كشف تقييم مشترك صادر عن البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن قطاع غزة بحاجة إلى 53 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي على مدى السنوات العشر المقبلة، وذلك بعد حرب مدمرة استمرت 15 شهراً بين إسرائيل وحركة حماس.
وأوضح التقرير أن 20 مليار دولار ستكون مطلوبة خلال السنوات الثلاث الأولى، في ظل حجم الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمباني السكنية والمرافق الصحية والاقتصادية.
وفقاً للتقييم، فإن أكثر من 292 ألف منزل دُمّر أو تضرر، في حين أن 95% من المستشفيات لم تعد صالحة للعمل. كما أدى الصراع إلى شلل اقتصادي شبه كامل، حيث انكمش اقتصاد غزة بنسبة 83%، ما قلّص مساهمته في الناتج المحلي الفلسطيني إلى 3% فقط، رغم أن القطاع يضم 40% من السكان. أما الضفة الغربية، فلم تكن بمنأى عن التدهور الاقتصادي، إذ يُقدّر أنها شهدت انكماشاً بنسبة 16% خلال عام 2024.
وفي حين أن تقديرات تكلفة إعادة الإعمار تُظهر الحاجة إلى 29.9 مليار دولار لإصلاح الأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية، فإن 19.1 مليار دولار أخرى ستكون ضرورية لتعويض الخسائر الاجتماعية والاقتصادية، خصوصاً في قطاعات الصحة والتعليم والتجارة والصناعة التي تأثرت بشدة خلال الحرب.
ومع استمرار التحديات، يحذر التقرير من أن البيئة الحالية غير مهيأة بعد لبدء جهود إعادة الإعمار، وذلك بسبب عدم وضوح مستقبل إدارة القطاع بعد الحرب، والترتيبات الأمنية اللازمة لضمان استقرار أي مشاريع إعادة تأهيل كبرى. ويؤكد التقرير أن حجم وسرعة جهود التعافي ستعتمد بشكل كبير على تطورات المشهد السياسي والأمني، إضافة إلى تسهيلات دخول البضائع والأفراد إلى غزة.
كما يشير التقرير إلى أزمة تضخم غير مسبوقة، حيث ارتفعت الأسعار في غزة بأكثر من 300% خلال عام واحد، مع قفز أسعار المواد الغذائية بنسبة 450%. هذا الارتفاع الحاد في تكاليف المعيشة يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية لسكان القطاع الذين فقد الكثير منهم منازلهم ومصادر رزقهم.
وفي ظل هذه التقديرات الصادمة، يطرح التساؤل حول كيفية تمويل إعادة الإعمار، ومن سيتحمل هذه التكلفة الهائلة، خاصة في ظل عدم وجود رؤية واضحة حول الجهات الدولية أو الإقليمية التي قد تساهم في توفير التمويل اللازم. كما تبرز مخاوف من أن تؤدي التعقيدات السياسية والأمنية إلى تأخير أي جهود فعلية لإعادة بناء غزة، مما يزيد من معاناة السكان الذين يواجهون أوضاعاً إنسانية صعبة.