اعلان

وتجري هذه الجولة من المفاوضات للمرة الأولى منذ الضربات الأمريكية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في يونيو/ حزيران الماضي، بهدف قياس مدى استعداد طهران للتوصل إلى حل وسط لتجنب العقوبات.

الثقة شرط إيراني

في السياق عينه، نقلت وكالة “رويترز” عن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أن طهران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع واشنطن إذا تم احترام بعض المبادئ.

وأضاف آبادي أن على واشنطن بناء الثقة مع طهران وضمان ألا تؤدي المفاوضات لتجدد العمل العسكري، موضحاً أنه يمكن استئناف المحادثات شرط الاعتراف بحقوق إيران وفق معاهدة حظر الانتشار النووي.

من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الخميس، في حديث للتلفزيون الإيراني، إن “المحادثات التي ستُعقد غدًا هي استمرار للمحادثات السابقة”، مضيفاً: “مواقفنا واضحة تمامًا. ليعلم العالم أن مواقفنا لم تتغير إطلاقًا، وسنواصل الدفاع بحزم وثبات عن حقوق الشعب الإيراني، لا سيما فيما يتعلق بالطاقة النووية السلمية، وتحديدًا قضية التخصيب، وسنبقى ثابتين على موقفنا”.

وتعهد عراقجي “بالدفاع عن حق بلاده في التخصيب” خلال المحادثات مع الترويكا.

كانت إيران والدول الثلاث قد أجرت مفاوضات في جنيف، خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، بعد نحو أسبوع من بداية الحرب الإسرائيلية الإيرانية. حينها أكد عراقجي رفض طهران أي تفاوض عن قدراتها العسكرية أو أنظمتها الدفاعية، مشدداً على ضرورة حصر المحادثات في الملف النووي فقط.

لاحقاً، شنّت الولايات المتحدة هجمات ضدّ ثلاثة مواقع نووية إيرانية فوردو، ونطنز، وأصفهان، وأكد عراقجي لاحقاً أنها تعرضت لأضرار شديدة. منذ ذلك الحين، توقفت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة التي جرت على 5 جولات قبل الحرب في مسقط وروما التي كانت ترعاها سلطنة عمان.

مطلع يوليو/ تموز الحالي، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن مفتشيها غادروا إيران عائدين إلى مقر الوكالة. وأفادت الوكالة بأن المفتشين كانوا في طهران طوال فترة التصعيد العسكري الذي استمر 12 يوماً مع إسرائيل الشهر الماضي، والذي تضمن ضربات أمريكية على المنشآت النووية في إيران.

ووافق الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان على قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الصراع مع إسرائيل، مما أثار مخاوف بشأن إخفاء إيران لبرنامجها النووي.

لاحقاً، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي من نيويورك، الأربعاء، بأن إيران وافقت على السماح لفريق فني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة البلاد خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة العلاقات بين طهران والوكالة.

تهديد بتفعيل آلية الزناد

حذر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الثلاثاء، من أنه إذا لم تُفضِ المفاوضات النووية مع إيران إلى “اتفاق يمكن التحقق منه”، فسيتم تفعيل “آلية الزناد” ضد إيران بحلول 31 أغسطس/ آب المقبل.

وقالت وزارة الخارجية الألمانية إن برلين، إلى جانب باريس ولندن، تواصل جهودها المكثفة للتوصل إلى حل دبلوماسي دائم بشأن الملف النووي الإيراني. وحذرت مجددًا من أنه إذا لم يتم التوصل إلى حل، في غضون شهر ونصف الشهر تقريبا من الآن، فسيظل خيار تفعيل آلية الزناد مطروحًا.

كانت إيران قد عقدت اجتماعاً ثلاثياً مع روسيا والصين في طهران، الثلاثاء، على مستوى المديرين العامين لمناقشة احتمالية تفعيل “آلية الزناد”.

ويوم الأحد، التقى علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لبحث قضايا، بينها البرنامج النووي الإيراني.

من جهتها، حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في 15 يوليو/ تموز من أن الوقت المتاح لتفعيل آلية الزناد “ينفد”، مشيرة إلى أن الملف سيُناقش في الاجتماع القادم لمجلس العلاقات الخارجية التابع للاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، اية الله صادق آملي لاريجاني، الخميس إن “آلية الزناد هي غطرسة جديدة وأن الجمهورية الاسلامية ستتصدى لهذه الغطرسة”.

