بقلم: يورونيوز
نشرت في
هذه الدول كانت يومًا تحت الحكم السوفييتي، وتعي تمامًا ما يعنيه وصول القوات إلى أراضيها خلال أيام قليلة. يقول دانيال ناوموفاس، نائب وزير الصحة الليتواني، خلال فعالية في شباط/ فبراير: “لدينا جيران سيئون: روسيا وبيلاروس”.
ويضيف ناوموفاس بنبرة تشاؤمية: “صحيح أن جميع دول الاتحاد الأوروبي في القارب ذاته، لكن بعضنا يجلس في المقدمة حيث المياه باردة… إنها مياه الحرب”.
الخطر يطال المستشفيات
الغزو الروسي لأوكرانيا كشف أن الحروب الحديثة لا تفرّق بين الجبهة الخلفية وخطوط النار. لم تعد المستشفيات، ولا المدنيون الذين يعتمدون عليها، بمأمن. في هذا السياق، بدأت الدول الشرقية بإعادة تصميم استراتيجياتها الصحية لتناسب زمن الحرب.
في ليتوانيا، يعمل مستشفى سانتاروس الجامعي، القريب من حدود بيلاروس، على بناء بنى تحتية تحت الأرض، تشمل ملاجئ، مهابط طائرات، وأنظمة طاقة ومياه مستقلة.
بدورها، بدأت إستونيا بتوزيع هواتف تعمل بالأقمار الصناعية استعدادًا لانهيار شبكات الاتصال، وتبني خططًا لإنشاء شبكة إنترنت مستقلة. كما يتم تركيب مولدات في المرافق الصحية المختلفة. وتسعى البلاد إلى اقتناء وحدات طبية متنقلة لتعويض النقص في قدرات العناية الفائقة.
المخزونات وسلاسل الإمداد
لا يمكن للمستشفيات أن تعمل بلا إمدادات. لذلك، بدأت دول البلطيق بتخزين معدات وأدوية الطوارئ تحسبًا لحالات الإصابات الجماعية.
خصصت إستونيا 25 مليون يورو لمستلزمات مثل الضمادات والحقائب العلاجية. وفي هذا الصدد، تقول وزيرة الصحة رينا سيكوت إن هذا المبلغ يمثل “الاستثمار الكبير الوحيد الذي قمنا به”.
أما في لاتفيا، فبات إلزاميًا على المؤسسات الصحية منذ جائحة كوفيد-19 أن تحتفظ بمخزون دوائي يكفي لثلاثة أشهر. وتقول أغنيسه ڤالولييني، الأمينة العامة لوزارة الصحة، إن “كوفيد” أتاح فرصة تأمين تمويل لم يكن متاحًا سابقًا، وتعمل البلاد اليوم على تطوير مخزون وطني إضافي.
معضلة الكوادر الطبية
لا يكتمل الاستعداد دون العنصر البشري، إلا أن نقص الطواقم الطبية في هذه الدول يُعد تحديًا مستمرًا حتى في زمن السلم. ففي إستونيا، يبلغ عدد العاملين في قطاع الرعاية الصحية نصف المعدل الموجود في ألمانيا مقارنة بعدد السكان.
لكن المشكلة الأكبر تكمن في الاستعداد الشخصي. فقد كشف استطلاع في ليتوانيا أن أكثر من ربع العاملين الصحيين قد يفرّون في حال اندلاع الحرب، فيما قال أقل من 40% إنهم مستعدون للبقاء.
في لاتفيا، يؤكد طبيب الأمراض الصدرية رودولفس فيلده أن بعض الأطباء يفكرون بمغادرة البلاد، لا سيما أولئك الذين لديهم أطفال.
ويقول فيلده إن مستشفى بولس سترادينش في ريغا طلب مؤخرًا من الأطباء التوقيع على وثيقة تلزمهم بالحضور إلى العمل في حال إطلاق صفارات الإنذار، مؤكدًا أن المستشفى بدأ تدريبات على الاستجابة في زمن الحرب، شأنه شأن مستشفيات أخرى في المنطقة.
محاكاة ميدانية
في إستونيا، أصبح التدريب على الأزمات جزءًا من نشاط النظام الصحي بالكامل. فالمستشفيات وفرق الإسعاف والطواقم الطبية تتلقى تدريبات حتى تستطيع التحوّل إلى “وضع الأزمة”، وهو نمط عمل يتطلّب التعامل مع أعداد كبيرة من المصابين، لا سيما ممن يعانون من إصابات ناتجة عن الانفجارات، أو الطلقات النارية، أو الحروق، أو البتر، أو إصابات الرأس والعمود الفقري، وهي أنواع إصابات نادرة في السياق المدني.
وفي ليتوانيا، تخطط وزارة الصحة هذا العام لإجراء سبع تدريبات مشتركة مع الجيش وأكثر من عشر تدريبات مدنية مخصصة للطواقم الطبية. كما يتم الإعداد لتشكيل فريق طوارئ طبي متخصص، في حين نظّم أطباء متدربون منتدى طبيًا كاملًا مخصصًا للاستعداد لحالات الحرب.
إلى جانب ذلك، يسافر بعض العاملين في القطاع الطبي إلى أوكرانيا لاكتساب خبرة مباشرة في كيفية التعامل مع الإصابات الجماعية والضربات الصاروخية والانقطاعات في الخدمات الأساسية.