- النظارة بها نحو 143 لغة وبإمكان الطلبة الصم حضور محاضرات ليست بلغة المعلم
- 470 مليون أصم حول العالم منهم 35 مليون طفل تكاد فرصهم التعليمية تكون منعدمة
- مدعومة بإحصائيات ذكية ودقيقة تظهر مدى تفاعل الطالب والمعلم في العملية التعليمية
- الاختراع سيطبق على 35 طالباً أصم بالجامعة بحضور ممثلين من «اليونسكو» والأمم المتحدة
أجرت الحوار: آلاء خليفة
سخّر علمه وفكره في خدمة البشرية، فاخترع نظارة للصم بتقنية الواقع المعزز تحول الصوت إلى نصوص كتابية تعرض على عدسات النظارة بما يزيل العوائق التي يعاني منها الطلبة الأبطال من ذوي الإعاقة السمعية. هذا، ما قام به م.محمد الشمري صاحب اختراع النظارة الذي عكف عليه عامين ونصف العام في ورشة العمل التي أنشأها في منزله وخرج من رحمها اختراع يفيد البشرية جمعاء. «الأنباء» التقت م.محمد الشمري الذي حدثنا عن اختراعه للنظارة والذي حصل على جائزة من أرقى الجامعات الإسبانية في أوروبا، حيث كشف عن العديد من اختراعاته الأخرى التي سترى النور قريبا، لافتا إلى رغبته في إنشاء مصنع في الكويت بإدارة سواعد كويتية للاختراعات الطبية التي تفيد المجتمع. وأوصل الشمري رسالة لكل ذي إعاقة سمعية بالعالم وذويهم باسم الكويت أن القادم جميل إن شاء الله، وإليكم التفاصيل:
بداية، من م.محمد الشمري؟
٭ اختصاصي هندسة ميكانيكية حديثة، وخريج المملكة المتحدة وحاصل على ماجستير إدارة أعمال هندسية ولدي ما يقارب 9 دبلومات إدارية.
حدثنا عن اختراع النظارة الذكية، ومن أين جاءت الفكرة؟
٭ قبل أن أجيب عن السؤال، أود تسليط الضوء على بعض الحقائق المهمة، حيث إن هناك 470 مليون أصم حول العالم، من بينهم 35 مليون طفل، ومن هذا الرقم المخيف تكاد تكون فرصتهم في التعليم منعدمة لطبيعة حال الإعاقة والصعوبات التي تواجههم وتواجه معلميهم، وحاليا الوضع السائد الطلبة للأبطال ذوي الإعاقات السمعية داخل المؤسسات التعليمية يتحتم على المؤسسة توفير مترجم لغة إشارة لترجمة الحديث أو أن يستعينوا بمعلمين يجيدون لغة الإشارة، وفي تلك الحالات تكون عين الطالب الأصم على الشخص مترجم لغة الإشارة وليس على المعلم بما يجعله يواجه صعوبة نقل المعلومة له وتلك أحد العراقيل التي نقلها لي الأبطال الطلبة من ذوي الإعاقات السمعية الذين قمت بإجراء تجارب معهم قبل أن أتوصل لاختراع النظارة الذكية.
من ناحية أخرى، هناك ما يقارب 2.7% فقط معلم يجيد لغة الإشارة حول العالم ناهيك عن أن هناك ما يزيد على 300 لغة إشارة، ومن هنا جاءت فكرة اختراع نظارة ذكية للطلبة الصم، أما بخصوص من أين جاءت لي فكرة اختراع نظارة للصم فأنا من أشد المؤمنين أن اكتساب الشخص لعلم ومعرفة يحتم عليه توظيفه في إيجاد حلول لقضايا تخدم العالم، بالإضافة إلى ذلك هناك مسؤولية مجتمعية علينا كأفراد نعيش في هذا الوطن وهذا ما تربينا عليه في ديرتنا الحبيبة الكويت ديرة العز والخير.
نود تسليط الضوء أكثر على فكرة النظارة الذكية للطلبة الصم؟
٭ النظارة تعتمد على تقنية الواقع المعزز لتحويل الصوت الى نصوص كتابية تعرض على عدسات النظارة ما يسهم في تحسين تجربة التعلم وتقلل من الاعتماد على مترجمي لغة الإشارة أو المعلمين المتخصصين، حيث إن الطالب الأصم يستخدم النظارة ويمكنه الجلوس في أي مكان في قاعة الدرس من دون أن يتقيد بمسافة معينة.
