المناطق_واس
يرتبط أهالي منطقة الجوف بالنخيل ارتباطاً وثيقاً يشكّل علاقة الإنسان بأرضه وما تجود به من خيرات، حيث كانت مصدر قوتهم اليومي، وتتعدى ذلك لاستخدامات متعددة في البناء والتشييد باستخدام جذوع النخيل وسعفها وجريدها ومكوناتها التي تمد الإنسان بكل احتياجاته الأساسية.
ولم ينفك أهالي الجوف عن هذا الارتباط جيلاً بعد جيل حيث أصبحت اليوم علاقةً وثيقة القوى بين الإنسان والنخيل، في انتقال لهذا الارتباط بين الأجيال حيث يستقي الصغار واليافعون اهتمامهم في النخيل من آبائهم وأجدادهم، في اهتمام بإنتاجها الزراعي لمختلف أنواع التمور، التي تشكل اليوم عنصراً غذائياً مهما ومصدراً للاعتزاز فيها، ويبرز ذلك في “حلوة الجوف” التي تعد أشهر التمور في المنطقة، التي قالت عنها الرحالة الإنجليزية “الليدي آن بلنت” في رحلتها إلى الجوف عام 1879 م “عوملنا بكرم بالغ وكان علينا أن نشرب أكواباً لا نهاية لها من القهوة المتبلة بالهيل وأن نأكل ما لا يحصى من التمر (حلوة الجوف) التي يقولون عنها: إنها أجود ما في جزيرة العرب. إنها ذات نكهة ممتازة، ولكنها شديدة الحلاوة وشديدة اللزوجة”.
وتعد حلوة الجوف أشهر تمور المنطقة، والأكثر رواجاً في السوق المحلية، وذلك في موسم طلعها والذي يبدأ من أول سبتمبر في كل عام، حيث تدعم المزارع والمشاريع الزراعية في المنطقة الأسواق المحلية من حلوة الجوف، إضافة إلى أنواع متعددة من التمور التي تنتج في المنطقة، وبحسب إحصائيات المركز الوطني للنخيل والتمور الأخيرة، فإن منطقة الجوف تحتضن 984.048 نخلة، منها 798.649 مثمرة تنتج ما يزن 43.203 أطنان من التمور، يباع منه 34.045 طناً.
ويروي المزارع أيمن الخابور أن إنتاج حلوة الجوف يبدأ في الأول من سبتمبر، ويستمر حتى نهايته، ويُسَوَّق إنتاج الحلوة بمظهرها الأحمر الكامل الذي يسمى محلياً “البسر” ثم يكون إنتاج النخيل لما يسمى “المنقد” أو المناصيف، والتي تتكون من نصفها الأحمر ونصفها الثاني الأكثر نضجاً.
وتبرز لدى المزارع الخابور وغيره من مزارعي منطقة الجوف ممارسات مختلفة في إنتاج حلوة الجوف في استخدامها للتمر المكنوز، وهو الذي يمر بمراحل تبدأ من حصاد طلع النخيل للتمور وتجفيفها تحت أشعة الشمس لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، وتعبئتها في وعاء كبير بأحجام 10 كيلو جرامات وصولاً لأكبرها بوزن 180 كيلو جرام، ويتم كبس التمور فيها وإحكام إغلاقها ليستفاد منها في موسم الشتاء بعد مضي قرابة خمسة أشهر بما يمتاز به التمر من مسمى محلي لها “المجرش” وهو كناية عن ظهور الدبس فيها وتجمّع مكون سكري فوقها.
وتدعم منطقة الجوف الأسواق المحلية بالتمور في كل عام، حيث أصبحت اليوم حلوة الجوف منتجاً اقتصادياً بارزاً يسوق من خلاله المزارعون إنتاجهم بشكل سنوي، ويشاركون في تسويقه بالمهرجانات المحلية والمنافسة في المسابقات التي تقام على هامش تلك المهرجانات.