نشرت في آخر تحديث

يقول أحد سكان دمشق في حديثه ليورونيوز: “العيد الأكبر بالنسبة لنا هو سقوط نظام بشار الأسد، لكن لعيد الفطر طعمٌ خاص هذا العام”

اعلان

تستعيد العاصمة السورية دمشق شيئاً من روحها التي كادت أن تتلاشى بعد سنوات طويلة من الحرب. مع سقوط نظام بشار الأسد، بدأت المدينة تتنفس مجدداً، لتعيش أجواء تحضيرات عيد الفطر هذا العام بنكهة خاصة مفعمة بالرمزية والمعاناة المشتركة.

الأسواق التي كانت يوماً مقصداً للحركة والحياة، عادت لتكتظ بالمارة الذين يتسابقون لشراء مستلزماتهم العيدية، على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة التي لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة السوريين. 

يقول أحد سكان دمشقفي حديثه ليورونيوز: “العيد الأكبر بالنسبة لنا هو سقوط نظام الأسد، أما عيد الفطر فله طعم خاص هذا العام”.

ويضيف المواطن الذي فضّل عدم ذكر اسمه: “الأسواق تعج بالناس، وعناصر الأمن منتشرة في كل مكان لتأمين الحماية، ما يوفر شعوراً بالأمان. صحيح أن الوضع الاقتصادي صعب للغاية هذه الأيام، لكننا نأمل أن تنفرج هذه الأوضاع قريباً”. 

محاولات استعادة الحياة الطبيعية تبدو واضحة في كل زاوية من المدينة. الأسواق التي كانت بالأمس تعاني الركود والخوف، أصبحت اليوم تعج بالمارة والباعة الذين ينادون على زبائنهم بصوت عالٍ، وكأنهم يريدون تعويض سنوات الصمت والانقطاع.

والبسطات الصغيرة التي تعرض الملابس والحلويات التقليدية والبالونات الملونة تتنافس مع المحال التجارية الكبيرة، مما يضفي على المشهد حيوية لم تشهدها المدينة منذ زمن طويل.

من جانبه، يتحدث، أحد الباعة في سوق شارع الحمراء ليورونيوز، عن التغيير الملحوظ في حركة البيع والشراء هذا العام. يقول: “الوضع أفضل بكثير مما كان عليه خلال السنوات الأخيرة. هناك حركة واضحة في الأسواق، والناس يشعرون بالراحة أكثر عند النزول للتسوق. الاستقرار الأمني هو العامل الأساسي الذي أحدث هذا الزخم؛ فالناس لم تعد تخشى الخروج ليلاً أو التنقل بين المناطق كما كان الحال في السابق”. 

إلا أن هذا الاحتفاء بالعيد والأمل لا يخفي التحدياتالاقتصادية الجسيمة التي لا تزال تثقل كاهل السوريين. ارتفاع أسعار السلع الأساسية وصعوبة تأمين فرص عمل تظل عقبات كبيرة تقف أمام محاولات إعادة بناء الحياة الطبيعية.

ويأتي هذا العيد بعد سقوط نظام بشار الأسد واستلام هيئة تحرير الشام للحكم في سوريا بقيادة أحمد الشرع، حيث تم تشكيل حكومة انتقالية شهدت انفتاحاً سياسياً كبيراً غير مسبوق منذ عقود.

وخلال شهر رمضان، شوهد الرئيس أحمد الشرع وهو يشارك الناس في صلاة الفجر في أكثر من جامع، مما رسّخ صورة جديدة عن الزعامة القريبة من الشعب.

عودة النازحين

وما يميز هذا العيد أيضاً هو عودة أكثر من مليون و200 ألف لاجئ ونازح سوري إلى بلدهم وفقاً لإحصائيات أممية وذلك بعد سنين من الهروب من بطش النظام السابق.

ومن بين العائدين، إيناس، الشابة التي هاجرت إلى السويد عام 2015، وعادت اليوم لحضور العيد مع أسرتها وأصدقائها بعد انقطاع دام ثماني سنوات. وتحمل إيناس ذكريات غنية عن شوارع دمشق القديمة ومقاعد الدراسة، وتخطط لزيارة الأماكن التي كانت تلتقي فيها بأصدقائها، بالإضافة إلى الساحل السوري الذي يحمل مكانة خاصة في قلبها.

عند عودتها، لاحظت إيناس أن سوريا اليوم ليست كما تركتها قبل سنوات. صحيح أن آثار الحرب ما زالت واضحة في بعض الأبنية المهدمة والشوارع التي تحتاج لإعادة تأهيل، لكن الروح الجديدة التي تسود البلاد لا يمكن إنكارها. تقول إيناس: “دمشق الآن مختلفة. هناك حرية لم نشعر بها من قبل، والناس يتحدثون بثقة عن مستقبلهم. الأسواق تعج بالحياة، والأطفال يلعبون في الشوارع دون خوف، وهذا شيء لم يكن ممكناً في الماضي”.

 ومن المقرر أن يكون لهذا العيد طابع خاص آخر، حيث سيتم رصد هلال العيد من فوق قمة جبل قاسيون، في مشهد رمزي يعكس الروح الجديدة التي تسود البلاد. سيجتمع المئات من المواطنين على الجبل لمشاهدة هذه اللحظة التاريخية، التي ستكون بمثابة رسالة أمل ووحدة وطنية بعد سنوات من المعاناة.

 بهذه الأجواء، يعبر السوريون عن أملهم الكبير في مستقبل أفضل، حيث يحتفلون بهذا العيد كمحطة تاريخية ترمز إلى الحرية والعودة إلى الحياة الطبيعية في بلدهم الذي استعادوه بتضحياتهم وجهودهم.

شاركها.
Exit mobile version