والنظارة بها نحو 143 لغة ما يتيح الشمولية وأيضا بإمكان الطلبة الصم حضور محاضرات ليس بالضرورة أن يجيد لغة المعلم، فقد تكون المحاضرة باللغة الفرنسية ولكن ستظهر له الترجمة في عدسات النظارة بلغته الأم سواء كانت عربية أو إنجليزية أو ألمانية أو يابانية أو بأي لغة أخرى.
كما أن النظارة مدعومة بإحصائيات ذكية ودقيقة للإدارة تظهر مدى تفاعل الطالب والمعلم في العملية التعليمية، وذلك من خلال قائمة الأسئلة السريعة الموجودة في النظارة، وهناك عشرات التجارب التي قمت بها والتي أجمع من خلالها غالبية الطلاب الصم على أنهم يشعرون بالحرج من إلقاء الأسئلة على المعلم ويضطرون إلى السكوت حتى لا تتوقف المحاضرة، ولكن حاليا من خلال النظارة وعن طريق ضغطة بسيطة ستظهر لهم أسئلة سريعة تصل إلى المعلم أثناء حديثه من خلال الشاشة ويتفاعل مع الطلبة في الإجابة عن أسئلتهم بما يزيد من عملية التفاعل بين الطالب والمعلم.
كما أن الطالب تسهل عليه إمكانية إرسال المحاضرة إلى زميله، حيث إن نظام النظارة يدعم حفظ حديث المعلم.
كم استغرق وقت اختراعك للنظارة التي خرجت من رحم ورشة عملك المنزلية؟
٭ تقريبا نحو سنتين ونصف السنة، وقمت بجميع أجزاء النظارة وتطويرها في منزلي، حيث فتحت رخصة منزلية واسم الشركة (see to hear) لاستشارات ذوي الاحتياجات الخاصة والمكلفين، وتهدف الشركة إلى إيجاد حلول تقنية لتسهيل حياة أي شخص ذي إعاقة، حيث إنني من أشد المؤمنين أن التكنولوجيا حاليا ستلبي ذلك من خلال الفكر الصحيح ووضع الأهداف والعمل على تحقيقها.
كيف تجد اختراعك المميز من حيث المساهمة في دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية وتعزيز استقلاليتهم داخل الفصول الدراسية وتقليل الحواجز التي يواجهونها؟
٭ بالفعل، هناك الكثير من العراقيل التي تواجه الأبطال من ذوي الإعاقة السمعية أثناء جلوسهم في الكرسي التعليمي، ومن ضمنها جلوسهم في موقع معين قريب من المعلم ويكاد استيعابهم للمحاضرات أن يكون محدودا ويكاد يكون وجود معلم يجيد لغة الإشارة محدودا نظرا لندرتهم، وبالتالي فإن تلك النظارة ستدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في التعليم وستقلل الكثير من العراقيل ليس فقط للطلبة الصم وإنما كذلك العراقيل التي تواجه المعلمين والإدارة التعليمية وعلى الدولة بشكل عام.
كيف تجد دعم الدولة للمخترعين وأصحاب الاختراعات المبتكرة؟
٭ أشعر دوما أنني شخص محظوظ كوني كويتيا وأعيش في هذا الوطن الغالي، حيث نحظى بدعم القيادة السياسية وكل وزارات الدولة ودائما أبوابهم مفتوحة للمخترعين والمبتكرين ويقدمون لنا كل أشكال الدعم بما يجعلنا نستمر في تحقيق المزيد من الاختراعات والابتكارات.
وقال إن الكويت من أولى الدول التي أقرت قانونا يحفظ ويكفل الحياة الكريمة للأشخاص ذوي الإعاقة وهو قانون رقم 8 لسنة 2010 بالإضافة إلى أن الكويت قامت بإنشاء الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة التي تترجم مواد القانون على أرض الواقع ومن يومها أزهرت الكويت بساتين الورود للإنسانية.
الاختراع يسهل اندماج الطلاب الصم في العملية التعليمية وأشادت به وزيرة الشؤون الاجتماعية.. فحدثنا عن لقائك بها؟
٭ وزيرة الشؤون كان لها الإرشاد العميق في هذا الاختراع لما له من شأن كبير في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية والتقت بي وأشادت بالاختراع وأبدت استعدادها لتقديم كل الدعم، فلها كل الشكر والتقدير.
كيف وجدت ردود أفعال أفراد المجتمع على اختراع النظارة؟
٭ وصلتني الكثير من ردود الأفعال الإيجابية والتشجيعية من كل أفراد المجتمع وأخص بالشكر القائمين على مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع كوني مثلت الدولة في العاصمة مدريد باختراع النظارة وحصلت على المركز الثاني من إحدى أعرق الجامعات الإسبانية في المجال الطبي، والجميع أشاد بالنظارة، كما أنها حصلت على إشادات عديدة في دولة الكويت بما يعطيني الدافع والحافز للاستمرار في مثل تلك الاختراعات التي تفيد البشرية جمعاء، ومع فرحة أولياء أمور الطلبة الصم باختراع النظارة تتجدد لي طاقة الاستمرارية في تحقيق إنجازات أكثر.
