غيّب الموت نائب وزير الخارجية السابق خالد الجار الله بعد مسيرة ديبلوماسية حافلة بالعمل الوطني المخلص. وطوال مسيرته كان الجار الله رحمه الله مثالا يحتذى للرجل المسؤول، والرجل الذي أحب وزارة الخارجية بكل جوارحه فأعطاها عصارة خبراته وفي مقدمتها قيم الولاء والوفاء والعمل بلا هوادة لمصلحة هذا الوطن، فكان رحمه الله ناصحا أمينا لكل المسؤولين والعاملين في وزارة الخارجية، حريصا على التفاعل معهم والعمل على حفظ حقوقهم، إضافة إلى المتابعة الحثيثة لما يتعرض له المواطنون الكويتيون حول العالم من مشاكل وتوجيه البعثات الديبلوماسية بسرعة حلها.

والجار الله كان أحد نجباء مدرسة سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الديبلوماسية، حمل هم الكويت خارجيا باقتدار، وكان الجندي المجهول خلف الإنجاز، وذا نهج راق في العمل، فترك بصمات واضحة في إطار التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، وكذلك في مجالات دعم وتحصين العمل الإنساني، وامتاز رحمه الله بشخصية هادئة رغم مشاغله ومسؤولياته الكبيرة، فحمل أسمى صفات الديبلوماسي النبيل بحنكته السياسية وحكمته الديبلوماسية وحضور ذهنه.

وكان للجار الله رحمه الله دور مهم في مواجهة التحديات التي تعرضت لها الكويت، وشارك في حل العديد من الملفات الدولية، عاصر معظم المحطات المفصلية التي واجهتها الكويت، منها الحرب العراقية – الإيرانية وصولا إلى الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، ثم عاش رحمه الله أجواء العمل لتحرير الكويت، وصولا إلى تحريرها.

وعاصر إعلان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعاش الأزمات العربية كلها، وكان له في حل كل مشكلة بصمة، وحلوله دوما كانت منحازة إلى الحق ومصلحة الكويت، كما عرف عن الراحل علاقته المتميزة مع الإعلام المحلي والعالمي والتفاعل والتجاوب المستمر معه باقتدار كبير ودقة متناهية، وذلك لقناعته بدور الإعلام، وكان من اشد الحريصين على متابعه الأحداث والتفاعل معها على مدار العام، حتى ساعات الفجر الأولى.

ويعد «بو حازم» رحمه الله صاحب مسيرة تزيد على الخمسين عاما من العمل الديبلوماسي، فكانت بداياته بوزارة الخارجية عام ١٩٧١ بوظيفة ملحق دبلوماسي، ثم التحق في سفارة الكويت ببيروت في الفترة من ابريل 1972 – يونيو 1974 ثم عمل في الديوان العام بإدارة مكتب وكيل الوزارة بتاريخ 27/6/1974، كما عمل في الإدارة السياسية رئيسا لقسم الشؤون العربية خلال الفترة من سبتمبر 1974- ابريل 1987، وعين مديرا لإدارة شؤون مجلس التعاون اعتبارا من 11/5/1987.

وعمل رحمه الله كذلك عضوا في مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية وعضوا في المجلس الاستشاري الإعلامي الأعلى، ثم عضوا في صندوق التعاون الخارجي في الأمانة العامة للأوقاف، وكان أيضا عضوا في الفريق الاستشاري الإعلامي (وزارة الإعلام)، وعضوا في مجلس إدارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية.

كما شارك في جميع مؤتمرات القمة العربية واجتماعات وزراء الخارجية العرب منذ توليه رئاسة الشؤون العربية والفترة التي تلتها، وشارك في مؤتمرات القمة الخليجية والمجالس الوزارية منذ توليه إدارة شؤون مجلس التعاون ودول الخليج العربي، فضلا عن مشاركته في الاجتماعات الوزارية مع الجانب الأوروبي، وذلك خلال توليه إدارة شؤون مجلس التعاون.

وشارك الجارالله في العديد من الندوات وإلقاء المحاضرات بجامعة الكويت في إطار التعاون بين الجامعة ووزارة الخارجية. وكانت له أيضا مشاركات في اجتماعات كبار المسؤولين لإعداد الصيغة النهائية لإعلان دمشق والاجتماعات اللاحقة لمتابعة مسيرة الإعلان. وكان ضمن المشاركين في العديد من الزيارات الرسمية، وفي شهر يوليو من عام 1999 عين وكيلا لوزارة الخارجية ثم نائبا للوزير حتى يناير 2021.

سفراء ينعون الجارالله: كان ديبلوماسياً حكيماً جمع بين المعرفة العميقة وحسن الخلق

أسامة دياب

أعرب عدد من الديبلوماسيين الحاليين والسابقين المعتمدين لدى الكويت، عن بالغ حزنهم لرحيل نائب وزير الخارجية السابق خالد الجارالله، مستذكرين مسيرته الحافلة بالعطاء في خدمة بلاده وتعزيز علاقاتها الديبلوماسية.

ديبلوماسي متمرس

من جهته، أشاد السفير العماني د.صالح الخروصي بمناقب الفقيد، مؤكدا أنه كان ديبلوماسيا متمرسا، جمع بين المعرفة العميقة وحسن الخلق، وساهم في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الخليجي المشترك.