وأضاف في كلمة ألقاها أمام اجتماع المجمع أن “آلية الزناد لا تتمتع في الواقع الحالي للاتفاق النووي بأي سند قانوني ومصداقية، لأن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق ولم يف الأوروبيون بالتزاماتهم”.

كان الوزير الفرنسي بارو قد صرّح أواخر يونيو/ حزيران أن فرنسا وشركاءها الأوروبيين قادرون على إعادة فرض العقوبات الدولية على الأسلحة والمعدات النووية والقطاعات المالية الأساسية في إيران “بمجرد إرسال رسالة واحدة فقط”.

تشكل “آلية الزناد” مصدر قلق بالغ لطهران، إذ تعني إعادة فورية لجميع العقوبات الدولية التي رفعت عنها في عام 2015، بما في ذلك الحظر العالمي على الأسلحة، ومنع نقل المعدات النووية، والقيود المفروضة على القطاع المصرفي وشركات التأمين.

سعت واشنطن في سبتمبر/ أيلول 2020 إلى تفعيل “آلية الزناد” بهدف إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، غير أن هذه الخطوة لم تفلح، إذ فقدت الولايات المتحدة آنذاك حقها في استخدام هذه الآلية بسبب انسحابها الرسمي من الاتفاق النووي عام 2018.

ماذا يعني تفعيل هذه الآلية؟

ببساطة، فإن تفعيل آلية الزناد يعني إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا.

وتُعد آلية الزناد (Snapback) آلية قانونية واردة في القرار 2231 لمجلس الأمن، تتيح إعادة فرض العقوبات على إيران تلقائيًا في حال “عدم امتثال جوهري” من طهران بالتزاماتها النووية، ودون الحاجة لتصويت أو إجماع داخل الهيئة الدولية.

بحسب هذه الآلية، إذا لم تتوصل الأطراف إلى توافق حول التزام إيران بالاتفاق خلال 10 سنوات من تنفيذ الاتفاق، يمكن لأي من الدول الخمس الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين) رفع الأمر إلى مجلس الأمن، ليبدأ مسار إعادة العقوبات.

بعد تفعيل المسار، لدى مجلس الأمن 30 يوماً للتصويت على قرار يمدد تعليق العقوبات على إيران، ويتطلب القرار 9 أصوات على الأقل دون استخدام أي من الأعضاء الدائمين لحق النقض “الفيتو”.

إذا لم يُعتمد القرار، تُعاد جميع العقوبات تلقائياً ما لم يقرر مجلس الأمن غير ذلك.

10 سنوات على الاتفاق النووي

الدول الأوروبية الثلاث المعروفة باسم الترويكا الأوروبية هي الأطراف المتبقية في اتفاق عام 2015 إلى جانب الصين وروسيا.

وانسحبت الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق الذي رُفعت بموجبه العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وينادي الأوروبيون بضرورة معاودة إحياء المفاوضات في ظل توقف تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية ومع قرب انقضاء الموعد النهائي لاتفاق 2015 في 18 أكتوبر/ تشرين الأول.

بدأت العقوبات الأممية على إيرانية منذ عام 2006 على خلفية الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني. وقد شملت إجراءات عدة، أبرزها حظر تصدير واستيراد المواد والتقنيات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإنتاج الصواريخ الباليستية، إضافة إلى تجميد أصول عدد من الأفراد والكيانات المرتبطة بالبرنامج النووي أو الحرس الثوري الإيراني، كما تضمنت قيودا على سفر بعض المسؤولين الإيرانيين.

صدرت هذه العقوبات في سلسلة من القرارات جاءت متتالية، بدءا بالقرار 1737 عام 2006، فالقرار 1747 عام 2007، ثم القرار 1803 عام 2008 انتهاء بالقرار 1929 عام 2010.

وفي عام 2015، عقب التوصل إلى الاتفاق النووي المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” (JCPOA)، أصدر مجلس الأمن القرار 2231 الذي نص على رفع تدريجي لتلك العقوبات مقابل التزامات من جانب إيران.

شاركها.
Exit mobile version