هل النظارة تخدم فئات أخرى في المجتمع بخلاف الطلبة الصم؟
٭ حاليا أنا بصدد عمل سلسلة تفاعلات اجتماعية مع الأفراد الصم من شأنها دمجهم أثناء مراجعتهم البنكية ومراجعات وزارة الصحة، فقد سرد لي أحد الأفراد الصم أنه توجه إلى المستشفى الساعة 3 فجرا وبحكم الوقت المتأخر لم يتمكن من اصطحاب مترجم لغة إشارة ومع الأسف لم يستطع الطبيب فهم ما يعاني منه ورجع إلى المنزل دون الحصول على الدواء المطلوب، ومن ناحية أخرى يمكن للعاملين في القطاع المصرفي توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية ويخدمون الأشخاص الآخرين بما يساهم في عملية دمجهم في المجتمع.
هل تم إيداع براءة الاختراع وهل هو قابل للتطبيق في الكويت وهل يمكن عرضه على جهات تقوم بتنفيذه؟
٭ نعم، تم إيداع براءة الاختراع في وزارة التجارة والصناعة وحاليا على مشارف تطبيقه في جامعة الكويت، وبالتعاون مع عميد شؤون الطلبة بجامعة الكويت د.جاسم الحمدان سنقوم بتطبيق تجربة استخدام النظارة على 35 طالبا أصم بالجامعة وسنقوم بتوثيقها بحضور ممثلين من اليونسكو والأمم المتحدة بما سيجعل الكويت أول دولة تطبق تلك التجربة التعليمية حول العالم بما سيرفع تصنيف دولة الكويت الأممي.
إطلاق نظارة علاجية للأطفال المصابين بمرض العين الكسولة
قال المخترع م.محمد الشمري إنه يعكف حاليا على إطلاق نظارة علاجية تبث علاجات مرئية للأطفال المصابين بمرض العين الكسولة، مبينا أن ابنه صقر عمره 5 سنوات ومصاب بمرض العين الكسولة والتي تصيب 3 أطفال من بين كل 100 طفل حول العالم وعلاجات هذا المرض محدودة ومن هنا جاءته فكرة تطوير نظارة علاجية، وهو حاليا في طور تدشينها وهي عبارة عن نظارة تعمل على بث علاجات مرئية للأطفال ومن شأنها تقوية عضلة العين، لأن هذا المرض يجعل العقل لا يرسل إشارات إلى العين المتضررة، ومع مرور الوقت يحدث ضمور في عضلات العين، وبالتالي لم تكن هناك وسيلة لتدريب تلك العضلة إلا من خلال وضع لاصقة أو قطرة على العين الصحيحة حتى تتحرك العين الأخرى، وبفضل الله ستفيد تلك النظارة الكثير من تلك الحالات.
.. وأخرى للطلبة من فئة البكم
بسؤال م.محمد الشمري عن الأفكار المستقبلية في تطوير الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، رد قائلا «إنني بصدد تطوير نظارة
أخرى لإخواننا الأبطال من فئة البكم الذين تعتبر نافذتهم الوحيدة للعالم هي لغة الإشارة، ومع الأسف فإن لغة الإشارة تعتبر لغة من الصعب تعلمها، والنظارة التي شارفت على الانتهاء منها من شأنها تحويل إيحاءات اليد التي يقوم بها مترجم لغة الإشارة إلى نصوص كتابية على النظارة بما يسهل التواصل مع الأشخاص البكم، بالإضافة إلى أنني حاليا بصدد إجراء تطوير على نظارة الأشخاص الصم في «فيرجن 2» ستكون مخصصة للأبطال الأطفال الصم والذين ليس لديهم سبل تعليمية
سوى الصور، لذا فسأقوم بإطلاق نظارة قريبا للأطفال ذوي الإعاقات السمعية تساعد المعلمين على إيصال الابجديات بشكل مباشر دون الحاجة إلى لغة الإشارة». وكشف الشمري عن رغبته في إنشاء مصنع في الكويت وأن يقوم بإدارته مع أياد كويتية كون تلك التكنولوجيا ليست محصورة فقط في هذا المجال، إنما تدخل في مجالات أخرى كثيرة، وأوصل الشمري رسالة لكل ذي إعاقة سمعية بالعالم وذويهم باسم الكويت «إن القادم جميل بل أجمل إن شاء الله».