من جانبه، وصف عميد السلك الديبلوماسي، سفير طاجيكستان د.زبيد الله زبيدوف الراحل، بأنه «قامة ديبلوماسية شامخة» ساهم في ترسيخ مكانة الكويت إقليميا ودوليا، مشيرا إلى دوره البارز في صياغة وتنفيذ السياسة الخارجية الكويتية.

كما عبر السفير السعودي السابق لدى الكويت عبدالعزيز الفايز، عن فخره بالعمل إلى جانب الجارالله، واصفا إياه بالديبلوماسي الفذ الذي كان مرجعا لكثير من السفراء، ومشيدا بحكمته واتزانه.

وفي السياق ذاته، وصف السفير السنغالي السابق عبد الأحد امباكي الراحل بأنه «مدرسة في العمل الديبلوماسي»، مؤكدا أنه كان مرجعا لجميع الديبلوماسيين، وأنه ظل على تواصل معهم حتى بعد تقاعده.

بصمات واضحة

أما سفير بلغاريا ديميتار ديميتروف، فقد نعى الجارالله، مشيرا إلى بصماته الواضحة في تعزيز العلاقات الكويتية البلغارية، واصفا إياه بالديبلوماسي الحكيم الذي كرس حياته لخدمة الكويت. من جهته، عبر النائب البطريركي للروم الملكيين في الكويت والخليج العربي الأرشمندريت بطرس غريب، عن حزنه لفقدان شخصية بارزة كرست جهودها لتعزيز الحوار والتعاون الدولي، مؤكدا أن إرثه سيظل حاضرا في ذاكرة الأجيال القادمة.

إرث لا يعوض

وأعرب سفير البحرين لدى الكويت صلاح المالكي، عن خالص تعازيه للقيادة السياسية، والحكومة، والسلك الديبلوماسي، وعائلة الفقيد السفير خالد الجارالله، الذي وافته المنية بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإخلاص.

وقال المالكي: «كان الراحل نموذجا للديبلوماسي المهني الحكيم، وأحد أبرز خريجي مدرسة الشيخ صباح الأحمد الديبلوماسية، ترك بصمة واضحة في العمل الديبلوماسي الكويتي والخليجي، وتميز بالهدوء، والاتزان، واتخاذ القرار الصائب». وأضاف «جمعتني به لقاءات عديدة، وكنت أخرج منها بفوائد لا تحصى، بفضل حكمته وأخلاقه الرفيعة، تمنيت أن يدون مسيرته في كتاب يثري الأجيال، لكن برحيله فقدنا إرثا لا يعوض».

من جانبه، قال سفير ألبانيا إيلير هوسا «فقدت الكويت والأسرة الديبلوماسية الدولية رجلا كرس حياته لخدمة وطنه بحكمة ورؤية ثاقبة كان إحدى الركائز الأساسية في بناء العلاقات الخارجية، وساهم في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة». وختم قائلا «أتقدم بأحر التعازي إلى أسرته وحكومة وشعب الكويت، سائلا الله أن يتغمده بواسع رحمته، وستظل إنجازاته منارة للأجيال القادمة».

من جانبه، قال السفير العراقي المنهل الصافي «فقدت الديبلوماسية العربية والكويتية رجلا ديبلوماسيا حصيفا عالي الخلق، قامة من قامات العمل الديبلوماسي».

وأضاف «جمعتني مع الفقيد أبو حازم العزيز لقاءات كثيرة في المنابر الدولية وفي بغداد والكويت، وتعلمت منه الكثير، خصوصا من أسلوبه الهادئ ومرونته، وأسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه، ومحبيه الصبر والسلوان». واختتم الجميع كلماتهم بالدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة، مستذكرين إرثه الديبلوماسي وإسهاماته التي ستظل علامة بارزة في تاريخ الديبلوماسية الكويتية. من جانبها، نعت سفارة جمهورية مصر العربية لدى دولة البلاد ببالغ الحزن والأسى، نائب وزير الخارجية السابق السفير خالد الجارالله، الذي وافته المنية في ليال مباركة بعد مسيرة حافلة بالعطاء في خدمة وطنه وقضايا الأمة العربية. وقالت السفارة المصرية في بيان صحافي «لقد كان الفقيد أحد أعمدة الديبلوماسية الكويتية، ولعب دورا فاعلا في تأسيس المدرسة الديبلوماسية الكويتية، التي تميزت بالاتزان والحكمة، وأسهم بشكل كبير في إبراز السياسة الخارجية الكويتية على المستويين الإقليمي والدولي».

وأضافت السفارة المصرية «كما كان مثالا للدبلوماسي الحكيم والمخلص، وساهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والكويت وترسيخ مبادئ الحوار والتفاهم في المحافل الدولية».

وختمت سفارة جمهورية مصر العربية لدى البلاد بيانها بالقول «وإذ تتقدم السفارة بخالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد الكريمة وإلى الشعب الكويتي الشقيق، فإنها تدعو الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون».

أما السفير الفلسطيني رامي طهبوب فاستذكر علاقته الوثيقة بالفقيد، مؤكدا أن الجارالله كان مدافعا قويا عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، حيث نال تكريما من الرئيس الفلسطيني تقديرا لجهوده في دعم فلسطين.

شاركها.
Exit mobile version