أشعل قرار السلطات اللبنانية بتسليم الكاتب والشاعر المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، إلى الإمارات موجة غضب عارمة واستياء شديد من الناشطين والمنظمات الحقوقية. وانهالت الانتقادات على الحكومة اللبنانية، متهمةً إياها بالتخلي عن مسؤولياتها الدولية في حماية حقوق الإنسان.
وجاء قرار الترحيل استجابة لطلب رسمي من الإمارات، بناءً على مذكرة توقيف صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. واتُهم القرضاوي بـ”التحريض وزعزعة الأمن” بعد تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها في فيديو صُوِّر داخل باحة المسجد الأموي بدمشق.
القرضاوي، الذي دخل لبنان بجواز سفر تركي، أوقف لدى عودته من سوريا عبر معبر المصنع الحدودي في 28 كانون الأول/ديسمبر 2024. كما أُبلغ القرضاوي بوجود حكم غيابي ضده في مصر بتهمة “نشر بيانات كاذبة وأعمال أدبية مسيئة” عام 2017، بالإضافة إلى طلب استرداد من الإمارات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل.
دعوات حقوقية وأممية لعدم تسليم القرضاوي
وصفت منظمة العفو الدولية قضية القرضاوي بأنها “اختبار حاسم” لالتزام لبنان بحقوق الإنسان. ودعت المنظمة السلطات اللبنانية إلى رفض طلبات تسليمه من الإمارات ومصر والسماح له بالسفر إلى تركيا أو أي وجهة أخرى يختارها. وأكدت أن طلبات تسليم القرضاوي تستند إلى ممارسته المشروعة لحقه في حرية التعبير، مشيرة إلى أن انتقاد السلطات لا يُعد جريمة.
وحذرت العفو الدولية من أن إعادة القرضاوي إلى مصر قد تعرّضه للاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمة الجائرة، بينما يُرجح أن يواجه في الإمارات انتهاكات مماثلة. كما شددت على أن التسليم القسري ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب القانون الدولي، مؤكدة أن على لبنان تقديم حقوق الإنسان على أي مصالح سياسية أو اقتصادية.
وحث خبراء أمميون مستقلون في مجال حقوق الإنسان الحكومة اللبنانية على عدم تسليم القرضاوي، معربين عن مخاوفهم من احتمال تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة أو الاختفاء القسري في حال ترحيله. وأوضحوا أن التهم الموجهة إليه في الإمارات ومصر، مثل “التحريض على زعزعة الأمن ونشر أخبار كاذبة”، قد تكون انتقامًا من ممارسته لحقه في حرية التعبير.
كما دعا الخبراء السلطات اللبنانية إلى مراجعة قرار التسليم بما يتماشى مع التزاماتها الدولية لحماية حقوق الإنسان ومنع التعذيب والاختفاء القسري. وأعربوا عن قلقهم إزاء التعجيل بالإجراءات، ما أثار تساؤلات حول ضمان اتباع المعايير القانونية الواجبة.
غضب واسع ضدّ القرار
أثار قرار تسليم عبد الرحمن القرضاوي غضبًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسم يحمل اسمه قوائم الأكثر تداولًا. وانتقد مستخدمو وسائل التواصل وناشطون حقوقيون القرار، معتبرين أنه يشكل تهديدًا لمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وأشار الكاتب والمؤلف أحمد منصور إلى الخطوة التي اتخذها القرضاوي بالإضراب عن الطعام، احتجاجاً على قرار ترحيله للإمارات، مشيراً إلى أن “القضية دخلت في إطار البلطجة وليست قوانين الدول”.
من جهته، وجّه الإعلامي المصري معتز مطر دعوة إلى اللبنانيين لمحاصرة قصر العدل في بيروت من أجل المطالبة بإنقاذ القرضاوي.
وتزايدت الضغوط الدولية على الحكومة اللبنانية مع تنظيم حقوقيين وقفات احتجاجية أمام السفارات اللبنانية في عدة دول، للمطالبة بالتراجع عن قرار تسليم القرضاوي وضمان سلامته.