في تطوّر لافت يعكس تغيّرًا في المزاج السياسي الخليجي تجاه لبنان، استؤنفت الرحلات الجوية من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى بيروت، بعد رفع أبو ظبي حظرًا على سفر مواطنيها إلى لبنان دام قرابة أربع سنوات.
وحطّت أولى الرحلات، صباح الأربعاء، في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث استُقبل المسافرون الإماراتيون بالورود في مشهد رمزي لا يخلو من الدلالة على بداية مرحلة جديدة من الانفتاح. وقد عبّر بعض الركاب عن فرحتهم بالعودة، واصفين لبنان بأنه “وطنٌ عربي جميل وشعبه طيب”، مؤكدين أن القرار الإماراتي قد يمهّد لخطوات مشابهة من دول خليجية أخرى، في إشارة ضمنية إلى السعودية.
وكان الحظر الإماراتي قد فُرض في سياق توتر دبلوماسي إقليمي، حين سحبت أبو ظبي دبلوماسييها من بيروت تضامنًا مع الرياض، إثر تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني آنذاك، انتقد فيها تدخل السعودية والإمارات في حرب اليمن، واصفًا إياها بـ”الحرب العبثية”. وقد فجّرت تلك التصريحات أزمة أعمق بين لبنان ودول الخليج.
إلا أن التطورات الأخيرة، لا سيّما تراجع نفوذ “حزب الله” بعد حرب دامت 14 شهرًا مع إسرائيل، وانتهت بوقف إطلاق نار رعته الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، فتحت الباب أمام إعادة رسم العلاقات اللبنانية–الخليجية.
ترافق ذلك مع تطور سياسي داخلي بارز، تمثّل بانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، في خطوة أعادت بعض الاستقرار إلى المشهد اللبناني. وزار عون مؤخرًا الرياض، ثم أبو ظبي، في مسعى دبلوماسي لاستعادة ثقة العواصم الخليجية، وقد جاء قرار الإمارات برفع الحظر بعد تلك الزيارة مباشرة، ما يُعد مؤشراً على تجاوب إيجابي مع القيادة الجديدة.
من جهته، أكد وزير الإعلام اللبناني بول مرقص من مطار بيروت أن “الظروف الأمنية مريحة لعودة السياح، خصوصًا من الأشقاء في الخليج”، مشددًا على أن الحكومة “تعمل بجهد لإزالة أي عوائق أمام قدومهم”.
وبينما تترقّب الأوساط السياسية ما إذا كانت الرياض ستحذو حذو أبو ظبي، فإن استئناف الرحلات الإماراتية يبعث برسالة بالغة الرمزية: أن لبنان لا يزال يجد مكانه، وإن بصعوبة، على خارطة الاهتمام العربي، وأن انفراجًا تدريجيًا قد يكون في الأفق، إذا ما استمر المناخ السياسي في التهدئة والانفتاح.