حنان عبدالمعبود

نظمت جمعية الخريجين احتفال «محمد الشارخ.. من الكويت إلى العالمية» والذي يأتي احتفاء بتجربة استثنائية صنعها الراحل الشارخ، حينما تصدى للمشروع الأهم والأوسع انتشارا وتأثيرا في تاريخ الحضارة العربية المعاصرة «صخر» وتطويره لتطبيقات وأنظمة وبرامج تعليمية ومكتبية عربية كثيرة، لاقت انتشارا واسعا في البلاد العربية كافة.

من جانبه، افتتح رئيس مجلس إدارة جمعية الخريجين إبراهيم المليفي الاحتفال بكلمة قال فيها: إن الراحل محمد الشارخ أحد الرموز الكويتية التي نعتز بها على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، مشيرا إلى بصماته البارزة في جعل اللغة العربية حية ومتجددة ومتطورة عبر ربطها من خلال مشروعات وبرامج وتقنيات بثورة المعلومات والذكاء الاصطناعي.

وأضاف: «إن تجربة محمد الشارخ استثنائية بكل المقاييس فقد أسس من ماله الخاص المشروع الأهم والأوسع انتشارا وتأثيرا في تاريخ الحضارة العربية المعاصرة «صخر» ثم تطويره لتطبيقات وأنظمة وبرامج تعليمية ومكتبية عربية كثيرة، لاقت انتشارا واسعا في البلاد العربية كافة، لافتا إلى علاقة الشارخ بالأدب والثقافة سواء من خلال إنتاجه الأدبي حيث كتب رواية «العائلة» وأكثر من 30 قصة، إضافة إلى إسهاماته في حماية التراث الأدبي والثقافي من خلال إطلاق العديد من المشروعات على رأسها «أرشيف الشارخ للمجلات الثقافية والأدبية» الذي يضم نحو 16 ألف عدد من أعداد المجلات الأدبية، بدءا من عام 1876، كما يضم الأرشيف المتاح مجانا على شبكة الإنترنت نحو 300 ألف مقال بعدد صفحات يتجاوز مليوني صفحة، وأكثر من 52 ألف كاتب، فضلا عن جوانب أخرى لإسهاماته الأدبية وفي مجال اللغة.

بدوره، ألقى رياض أحمد الشارخ كلمة تناول خلالها أبرز المحطات في رحلته مع الراحل التي تجاوزت 50 عاما من طفولته حتى الدراسة الأكاديمية وتعامله المهني لقرابة 40 عاما، وتناول كذلك رحلة البناء والتطوير لشركة «صخر» والتي كانت مليئة بالتحديات والإبداع والتميز حيث أسس المشروع في فترة الثمانينيات التي لم يكن وقتها المجتمع العربي مهيأ لاستقبال مثل هذا النوع من التنمية، موضحا أن الشارخ كان شخصية استثنائية بكل المقاييس فقد سبق بفكره وشغفه وحبه للغة العربية الجميع.

وأشار إلى انطلاق رحلته لحفظ وتطوير اللغة العربية بتأسيسه مشروع «العالمية للإلكترونيات» بعد ترك العمل الحكومي وتفرغ له منذ مطلع الثمانينيات، وخلال ذلك أطلق مشروعه الأهم كمبيوتر «صخر» عام 1982 والذي انتشر انتشارا واسعا وتزاحمت من أجله الأسواق، حيث باع منه مليوني جهاز في فترة وجيزة، ثم انطلق في مجال تعريب البرمجيات بمشاركة محورية من زوجته موضي الصقير التي أشرفت على تجميع الداتا وفحصها وإدخالها وتولت بنفسها كتابة المادة العلمية لكثير من البرامج التعليمية مثل: برنامج التاريخ، وبرنامج الجغرافيا، وبرنامج الأمثال، وبرنامج الملك عبدالعزيز، وغير ذلك.

