كان سعيّد قد أجرى الصيف الماضي تعديلا وزاريا كبيرا عيّن من خلاله رئيس الحكومة المقال وهو موظف سام في الدولة ومختص في الشؤون الاجتماعية، كما أنهى مهام 19 وزيرا أيضا وعلل قراره ذاك بالمصلحة العليا للدولة ومتطلبات الأمن القومي حسب تعبير الرئيس الذي يمتلك سلطات مطلقة تخول له اتخاذ القرارات التي يشاء

اعلان

بعد أقل من سنة على تعيينه، أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد ليلة الجمعة رئيس وزرائه كمال مدوري الذي عينه في أغسطس آب الماضي إثر تعديل وزاري واسع في البلد الرازح تحت وطأة أزمات متعددة الأوجه.

وقد أعلنت الرئاسة التونسية في بيان أن سعيّد قد اختار المهندسة ووزيرة التجهيز الحالية سارة زعفراني زنزري لتتولى قيادة الحكومة التي لم يطرأ عليها تعديل بحسب البيان. وبهذا التعيين، تكون تونس قد عرفت ثلاثة رؤساء للحكومة في أقل من سنتين.

إقالات بالجملة للوزراء

وكان سعيّد قد أجرى الصيف الماضي تعديلا وزاريا كبيرا عيّن من خلاله رئيس الحكومة المقال وهو موظف سام في الدولة ومختص في الشؤون الاجتماعية، كما قرر تغيير 19 وزيرا أيضا وعلل قراره ذاك بالمصلحة العليا للدولة ومتطلبات الأمن القومي حسب تعبير الرئيس الذي يمتلك سلطات مطلقة تخول له أن يتخذ القرارات التي يشاء.

وتعتبر هذه ثاني إقالة يجريها حاكم تونس القوي في شهر ونصف وخلال الليل أيضا حيث كان قرر في السادس من شباط فبراير الماضي إنهاء وزيرة المالية سهام البوغديري وعين مكانها القاضية مشكاة سلامة خالدي.

ولطالما انتقد سعيّد أداء الوزراء الذين اختارهم هو شخصيا بدعوى أنهم لم يستوفوا الشروط اللازمة وكانوا دون تطلعات الشعب التونسي بحسب قوله.

ويأتي هذا التغيير فيما تعيش تونس حالة احتقان كبيرة بسبب اعتقال السلطات لعشرات المعارضين ومنهم رجال أعمال وإعلاميون.

أزمة مالية واقتصادية طاحنة

كما تعاني البلاد من أزمة مالية واقتصاد مترنح جعل النمو لا يتجاوز عتبة 0.4% في 2024 مع نسبة بطالة تقدر ب 16% إضافة إلى مديونية تعادل 80% من الناتج المحلي الخام.

ويتلقى النظام دعما من الجزائر التي منحت تونس قروضا وتبيعها شحنات الطاقة بأسعار تفضيلية لمواجهة أزمة المحروقات ونقص السيولة خصوصا بعد أن توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي عرض على الحكومة قرضا بملياري دولار مقابل إجرء عدة إصلاحات خصوصا في مجال دعم المشتقات البترولية.

تونس ومعضلة الهجرة

وإلى جانب الأوضاع المالية المتأزمة، ترزح تونس تحت وطأة أزمة هجرة متفاقمة بسبب توافد أعداد كبيرة من المهاجرين الراغبين في الالتحاق بأوروبا.

إذ أنقذت قوات خفر السواحل التونسية في 17 مارس آذار الجاري نحو600 مهاجر في ليلة واحدة ما زاد من حالة الغضب ضد السلطات بسبب انعدام الأمن وتردي أوضاع المهاجرين.

وفي محاولة لوقف موجة تدفق الأجانب الباحثين عن مستقبل في الضفة الشمالية للمتوسط، وتحت ضغط من إيطاليا، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع السلطات التونسية في تموز 2023 منح التكتل بموجبه الدولة المغاربية مبلغ 163 مليون يورو كمساعدات لتضخ في الميزانية العامة إضافة إلى 115 مليون يورو أخرى لتعزيز جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقد أثمر الاتفاق عن زيادة في عدد عمليات اعتراض القوارب المطاطية عام 2024 كما انخفضت بشدة نسبة المهاجرين القادمين إلى سواحل إيطاليا، حيث بلغ التراجع نسبة 80% مقارنة بسنة 2023 وقدر عدد الوافدين بأقل من 20 ألف مهاجر. وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن قرابة 70% من عمليات الاعتراض المقدر عددها ب14.124 في عام 2024 قد تمت بين شهري مارس آثار ومايو أيار.

وتعتبر عمليات إنقاذ المهاجرين جزء مما يسمى “التزامات البحث والإنقاذ” وهو اتفاق وقعت عليه تونس في حزيران 2024 بدعم من الاتحاد الأوروبي وخاصة إيطاليا. لكن الاتفاق لاقى انتقادات من بعض التونسيين الذين كتب أحدهم “رئيسة الوزراء الإيطالية فخورة بنا.” وكتب آخر: “الحكومة التونسية باعت نفسها لأوروبا”.

امتعاض شعبي من انعدام الأمن

تحديات الهجرة أصبحت لا تؤرق فقط صناع القرار في تونس بل امتدت إلى رجل الشارع. حيث يعزو بعض التونسيين مشكلة انعدام الأمن إلى العدد الكبير من المهاجرين المتواجدين في البلاد. فيما يقول هؤلاء إنهم ضحية العنف الممارس ضدهم. فبحسب مصادر إعلامية، لقي مهاجران إفريقيان مصرعهما الأسبوع الماضي في مخيم قرب قرية العمرا التي تغص بالمهاجرين. ولم ترشح حتى الآن تفاصيل عن ملابسات الحادث، وفق شهود عيان، فإن أحداث العنف اندلعت بسبب ما يسمى ب “فرق الأمن” وهي مجموعات من الشباب تدعي أنها مكلفة ببسط الأمن في مخيمات المهاجرين. ويقول إنها تبعث عل الخوف بسبب قسوتها واستعمالها للسلاح ويقال إن إحدى الضحيتيْن اللتين لقيتا مصرعهما قُتلت بواسطة ساطور وفق بعض الشهادات.

شاركها.
Exit mobile version