل سعود -رحمه اللهُ – حتى عهدِ خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمانِ بن عبد العزيزِ آل سعودِ، وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله-، وقدْ لقيتْ الرئاسةُ العامةُ للبحوثِ العلميةِ والإفتاءِ ممثلةً في هيئةِ كبارِ العلماءِ، واللجنةِ الدائمةِ للفتوى كلَّ دعمٍ وعنايةِ من لدن خادمِ الحرمينِ الشريفينِ وولي عهدهِ بشأن الفتوى والمفتين، وحرصًا على الإفتاءِ ومكانتهِ، صدَرَ الأمرُ الساميُ الكريم رقم: 3307 وتاريخ 13/1/1444هـ بشأنِ تنظيمِ الفتوى والمفتين، وحفظًا لكيانِ هذا العلمِ، وألا يتصدرَ أمرُ الفُتيَا إلا من توافرتْ فيهِ الشروطُ، وتم إجازتَهُ من الجهاتِ المتخصصةِ، وأن يُقطعَ الطريقُ على كلِّ من تسولُ لهُ نفسهُ بتصدرِ الفُتيَا دونَ علمٍ وبصيرةٍ.

وأقيمت عدة مداخلات بعنوان”ضرورة أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة” قدمها فضيلة الدكتور جبريل بن محمد البصيلي عضو هيئة كبار العلماء ومفوض الإفتاء بمنطقة عسير، ومفوض الإفتاء بمنطقة مكة المكرمة فضيلة الدكتور محمد بن عمر بازمول، ومفوض الإفتاء بمنطقة حائل فضيلة الدكتور أحمد بن جزاع الرضميان، تطرقوا خلالها إلى وجوب أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة.

وفي ختام الجلسة تسلّم سموّه درعًا تذكاريًّا من سماحة المفتي بهذه المناسبة.

 

شاركها.
Exit mobile version