جمعت المهندسة المعمارية الإماراتية ريم القمزي بين الشغف العميق بالفن المعماري، والتزامها بخدمة مجتمعها، وبدأ حبها للهندسة منذ طفولتها، حيث كانت تطلع باستمرار على عالم البناء والتصميم، من والديها، اللذين حملا شغفاً خاصاً بالتصميم، من خلال طبيعة عملهما، حيث أثار هذا التعرض المبكر للعالم المعماري اهتمامها، وأثر بشكل كبير في مسار حياتها المهنية.

البدايات والتأثير الثقافي
ريم القمزي ليست مجرد مهندسة معمارية تقليدية، فهي تعكس في تصاميمها أسلوباً فريداً، يمزج بين التراث الإماراتي والابتكار العصري والاستدامة، وبعد تخرجها من الجامعة الأمريكية في الشارقة، كانت ثقافتها الإماراتية، وخاصة تقاليد الخصوصية والضيافة العربية، جزءاً لا يتجزأ من نهجها المعماري، وتميل في مشاريعها إلى التركيز على توفير مساحات تعزز الشعور بالراحة والانتماء، مع الاحتفاظ باللمسات التقليدية، التي تعكس القيم الثقافية المحلية.

أسلوب متوازن
وتأثرت القمزي بتجربتها الأكاديمية وخلفيتها الثقافية، ما جعلها تنتهج أسلوباً يوازن بين الجماليات الحديثة والوظائف العملية، وهو ما يظهر بوضوح في العديد من مشاريعها الناجحة، التي قامت بتصميمها، وتسعي دائماً في عملها إلى الحفاظ على الهوية الإماراتية، في ظل التقدم والتطوير العمراني المستمر في الدولة، ما يجعلها شخصية مؤثرة في إعادة تشكيل المشهد العمراني لدبي، وغيرها من المدن الإماراتية.
النقطة الفاصلة في مسيرة القمزي المهنية، كانت عندما اتخذت القرار الجريء بترك وظيفة مستقرة، لتأسيس مكتبها الخاص للهندسة المعمارية، وعكس هذا القرار ثقتها الكبيرة في قدراتها وشغفها بتحقيق رؤية جديدة في التصميم المعماري، موضحة أنه لم يكن إنشاء المكتب مجرد خطوة مهنية، بل كان خطوة استراتيجية لإحداث تأثير أعمق في المشهد العمراني لدبي.

ومن بين أبرز هذه المشاريع التي نفذتها القمزي، أحد المستشفيات المعروفة، لتكون علامة فارقة في مسيرتها المهنية، إلى جانب تصميم مبنى سكني مكون من عشرة طوابق، يعكس أيضاً لمساتها الفنية الدقيقة واهتمامها بالتفاصيل.

وقالت ريم القمزي لـ «البيان»، إن المرأة الإماراتية تلعب دوراً محورياً في المجتمع، من خلال الجمع بين التفوق المهني، والالتزام بالقيم الثقافية، مشيرة إلى أن دورها لا يقتصر على الإنجازات في مجال الهندسة المعمارية، بل يتعدى ذلك، ليشمل ترك بصمة مجتمعية، تعزز الهوية الإماراتية في مشاريعها، مؤكدة أن المرأة الإماراتية قادرة على الابتكار والاحترافية، مع الحفاظ على التراث والقيم الأصيلة، ما يسهم في تعزيز مكانتها ضمن عملية التطور المجتمعي والاقتصادي للدولة.

وعند الحديث عن إنجازات ريم القمزي، لا يمكن إغفال دورها الكبير في تعزيز المشهد الحضري لدبي، قالت «من بين أبرز هذه الإنجازات، تصميم مستشفى كامل يعتمد على أحدث المعايير الطبية والهندسية، بالإضافة إلى حصول مشروع GREEN COAST، على شهادة LEED Gold، التي تعتبر واحدة من أرفع الشهادات في مجال الاستدامة البيئية».

وأوضحت أن هذا الإنجاز يعكس رؤيتها المستقبلية نحو التصميم المعماري المستدام، وهي تسعى باستمرار إلى ابتكار تصاميم تجمع بين الجمال والكفاءة والاستدامة، موضحة أن الهندسة المعمارية ليست فقط وسيلة لتطوير المساحات، بل هي أداة لتعزيز رفاهية المجتمع والحفاظ على البيئة.

مصادر الإلهام
وأفادت ريم بأنها استلهمت العديد من أفكارها من كبار المعماريين العالميين، الذين شكلوا تأثيراً كبيراً في مسيرتها المهنية، ومن بين هؤلاء المهندسين، ميس فان دير روه، وبيتر زومتور، وزها حديد، معتبرة أن هذه الأسماء ليست مجرد شخصيات ملهمة بالنسبة لها، بل نقاط انطلاق نحو تحقيق المزيد من الابتكار والتطور في تصاميمها.

وتابعت أنها لم تقتصر على الاستلهام من المعماريين العالميين فقط، بل كانت لديها رغبة في استكشاف المواهب المحلية والإقليمية، إذ تؤمن بأن دولة الإمارات والمنطقة العربية، تمتلك ثروة من العقول المبدعة التي تستحق الاهتمام والتقدير، وهذا الإيمان بالقدرات المحلية، يتجسد في جهودها الدائمة لدعم وتعزيز المهندسين الصاعدين.

شاركها.
Exit mobile version