تزايدت التسريبات والتصريحات التي تتحدث عن اقتراب حزب الله وإسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن على الأرض ارتفع منسوب الضربات المتبادلة خاصة القصف الصاروخي الذي يشنه الحزب على الدولة العبرية.
في أواخر تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي وبعد مرور شهر تقريبا على اندلاع الحرب الواسعة النطاق بينهما، قال وزير الدفاع الإسرائيلي المقال، يوآف غالانت، إن حزب الله فقد 80% من قدراتها الصاروخية.
وفي الـ 10 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، خرج يسرائيل كاتس الذي حل مكان غالانت بتصريح غريب قال فيه: “إسرائيل هزمت حزب الله”.
لكن حزب الله شن، الأحد، أقوى هجوم صاروخي على الدولة العبرية منذ اندلاع الحرب، وتساقطت صواريخه من شمالي إسرائيل حتى تل أبيب وقاعدة بحرية جنوبها تقع بالقرب من قطاع غزة.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن قرابة 4 ملايين إسرائيلي فروا إلى الملاجئ على وقع هجوم حزب الله الذي تم بـ340 صاروخاً.
وجاء الهجوم الواسع النطاق بعد يوم من غارة إسرائيلية على وسط بيروت أدت إلى مقتل 29 شخصاً.
ويعيد هذا التصعيد إلى الأذهان تصعيدا مماثلا وقع في الأيام الأخيرة من حرب عام 2006 بين الطرفين، حيث كثفت الضربات في تلك المرحلة قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، إن حزبه كان من أطلق الطلقة الأخيرة في تلك الحرب، في دلالة على قوته حتى اللحظات الأخيرة.
كما يثير هجوم حزب الله الأخير تساؤلات بشأن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تبدو بعيدة عن الواقع، كما أن الضربات الواسعة في تل أبيب وبيروت تأتي في وقت تتزايد الأنباء عن اقتراب التواصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
ويقول المراسل العسكري لموقع “والا” الإسرائيلي الواسع الانتشار، أمير بوخبوط : “انظروا إلى ما حدث منذ إغتيال نصر الله. تزايد إطلاق الصواريخ من لبنان. ألم يخبرونا أنه تم تدمير 80% من الصواريخ؟”.
وذهبت “القناة 12” الإسرائيلية إلى القول “إنه لا يزال لدى حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف من جميع المديات”.
وقدرت أن “إسرائيل دمرت 150 ألف صاروخ وقذيفة، أي حوالى 20٪ مما كان لدى حزب الله في بداية الحرب فقط”.
“الاتفاق بات قريباً”
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة، وصحيفة “يديعوت آحرونوت”، و”هآرتس”، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين أن إسرائيل وافقت من حيث المبدأ على اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله، بوساطة أمريكية.
وأضافت أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يعمل على طريقة تقديم الاتفاق إلى الإسرائيليين، بعدما عقد مشاورات عالية المستوى بهذا الشأن ليل الأحد الاثنين.
ومع ذلك، تقول هذه التقارير بإن الموافقة ليست نهائية ولا تزال هناك العديد من القضايا بحاجة لتسوية لكن “حكومة نتنياهو وافقت على المبادئ الرئيسية”.
ولم توضح التسريبات القضايا الخلافية.
أهداف مرتفعة السقف
في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأت إسرائيل توغلا بريا في لبنان ووضعت أهدافا معلنة مرتفعة السقف، وهي:
- إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم، التي نزحوا عنها بفعل هجمات حزب الله منذ أكثر من عام.
- القضاء على قدرات حزب الله وإضعافه بشكل كبير.
- سحب قوات الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني
- ووضع وزير الدفاع الجديد هدف النزع الكامل لسلاح حزب الله.
لكن بنود التي تسربت لصحيفة “هآرتس” مثلا تشير إلى أن مقترح وقف إطلاق النار يتضمن البنود التالية:
هدنة يتوقف فيها إطلاق النار، وسحب قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
وهذا يعني، إن تم، أن حزب الله سيتحفظ بسلاح بعكس ما كانت تريد إسرائيل في البداية.
الميدان والخشية من حروب أخرى
أطلقت إسرائيل حربها على لبنان في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، عبر سلسلة من عمليات الاستخبارات والاغتيالات، كان أبرزها اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في قصف تم بنحو 80 قنبلة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي 1 تشرين الأول/ أكتوبر، بدأت عملية توغل بري في جنوب لبنان.
لكن بعد مرور نحو شهرين على انطلاق الحرب، لا يبدو أن الجيش استطاع تحقيق الكثير لا صعيد التقدم الميداني ولا صعيد إخضاع حزب الله.
وكانت إسرائيل تمكنت من الوصول إلى بيروت عام 1982 خلال أيام معدودة، خلال ما عرف حينها بغزو لبنان أو عملية “سلامة الجليل”، كما سمتها إسرائيل حينها.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن العشرات من جنوده قتلوا خلال العمليات في جنوب لبنان، فضلاً عن إصابة أكثر من ألف منذ بدء العملية البرية.
وتصاعدت في الآونة الأخيرة في إسرائيل، الأصوات التي تدعو لوقف الحرب على لبنان، ولأسباب كثيرة منها القول إن الأهداف تحققت، ومنها بسبب الخسائر خاصة الاقتصادية منها، كما يدعو فريق ثالث للتركيز على غزة.
والخسائر هي أكثر الأمور التي تضغط على القادة الإسرائيليين أثناء حروبهم مع العرب.
ومن جانبه، كان حزب الله يقول لفترة طويلة لن يوافق على وقف إطلاق النار حتى تنتهي الحرب في غزة، لكنه تخلى الآن عن هذا الشرط.
وقال أحد الدبلوماسيين لوكالة “أسوشيتد برس” إن هناك مخاوف من أنه إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان، فإن الحرب ستتوسع إلى سوريا والعراق.
وأضاف الدبلوماسي أن إسرائيل ربما تقصف في البلدين لقطع إمدادات الأسلحة من إيران إلى حزب الله.
المصادر الإضافية • وسائل إعلام إسرائيلية وعربية وغربية وشبكات تواصل