بقلم: يورو نيوز
نشرت في
وحظي مشروع القانون بموافقة 94 نائبًا مقابل رفض 11، ومن المقرر إحالته إلى الملك فريدريك العاشر للتصديق عليه رسميًا.
توسيع الاتفاق الدفاعي وقلق السيادة
ويعدّ الاتفاق الجديد امتدادًا لمعاهدة دفاعية وُقّعت في عهد إدارة بايدن عام 2023، ومنحت القوات الأمريكية وصولًا موسعًا إلى عدد من القواعد الجوية في الدنمارك. لكن النسخة الجديدة تتجاوز ذلك، إذ تمنح واشنطن صلاحيات عسكرية وأمنية أوسع داخل الأراضي الدنماركية، بما في ذلك حق استخدام قواعد في مدن كاروب، وسكريدستروب، وألبورغ، وتنفيذ أنشطة عسكرية تشمل نشر قوات وتخزين معدات والتدريب وإجراء مناورات.
وإحدى النقاط المثيرة للجدل تتعلق بالولاية القضائية، فبموجب الاتفاق، يخضع الجنود الأمريكيون للقانون الأمريكي حتى في حال ارتكابهم جرائم داخل الدنمارك، كما يُسمح للشرطة العسكرية الأمريكية بممارسة سلطات على المدنيين الدنماركيين في بعض المواقع.
تحذيرات من “تفريط بالسيادة”
حزب “الوحدة” اليساري وصف هذه الصلاحيات بأنها “مقلقة للغاية”، وقالت المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في الحزب، ترينه بيرتو ماخ، في تصريح لصحيفة يولاندس بوستن: “تسليم صلاحيات إنفاذ القانون لشرطة عسكرية أجنبية أمر مبالغ فيه وخطير على سيادتنا”.
ويخشى معارضو الاتفاق أن يُفضي إلى “تنازل فعلي” عن جزء من السيادة الدنماركية لصالح قوة عسكرية أجنبية، خاصة في ظل التصريحات الصادرة من واشنطن بشأن غرينلاند.
ترامب وغرينلاند: أطماع مستمرة
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد تصاعدًا في نبرة واشنطن تجاه غرينلاند، الجزيرة الغنية بالمعادن في القطب الشمالي والتي تتمتع بحكم ذاتي ضمن مملكة الدنمارك. وقد أعاد الرئيس ترامب — العائد إلى البيت الأبيض — إحياء خطابه المثير للجدل بشأن “امتلاك” الجزيرة، ولم يستبعد مؤخرًا استخدام القوة العسكرية لفرض السيطرة عليها، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان.
كما أشارت تقارير استخباراتية إلى إصدار أوامر بتكثيف عمليات المراقبة والتجسس الأمريكي في الإقليم، مما أثار ردود فعل غاضبة من حكومة غرينلاند التي وصفت التصريحات الأمريكية بأنها “غير محترمة”، وأكدت أن الجزيرة “لن تكون يومًا قطعة أرض معروضة للبيع”.
بنود مثيرة للجدل وفترة سريان طويلة
الاتفاق، غير القابل للإلغاء لمدة عشر سنوات، يمنح القوات الأمريكية “الحقوق والصلاحيات اللازمة لتشغيل منشآتها والدفاع عنها والسيطرة عليها”، بحسب بيان لوزارة الدفاع الدنماركية، وتشمل هذه الصلاحيات اتخاذ تدابير أمنية ضد المدنيين “إذا لزم الأمر”، ما دفع معارضين إلى التحذير من تبعات قانونية وسياسية قد تنعكس سلبًا على المجتمع الدنماركي.
ومع ذلك، أوضح وزير الخارجية لارس لوكه راسموسن، أن الاتفاق يتضمن بندًا يتيح لبلاده الانسحاب منه في حال أقدمت الولايات المتحدة على محاولة ضم جزيرة غرينلاند كليًا أو جزئيًا، مشددًا في رد برلماني على أن مثل هذا التصرف “يمنح كوبنهاغن الحق الكامل في إنهاء الاتفاق”.
ضمانات رسمية.. ومخاوف قائمة
ورغم الجدل، تؤكد الحكومة أن الاتفاق ينص صراحة على ضرورة احترام السيادة الدنماركية والدستور والقانون الدولي، كما أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع إلى أن جميع الأنشطة العسكرية الأمريكية ستُنفذ بالتنسيق مع السلطات الدنماركية، مؤكدًا أن الصلاحيات الممنوحة ليست مطلقة.
مع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة لدى شرائح سياسية وشعبية من أن يتحول الوجود العسكري الأمريكي إلى نفوذ دائم يحدّ من استقلال القرار السيادي، ويضع غرينلاند في قلب صراع جيوسياسي جديد، وسط تزايد الاهتمام الدولي بالمنطقة القطبية.
للإشارة، يقدر عدد القوات المسلحة الدانماركية ب21 ألف عنصر بحسب إحصاءات 2024. فيما يبلغ تعداد جنود الاحتياط ب12 ألفا بالإضافة 51 ألف متطوع فيما يعرف بسلك الحرس الداخلي.