بقلم:&nbspيورو نيوز

نشرت في

اعلان

البابا الجديد، واسمه المدني الكاردينال روبرت بريفوست، لم يُجرِ حتى الآن تغييرات كبيرة في مناصب الفاتيكان، ولم يُعلن عن خطط لرحلات خارجية، كما لم يُفصح عن مقر إقامته الجديد، هذا التريث يتناقض مع سرعة تحركات البابا فرنسيس الذي، في غضون أسابيع من انتخابه عام 2013، أعلن أنه لن يقيم في القصر الرسولي، وعيّن خلفًا له في بوينس آيرس، وشكّل مجلسًا استشاريًا من كبار الكرادلة.

ورغم هذه البداية البطيئة، إلا أن مراقبين يرون أن البابا ليو، البالغ من العمر 69 عامًا، يتبع استراتيجية محسوبة تتسم بالحذر، يقول القس مارك فرنسيس، صديق البابا منذ سبعينيات القرن الماضي: “ليو يسير على نهج فرنسيس، لكنه يختلف عنه في الطبع؛ أكثر هدوءاً، دقيق، ويُفضّل التروي في اتخاذ القرارات”.

وخلال شهره الأول كررالبابا ليو بعض المواضيع الرئيسية للبابا فرانسيس، كما كرر النداءات العاطفية للبابا الأرجنتيني لإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا.

أزمات في الانتظار

من أبرز التحديات التي تواجه البابا الجديد، العجز في ميزانية الفاتيكان والذي يُقدّر بنحو 83 مليون يورو (95 مليون دولار)، كما يواجه الفاتيكان فجوة أكبر في صندوق التقاعد، قدّرتها تقارير رسمية عام 2022 بنحو 631 مليون يورو، ويُعتقد أنها تزايدت منذ ذلك الحين.

إلى جانب القضايا المالية، تلوح في الأفق أزمات أخرى تهدد مستقبل الكنيسة، أبرزها تراجع أعداد المؤمنين في أوروبا، واستمرار الفضائح المتعلقة بانتهاكات جنسية ارتكبها رجال دين، فضلًا عن نقاشات لاهوتية حساسة حول دور المرأة في الكنيسة، ومكانة الكاثوليك من مجتمع الميم.

البابا فرنسيس سبق وأن أثار جدلًا واسعًا حين فتح الباب أمام منح المناولة للمطلقين، وسمح بمباركة الأزواج المثليين، ما أثار انتقادات من أوساط كنسية محافظة، رغم أنه لم يُغيّر العقيدة رسميًا.

رجل الإصغاء لا المفاجآت

القس أنتوني بيزو، الذي رافق ليو في دراسته بجامعة فيلانوفا عام 1974، يرى في البابا الجديد رجلًا يصغي بعمق، يسعى لفهم الآراء المتعددة قبل اتخاذ قراراته. يقول: “أسلوبه قائم على الاستماع، والتعرف على الجمهور الذي يخدمه، ثم اتخاذ قرار مبني على معرفة شاملة”.

هذا النمط يتماشى مع سيرة ليو الذي عاش سنوات طويلة كمبشر في بيرو، بعيدًا عن أضواء الفاتيكان، قبل أن يُعيّنه فرنسيس أسقفًا عام 2015، ثم مسؤولًا رفيعًا في الفاتيكان قبل عامين فقط. وبذلك، يدخل ليو الكرسي البابوي باعتباره شخصية غير معروفة عالميًا نسبيًا، مقارنة بفرنسيس الذي كان قد شغل منصب كاردينال لاثني عشر عامًا قبل انتخابه.

لم يعلن ليو حتى الآن عن مقر إقامته الجديد، لكن مصادر مطلعة لوكالة أسوشييتد برس، رجّحت أنه سينتقل إلى الشقق البابوية بالقصر الرسولي، والتي لم تُستخدم منذ عام 2013، وتشير التقديرات إلى أن تلك الشقق تحتاج إلى ترميمات قد تستغرق ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، وكان البابا فرنسيس قد اختار آنذاك الإقامة في نُزل داخل الفاتيكان، تجنبًا للفخامة والانعزال.

في المقابل، عقد ليو عددًا من الاجتماعات الرسمية مع كبار مسؤولي الفاتيكان، في خطوة يرى فيها المراقبون رغبة في فهم خريطة السلطة ومراكز القرار عن كثب. ويقول القس خورخي مارتينيز، الذي عرف ليو أثناء عمله في بيرو: “إنه يُصغي كثيرًا، وربما بخجل، لكنه يُنصت لكل ما يُقال له باهتمام”.

أول زيارة خارجية… إلى تركيا؟

فيما يتعلق بالرحلات البابوية، لم يُعلن الفاتيكان حتى الآن عن أول زيارة خارجية للبابا ليو، لكن من المرجّح أن تكون وجهته الأولى إلى تركيا، للمشاركة في الاحتفال بمرور 1700 عام على انعقاد أول مجمع كنسي كبير، إلى جانب البطريرك برثلماوس، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.

وكانت هذه الرحلة مخططة مسبقًا في عهد فرنسيس، وقال برثلماوس في تصريحات لتلفزيون إيطالي إنّه ناقش الأمر مع البابا ليو، وربما تتم الزيارة في نوفمبر المقبل.

تميّز البابا فرنسيس بأسلوبه العفوي، خصوصًا في المؤتمرات الصحفية على متن الطائرات، والتي كانت تتضمن أحيانًا تصريحات مفاجئة، مثل ردّه الشهير حين سُئل عن مسؤول في الفاتيكان يُشاع أنه مثلي الجنس، فأجاب: “إذا كان شخص ما مثليًا ويسعى إلى الله وبنوايا طيبة، فمن أكون لأحكم عليه؟”.

لكن يبدو أن البابا ليو سيتجنب هذا النهج، حيث التزم في شهره الأول بقراءة نصوص مكتوبة في كل خطاباته، ما يعكس حرصًا على الانضباط في التعبير، ويقول القس فرنسيس: “لن يُطلق التصريحات العفوية مثل فرنسيس أثناء الحديث مع الصحفيين، سيكون أكثر حذرًا في كلماته”.

شاركها.
Exit mobile version