أظهر استطلاع رأي أجرته «البيان» عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، لقياس مدى تأييد أولياء الأمور لفكرة إدخال أبنائهم في مدارس داخلية، أن 64.7 % من المشاركين يرفضون هذه الفكرة.
وأوضح المشاركون في الاستطلاع، أن سبب رفضهم مرتبط بالتأثير العاطفي والاجتماعي على الأبناء عند الالتحاق بمثل هذه المدارس، ووجهوا اللوم إلى بعض البرامج والمسلسلات، لا سيما الكرتونية منها، مثل مسلسل «سالي» الشهير، والتي أثرت بشكل سلبي في آرائهم وأفكارهم حول المدارس الداخلية التي يعيش فيها بعض أو جميع التلاميذ أثناء السنة الدراسية، بعيداً عن الأهل خلال أيام التدريس.
ويحكي «سالي» المسلسل الكرتوني الشهير من الثمانينيات، قصة فتاة صغيرة تواجه العديد من الصعوبات في مدرسة داخلية، بعد وفاة والدها، وينظر إلى هذا المسلسل على أنه أحد الأسباب التي زرعت مشاعر سلبية تجاه المدارس الداخلية في الأجيال التي تربت عليه، وبالنسبة لكثير من أولياء الأمور، ارتبطت صورة المدارس الداخلية بالعزلة والمعاناة، ما جعلهم ينظرون إليها على أنها بيئة غير مناسبة للأطفال.
وتعقيباً على نتائج الاستطلاع الموصوف، أوضح الدكتور شافع النيادي مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية، أن المدارس الداخلية قد لا تكون الخيار الأمثل لتربية الأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم العاطفي، والتواصل اليومي مع الأهالي، وهو ما قد لا توفره المدارس الداخلية.
وأضاف: «رغم أن بعض الأطفال قد يستفيدون من البيئة المنضبطة التي توفرها المدارس الداخلية، إلا أن الابتعاد عن الأسرة لفترات طويلة، قد يؤدي إلى صعوبات في التواصل الأسري، ويؤثر في الصحة النفسية للأطفال».
وأكد النيادي على ضرورة إيجاد توازن بين التعليم الجيد والدعم العائلي، لضمان نمو الطفل بشكل سليم، على اعتبار أن التواصل الأسري يعتبر من الأساسيات في حياه الطفل، وبناء الولاء الأسري.
ومن جهتها، ذكرت الدكتورة ميساء عبد الله المستشارة التربوية والنفسية، أن المدارس الداخلية قد لا تناسب العديد من الأطفال، خاصة في المراحل العمرية المبكرة، موضحة أن الطفل بحاجة إلى الشعور بالأمان والدعم العاطفي اليومي من أسرته، وهذه الأمور قد تكون مفقودة في البيئة الداخلية.
وترى ميساء عبد الله أن الأطفال الذين يقضون فترات طويلة بعيداً عن أهلهم، قد يواجهون صعوبات في بناء روابط أسرية قوية، ما قد يؤثر في ثقتهم بأنفسهم وتطورهم العاطفي، كما تشير إلى أن تأثير الأبوين في هذه المراحل المبكرة من حياة الطفل، لا يقتصر فقط على التعليم الأكاديمي، بل يشمل أيضاً توجيه السلوك والقيم والتربية الأخلاقية.
وأكدت على أهمية موازنة الجوانب الأكاديمية مع الاحتياجات العاطفية والاجتماعية للأطفال، مشددة على ضرورة وجود الأسرة بشكل يومي ومستمر في حياتهم، لضمان توازن نفسي واجتماعي سليم.
وعلقت هبة ضناوي، ولية أمر لثلاثة أطفال قائلة: «أرفض فكرة المدرسة الداخلية تماماً، لأنها تذكرني بمعاناة «سالي»، أشعر أن الابتعاد عن الأسرة والعيش في بيئة كهذه، قد يؤثر نفسياً في الأطفال»، وهو ما أجمع عليه شادي أمين، الذي قال: «على الرغم من أنني كنت أعتقد في البداية أن المدارس الداخلية قد تكون حلاً جيداً للتربية، إلا أن تجربتي مع الكرتون، وبعض القصص التي سمعتها، جعلتني أعيد التفكير، وأتراجع عن هذه الفكرة».
وجاءت بعض الآراء الأخرى، لتعكس مخاوف عملية أو شخصية من المدارس الداخلية، حيث أبدت عائشة شاكر رفضها التام لفكرة المدارس الداخلية، مشيرة إلى أن الطفل يجب أن ينشأ في بيئة أسرية، حيث يلعب الوالدان دوراً حاسماً في تكوين شخصيته، مضيفة أن الابتعاد عن الأسرة لفترات طويلة، قد يؤدي إلى فقدان الطفل للدعم العاطفي الضروري لنموه النفسي.
وذكرت أن وجود الطفل في المنزل مع أسرته، يعزز الترابط الأسري، ويمنحه الأمان اللازم لنموه العاطفي والاجتماعي.
في المقابل، ثمة آراء تدعم فكرة المدارس الداخلية، ومن ذلك رأي عائشة المرزوقي، التي رأت أن المدارس الداخلية يمكن أن توفر بيئة تعليمية جيدة، والأمر يعتمد على اختيار المدرسة المناسبة، التي توفر للأطفال الاستقلالية، وتساعدهم على الاعتماد على أنفسهم، كما أنه يعتمد على رسومها، وماذا تقدم من أنشطة صفية ولا صفية، وأخرى رياضية.
وذكر محمد إبراهيم أن «المدارس الداخلية تساعد على تنمية شخصية الطفل، وتعزيز استقلاليته، وتختلف التجارب بين الأطفال، ولكنني أرى أنها فرصة جيدة لإعدادهم لمواجهة الحياة بطريقة أكثر نضجاً».