لم يكن[ البابا فرنسيس،](https://arabic.euronews.com/2025/04/22/catholics-in-gaza-mourn-pope-francis-with-solemn-mass-amid-ongoing-war) الذي توفي يوم الاثنين عن عمر يناهز 88 عامًا، مجرد محبٍ للرياضة، بل كان يؤمن بقدرتها الاستثنائية على جمع الناس وتوحيدهم.
ففي عام 2019، قال خلال لقاء مع شباب إيطاليين ولاعبي ومدربي كرة قدم في الفاتيكان:”كرة القدم رياضة جماعية. لا يمكنك الاستمتاع بها بمفردك”. وأضاف: “وعندما تُعاش بهذه الطريقة، يمكن أن تؤثر إيجابًا على العقل والقلب في مجتمع يتسم بالتوتر والأنانية”.
وكأي طفل أرجنتيني، نشأ خورخي ماريو برغوليو، الاسم الأصلي للبابا فرنسيس، على حب كرة القدم، وكان يقضي ساعات في اللعب مع أصدقائه في الأزقة أو على الملاعب الترابية المعروفة باسم “بوتريروس” في حي فلوريس بالعاصمة بوينس آيرس، مسقط رأسه.
وبحسب تقييمه لنفسه، لم يكن لاعبًا ماهرًا. ففي سيرته الذاتية، اعترف بأن أداءه المتواضع دفع البعض إلى تسميته بـ”ثقيل القدمين”.
وانضم لاحقًا إلى جمهور نادي سان لورينزو، وهو فريق أُسس عام 1908 على يد الكاهن لورينزو ماسا، ويُلقّب مشجعوه بـ”الغربان” نسبةً إلى عباءة مؤسس النادي السوداء. وأُعجب[ الشاب خورخي ](https://arabic.euronews.com/2025/04/22/former-israeli-ambassador-calls-for-boycott-of-pope-funeral-bias-against-dror-eydar)بأسلوب لعب الفريق اللافت حين تُوّج بلقب الدوري المحلي عام 1946، وظل يتذكر أسماء لاعبي تلك التشكيلة حتى وفاته.
وفي عام 2014، وبعد عام واحد من انتخابه بابا للفاتيكان، فاز سان لورينزو بأول لقب له في كأس ليبرتادوريس، أهم بطولة أندية في أمريكا الجنوبية. وسافر عدد من لاعبي النادي وإدارته إلى الفاتيكان لتقديم الكأس للبابا. وفيما بعد، قرر مجلس إدارة النادي إطلاق اسم البابا فرنسيس على ملعبه المستقبلي، تقديرًا لعضويته التي ظل يسدد رسومها حتى النهاية، تحت الرقم 88,235.
وفي مقابلة مع قناة RAI الإيطالية عام 2023، طُلب من [البابا فرنسيس](https://arabic.euronews.com/2025/04/22/vatican-pope-francis-catholic-church-dies-stroke-double-pneumonia-heart-failure) أن يشارك في الجدل المتجدد حول من هو أعظم لاعب كرة قدم على مر العصور: دييغو مارادونا أم ليونيل ميسي؟ وجاء رده مفاجئًا: “سأضيف لاعبًا ثالثًا: بيليه”.
كان البابا قد التقى بيليه، بطل العالم ثلاث مرات والمسيحي المتدين، قبل انتخابه حبرًا أعظم، ثم التقى ميسي ومارادونا في الفاتيكان بعد تنصيبه.
وقال عن مارادونا، الفائز بكأس العالم عام 1986: “مارادونا كان عظيمًا كلاعب، لكنه فشل كإنسان”. وأضاف أن مارادونا كان محاطًا بأشخاص عبدوه لكنهم لم يساعدوه، في إشارة إلى معاناته مع الإدمان والمشكلات الصحية قبل وفاته عام 2020 عن 60 عامًا.
أما عن ميسي، الفائز بكأس العالم 2022، فوصفه بـ”الرجل المحترم جدًا”، لكنه أضاف: “من بين الثلاثة، فإن الرجل النبيل حقًا هو بيليه”.
وفي رسالة قُرئت خلال تكريم أقيم في ريو دي جانيرو بعد عام على وفاة بيليه، قال البابا[ فرنسيس](https://arabic.euronews.com/health/2025/04/22/vatican-pope-francis-suffers-from-severe-pneumonia-receives-intensive-treatment):”العديد من الفضائل اللازمة للرياضة، مثل المثابرة والثبات والاعتدال، هي أيضًا من الفضائل المسيحية. وكان بيليه من دون شك رياضيًا جسّد هذه القيم الإيجابية في حياته”.
ورغم عشقه لكرة القدم، إلا أن [البابا](https://arabic.euronews.com/2025/04/21/cairos-catholics-bid-farewell-to-pope-francis-moving-words) لم يكن يشاهد المباريات على التلفزيون، تنفيذًا لنذر قطعه على نفسه أمام “سيدة الكرمل” عام 1990. وكان يعتمد على الإذاعة لمتابعة نتائج المباريات حتى انتقاله إلى روما، حيث تولى الحرس السويسري إبلاغه بنتائج مباريات سان لورينزو والمنتخب الأرجنتيني.
وبهذه الطريقة، علم بأن الأرجنتين فازت بلقبها الثالث في كأس العالم في قطر، بعد مباراة نهائية حُسمت بركلات الترجيح أمام فرنسا.
ورغم حبه العميق للعبة، كان فرنسيس يعارض التعصب والعنف المرتبطين أحيانًا بكرة القدم، داعيًا اللاعبين المحترفين إلى التواضع وعدم نسيان جذورهم.
وقال في كلمته عام 2019: “لا تنسوا من أين أتيتم: تلك الملاعب في الضواحي، أماكن الصلاة، النادي الصغير”. وأضاف: “آمل أن تشعروا دومًا بالامتنان لتاريخكم المليء بالتضحيات والانتصارات والتحديات. أن تكون عظيمًا في الحياة، فهذه هي الانتصار الحقيقي لنا جميعًا”.
ساهم في إعداد هذا التقرير الصحفي ماوريسيو سافاريزي من وكالة أسوشيتد برس – ساو باولو.