أكد رئيس الحزب المعارض أوغور أوزل أن عدد المشاركين وصل إلى مليونين ومئتي ألف شخص.
في مشهد غير مسبوق، شهدت مدينة إسطنبول التركية اليوم السبت واحدة من أكبر التظاهرات الجماهيرية في تاريخ البلاد، حيث احتشد ملايين المواطنين في ساحة مالتيبي على الجانب الآسيوي من المدينة، احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
وهذه التظاهرة دعا إليها حزب “الشعب الجمهوري”، الحزب المعارض الرئيس في تركيا، وتحولت إلى صرخة جماعية تطالب بالعدالة والحرية، وسط تصاعد الغضب الشعبي ضد ما يعتبره الكثيرون استهدافاً سياسياً واضحاً.
أكبر تظاهرة في تركيا
وأفادت تقديرات إعلامية بأن هذه التظاهرة هي الأكبر منذ بدء الاحتجاجات في 19 آذار/مارس، حيث أكد رئيس الحزب أوغور أوزل أن عدد المشاركين وصل إلى مليونين ومئتي ألف شخص.
وأشارت تقديرات أخرى إلى أن الحشود كانت تتسع بشكل مستمر مع توافد المتظاهرين من مختلف أنحاء البلاد.
وشهدت الساحة المطلة على البحر في منطقة مالتيبي تجمعاً ضخماً لعشرات الآلاف من المواطنين الذين رفعوا الأعلام التركية واللافتات الداعمة لإمام أوغلو، معبرين عن غضبهم من السياسات القضائية والسياسية التي يتهمون الحكومة باستخدامها للقضاء على المعارضة. وكانت إحدى اللافتات البارزة كُتب عليها: “إذا صمتت العدالة، فالشعب سيتكلم”.
رسائل الاحتجاج: الاقتصاد، العدالة، والحريات
في خطابات متعددة، أكد قادة المعارضة أن قضية إمام أوغلو لم تعد مجرد قضية فردية، بل أصبحت قضية البلد بأكمله ومستقبل الديمقراطية في تركيا.
وقال أوغور تشليك، رئيس فرع إسطنبول لحزب “الشعب الجمهوري”، إن الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع فعلوا ذلك لأن القضية تمس مستقبل تركيا ككل، وليس فقط مصير إمام أوغلو.
وأضاف تشليك في كلمته: “إردوغان لا يريد سماع صوت الشباب، ويصدر التعليمات غير القانونية، ولا يتحمل المسؤولية، حتى أنه اتهم القوى الخارجية، ولوبي الفائدة والمزارعين والتجار، وحتى أصحاب البقاليات والأفران في الأزمة الاقتصادية التي هو سببها”.
وقرأ تشليك خلال التظاهرة، رسالة وجّهها إمام أوغلو للمتظاهرين قال فيها: “لم أرتكب أي جرم، وأعتز بما قمت به بوصفي رئيساً للبلدية. أنا لست مضطراً لإثبات براءتي، بل إردوغان هو المضطر لإثبات براءته، فهو يحيك مؤامرة سياسية ضدي ويختبئ وراء شهود سريين”.
اتهامات بالفساد ونفى الحكومة
اعتُقل إمام أوغلو قبل عشرة أيام بتهم تتعلق بالفساد، ووُضع قيد الحبس الاحتياطي على ذمة المحاكمة. ومع ذلك، يرى “حزب الشعب الجمهوري” ومعارضون سياسيون وجماعات حقوقية أن القضية المرفوعة ضد إمام أوغلو هي محاولة مسيسة للقضاء على تهديد انتخابي محتمل لإردوغان.
كما عبرت قوى غربية عن قلقها من التطورات الأخيرة، مشيرة إلى أن الاستهداف السياسي قد يؤدي إلى تآكل الثقة في المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
من جانبها، تنفي الحكومة التركية أي تدخل في عمل القضاء، مؤكدة استقلالية المحاكم. لكن موجة الاعتقالات الواسعة التي طالت آلاف المتظاهرين، بالإضافة إلى الصحافيين والمحامين، أثارت تساؤلات حول مدى حرية التعبير والتجمع في البلاد.
قمع التظاهرات واستمرار الاحتجاجات
على الرغم من القمع المتواصل، استمرت الاحتجاجات في جميع أنحاء تركيا، خاصة بين صفوف الشباب والطلاب الذين تصدروا المشهد في الأيام الأخيرة. وفقاً للمحامي فرحات غوزيل، تم توقيف 511 طالباً في إسطنبول وحدها منذ بداية الاحتجاجات، أودع 275 منهم السجن. وأشار غوزيل إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
وفي سياق متصل، أثار اعتقال الصحافي السويدي يواكيم ميدين جدلاً كبيراً، حيث اعتُقل لدى وصوله إلى تركيا يوم الاثنين الماضي وأودع السجن بتهمة “الإساءة إلى الرئيس” و”الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة”.
وأكد رئيس تحرير صحيفته السويدية “داغنس يو تي سي” أن التهم “زائفة تماماً”.