من جانبه، تحدث فهد محمد الشارخ نجل الراحل، وقال: «حقق والدي للعرب نقلة نوعية كبرى في عالم الصناعة، حيث دفعه إخلاصه وشغفه إلى تأسيس مشروع له طابع معرفي في زمن كان هروب رأس المال من عالم الثقافة والفكر أمرا مألوفا له أسبابه، وأعذاره، مشيرا إلى أن والده صنع نموذجا لاقتصاد المعرفة وترجمه عمليا دون تنظير، وذلك قبل أن تتداوله الخطط العربية التنموية، مستذكرا مقولته «إن اللغة العربية لغة يتيمة لا أب لها».

وبين أن محمد الشارخ كان يردد «من غيرنا أحق باحتضان اللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم، كما أنها اللغة الوحيدة في العالم التي ما زال شعرها المكتوب منذ أكثر من 1500 سنة يقرأ ويفهم في معظمه»، وكان يعتبرها مصدر فخر وكبرياء لأنه لا يوجد لها مثيل في العالم «لذلك أسس محمد الشارخ مشروعا لنقل هذه اللغة إلى عالم التقنيات وطوع التكنولوجيا من أجل لغة الضاد».

وأضاف: «أسهم الراحل في تأسيس وتمويل العديد من المشاريع الثقافية المهمة في الوطن العربي، فقد أسس مشروع كتاب في جريدة مع اليونيسكو عام 1997 وأسهم في تمويله، كما أسهم في تمويل مركز دراسات الوحدة العربية والمنظمة العربية للترجمة»، موضحا أن أبرز المشروعات التي أنجزها الراحل، إنشاء أرشيف إلكتروني للمجلات الثقافية العربية، وتعيينه عددا كبيرا من العاملين في 19 دولة عربية وغير عربية لجمع ونسخ هذه المجلات، بالإضافة إلى فريق فني عالي المستوى، وقد احتوى هذا الأرشيف على أكثر من 200 مجلة تتضمن نحو 13.879عددا، تضم 480.119 مقالا لـ 22.947 كاتبا، وبعدد صفحات مليون و700 ألف صفحة، ويشتمل هذا الأرشيف على معظم المجالات الثقافية والأدبية العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، مع إمكانية البحث في فهارسها بعنوان المقال أو اسم الكاتب أو التاريخ».

وأوضح أن الشارخ كان قد أتاح هذا الأرشيف المعرفي الضخم، الذي حمل اسمه، على الإنترنت دون مقابل، كما عمل والده على تطوير تطبيقات تقوم على تقنيات اللسانيات الريادية والذكاء الاصطناعي في زمن لم يكن قد تشكل بعد للدول العربية رؤى معينة تجاه الذكاء الاصطناعي واستشراف آفاقه التنموية ولا لـ «اقتصاد المعرفة» وسيلة وهدفا في الخطط والبرامج لتحقيق «استدامة التنمية».

من جانبه، أعرب الإعلامي المصري إبراهيم داود عن حزنه بتواجده في الكويت بينما أبوفهد غائب، وقال: «إلا أنني في الوقت نفسه سعيد بمشاركتي في هذا الاحتفال، للحديث عن رجل له منزلة كبيرة في قلبي، ليس فقط لما قدمه للغة العربية من خدمات جليلة تفوق ما قدمته مجامعها مجتمعة، ولا بسبب قيمته الأدبية العظيمة التي يعرفها متذوقو الأدب، ولكن أود الحديث عن رجل أحببناه بسبب خصاله التي تجمع بين الثقافة العريضة والتواضع والنبل والفراسة والجسارة والمغامرة والطيبة، لافتا إلى أن معرفته به كانت قبل 35 عاما.

بدوره، قال الأديب المغربي عبدالعزيز بومسهولي إن ما يجعل من تجربة محمد الشارخ القصصية تجربة فريدة بامتياز إنما هو هذا الحفر في العلاقات البشرية، بوصفها تنطوي على أحداث مفاجئة ومواقف غريبة وأسرار وتحولات تنشأ عنها خيوط سردية مقتطعة من الحياة اليومية للشخوص القصصية والحال، مشيرا إلى شغف المبدع الكبير محمد الشارخ بالأسرار التي تعبر عن أحوال الكينونة بتفاصيلها الدقيقة والتي يقتطع من سطوحها مشاهد لأحداث غريبة ومواقف لشخصيات فريدة واستثنائية في غالب الأحيان.

شاركها.
Exit mobile version