تصيب الحمى القلاعية الماشية بشكلٍ رئيسي، فتتسبب بالحمى والبثور في فمها وأطرافها. ويُمكن أن ينتقل المرض إلى البشر، إلا أن أعراضه عليهم سريعة الزوال، وتختفي بعد أسبوعين في الحد الأكثر.
ومع أن الحمى القلاعية ليست خطرة على حياة الإنسان، ولم يتم تسجيل إصابات فيها في بولندا، إلا أن الروايات المضللة حولها تكتسب زخمًا عبر الإنترنت في البلد الأوروبي.
وقد انتشرت على وسائل التواصل أخبار كاذبة تزعم أن هيئة التفتيش البيطري تخطط لإعدام قطعان في نطاق 3 كيلومترات للوقاية من المرض. وقد أثارت تلك القضية المزعومة جدلًا بين المستخدمين، قبل أن تنفيها الخدمات البيطرية.
مرض الحمى القلاعية في بولندا: “بلدنا هدف للتضليل الإعلامي”
على عكس سلوفاكيا والمجر، اللتين سجلتا إصابات في المرض، لا تزال بولندا نظيفة منه حسب منظمة الصحة العالمية.
وقد كان لافتًا إعلان الحكومة المجرية، يوم الخميس، أنها لا تستبعد فرضية أن يكون “هجوم بيولوجي” وراء انتشاره.
وبشكلٍ دوري، تجري وارسو اختبارات دورية للوقاية منه عبر العناية بنقل الحيوانات عبر الحدود وفحص مشتقاتها، فضلًا عن أخذ عينات من المزارعين لتحليلها.
في هذا السياق، يقول آدم مايتشرزاك، نائب رئيس وحدة مكافحة التضليل الإعلامي وكبير المحللين في جمعية ديماجوج، في مقابلة مع “يورونيوز”: “بعد جائحة كورونا، أصبح مجتمعنا حساسًا بشكل خاص لأي إشارات حول الأمراض المعدية، وتخلق الفوضى المعلوماتية التي تصاحب مثل هذه الحالات مساحة لانتشار المعلومات الكاذبة”.
ويتابع: “من المهم أيضًا أن نأخذ في الاعتبار أن بولندا بلد مستهدف بالمعلومات المضللة، ويمكن هنا أيضًا الإشارة إلى الموضوع السياسي والخلاف بين الدول. فما يثير العداء والاستقطاب سرعان ما يثير المشاعر وبالتالي يكتسب شعبية.”
ويشير المحلل إلى أن الأخبار المزيفة حول مرض الحمى القلاعية في أوروبا تتماشى مع حملة تضليل نشطة منذ بداية شهر يناير الماضي، فقد وردت سابقًا معلومات كاذبة حول استيراد حيوانات مريضة و لحوم ملوثة من برلين إلى وارسو.
فوضى المعلومات
يعتقد الخبراء أن المعلومات الكاذبة أو المضللة تنشأ في بيئة تعيش حالة من الفوضى المعلوماتية، فالأخبار التي تتسم بالعاطفة، ولا يجري التحقق منها، تبدو أكثر جاذبية من البيانات الرسمية، وهكذا تخلق شعبيتها ويبدأ الناس في تناقلها.
وعن ذلك، يقول آدم مايتشرزاك: “من المهم أن نتذكر أن المعلومات المضللة تستغل دائمًا بعض الثغرات في المعرفة أو عدم الوصول إلى المحتوى الموثوق”.
ويضيف: “لسوء الحظ، وبالنظر إلى الصورة الكبيرة، فإننا كمجتمع لا نمتلك بعد قدرة على التدقيق والتفكير النقدي عندما نتلقى معلومات عبر الإنترنت”.
ويلفت الخبير إلى أن تدقيق المعلومات من مصدرها، أي من الجهة الرسمية المعنية بها، يُمكن أن يحمي من التضليل عبر الإنترنت. كما يشير إلى أن الافتقار إلى تدقيق المعلومات يصبح أكثر خطورة إذا كانت حول موضوع طبي، أي يحتاج إلى قدر من المعرفة لتفسيره.
من جهة ثانية، يُمكن أن يكون انعدام الثقة في السلطات، في السياق البولندي، أحد الأمور المساعدة على انتشار المعلومات المضللة، وقد اختبرت البلاد مرارة ذلك خلال جائحة كورونا.
ومع ذلك، يؤكد مايتشرزاك أن “مسألة ثقة الشعب مهمة. فهي تتأثر بأداء الحكومة ومستوى التعلم في حد ذاته، ولكن أيضًا بحقيقة أن هناك مجموعات تدعم الروايات المناهضة للقاحات أو الطب البديل، وهو ما يُخلّ بأسس الثقة”.
ويردف: “إن قلة المعرفة وفقدان الثقة في المؤسسات العامة هو مزيج متفجر يسمح بحقن المعلومات الخاطئة بحرية في الجمهور”.