كشفت صور أقمار صناعية حديثة عن بناء الصين منشأة ضخمة لأبحاث الاندماج النووي باستخدام الليزر في مدينة ميانيانغ جنوب غرب البلاد. وبحسب رويترز تُظهر هذه المنشأة إمكانيات متطورة قد تُسهم في تطوير أسلحة نووية وتصميم مصادر طاقة نظيفة في المستقبل.
وتتضمن هذه المنشأة الجديدة، التي يصفها الخبراء بأنها خطوة كبيرة في مجال أبحاث الاندماج النووي، أذرعًا جانبية تحتوي على وحدات ليزر، بالإضافة إلى قاعة تجارب مركزية تحتوي على غرفة هدف تُستخدم لدمج نظائر الهيدروجين باستخدام الليزر القوي. وفقًا لديكر إيفيليث، الباحث في مؤسسة سي ان أيه الأمريكية، فإن قاعة التجارب في المنشأة الصينية أكبر بنسبة 50% من نظيرتها في منشأة الاشتعال الوطنية الأمريكية (NIF) التي تُعد الأكبر في العالم حاليًا.
وتشبه المنشأة الصينية من حيث التصميم المنشأة الأمريكية في شمال كاليفورنيا، التي حققت إنجازًا علميًا عام 2022 عندما ولّدت طاقة تفوق تلك المستخدمة لإشعال تفاعل الاندماج النووي، وهو ما يُعرف بـ”التوازن العلمي”. هذا الإنجاز جعل الخبراء يتوقعون أن الصين تستهدف تحقيق إنجازات مماثلة أو حتى التفوق عليها.
من شأن هذه التطورات أن تمكّن الصين من تحسين تصميم الأسلحة النووية دون الحاجة إلى إجراء اختبارات تفجيرية، وهو ما يُعتبر نقطة محورية بالنسبة للدول الموقعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي تحظر التجارب التفجيرية لكنها تسمح بتجارب أقل تأثيرًا، مثل تلك التي تعتمد على الاندماج باستخدام الليزر.
في الوقت الذي لم تعلق فيه وزارة الخارجية الصينية أو وزارة العلوم والتكنولوجيا على هذه التقارير، أظهرت وثائق بناء شاركها إيفيليث أن المنشأة تحمل اسم “مختبر الأجهزة الكبرى للاندماج بالليزر”، وتقع في نفس الموقع الذي أشارت إليه صور الأقمار الصناعية السابقة في عام 2020، مما يعزز صحة التقارير.
يسمح الاندماج باستخدام الليزر للعلماء بدراسة آليات التفاعل النووي بهدف إنتاج طاقة نظيفة باستخدام أكثر الموارد وفرة في الكون: الهيدروجين. لكنه أيضًا يُمكّنهم من فهم آليات التفجير النووي بشكل أعمق دون الحاجة إلى اختبارات فعلية.
ورغم قلة التجارب النووية التي أجرتها الصين مقارنة بالولايات المتحدة (45 تجربة مقابل 1,054)، يرى بعض الخبراء، مثل سيغفريد هيكر، أن تأثير هذه المنشأة على التفوق النووي الأمريكي محدود، نظرًا لعدم امتلاك الصين لقاعدة بيانات ضخمة من التجارب السابقة.
إلى جانب الولايات المتحدة والصين، تمتلك دول أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا منشآت مشابهة لأبحاث الاندماج النووي بالليزر. ومع ذلك، فإن حجم المنشآت يعكس تقديرات المصممين بشأن كمية الطاقة المطلوبة لتحقيق الاشتعال.
على الرغم من القلق بشأن الاستخدامات العسكرية المحتملة لهذه الأبحاث، يؤكد خبراء أن التقدم العلمي في هذا المجال يصعب إيقافه، وأنه يمكن استخدامه لأغراض متنوعة، بعضها قد يخدم البشرية في المستقبل.