بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

تتجه أنظار الداخل اللبناني والخارج إلى جلسة حكومية مصيرية تعقد اليوم الجمعة 5 أيلول/سبتمبر في بيروت لبحث خطة الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله.

وتأتي الجلسة على وقع تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت فيه عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيرهم من أن الوقت ينفد أمام القادة اللبنانيين لاتخاذ قرار حاسم، وإلا فقدوا الدعم المالي الأميركي والخليجي، وواجهوا خطر تجدّد حملة عسكرية إسرائيلية.

تحذيرات أميركية

وأشار التقرير أن هذه اللحظة تُعتبر “مفصلية في تاريخ لبنان”، حيث يواجه مجلس الوزراء ضغوطًا مكثفة من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربي لاتخاذ قرار حاسم، في مواجهة رفض حزب الله وتهديداته بإثارة العنف. ونقل التقرير عن فراس مقصد، المشارك في معهد الشرق الأوسط الذي يلتقي بانتظام مسؤولين لبنانيين كبار، قوله إن “هذه لحظة فرصة أساسية” للبنان.

واستعاد التقرير تاريخ التدخل الأميركي في لبنان منذ خمسينات القرن الماضي، بدءًا من إرسال الرئيس دوايت أيزنهاور 14 ألف جندي لمنع نفوذ شيوعي محتمل، مرورًا بقرار الرئيس رونالد ريغان نشر 1200 من مشاة البحرية كقوة حفظ سلام قبل أن يسحبهم عقب تفجير انتحاري نفذه حزب الله عام 1983 وأدى إلى مقتل 241 عسكريًا أميركيًا.

وترى إدارة ترامب أن تدخلها الحالي في لبنان قد يشكل فرصة لاختراق دبلوماسي في ظل تعثر مساعيها في أوكرانيا وغزة، معتبرة أن نجاح نزع سلاح الحزب من شأنه أن يفتح الباب أمام استقرار البلاد وإعادة إنعاش اقتصادها المتعثر. وبحسب “نيويورك تايمز”، فإن دولًا خليجية عرضت تقديم مليارات الدولارات من المساعدات إذا أقدمت بيروت على خطوة حاسمة ضد حزب الله، فيما تعتبر إسرائيل أن أي تقدم في هذا الملف سيكون مكسبًا استراتيجيًا لها بعد سنوات من الهجمات عبر الحدود.

حزب الله متضرر لكنه “لم يهزم”

وذكّر التقرير أن حزب الله بدأ بإطلاق الصواريخ على إسرائيل في أعقاب هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي قادته حركة حماس، ما أدى إلى نزوح نحو 60 ألف إسرائيلي من الشمال. وقد ردت إسرائيل بحملة عسكرية كبرى في لبنان أوقعت مئات القتلى في صفوف الحزب، بينهم قيادات بارزة وزعيمه التاريخي حسن نصرالله. ورغم هذه الخسائر، أشار تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” في شباط/فبراير الماضي إلى أن الحزب “متضرر بشدة لكنه لم يُهزم”.

من هنا، ترى الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج أن على بيروت استغلال “لحظة الضعف” هذه، خصوصًا أن مطلب نزع السلاح مطروح منذ قرارات مجلس الأمن قبل نحو 20 عامًا. وفي خطوة غير مسبوقة، كلّفت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس الماضي الجيش بإعداد خطة رسمية لتجريد الحزب من سلاحه، وهي الخطة التي يناقشها مجلس الوزراء اليوم.

ضغوط على الجيش ومخاطر قطع المساعدات

بحسب الصحيفة، عبّر مسؤولون أميركيون عن خشيتهم من أن يتراجع لبنان الرسمي أمام ضغوط الحزب. وحذّر مسؤول آخر من أن التردد أو الحلول الوسطية قد تدفع الكونغرس إلى وقف نحو 150 مليون دولار من المساعدات السنوية للجيش اللبناني، خصوصًا أن مشروع موازنة الرئيس ترامب لم يتضمن أصلًا تجديد هذا التمويل. لكن في المقابل، أي خطة جدية قد تفتح الباب أمام تمويل إضافي وتجهيزات جديدة، في وقت يعاني فيه الجيش من ضعف الموارد ورواتب متدنية.

إدارة ترامب رأت أيضًا أن التردد قد يدفع إسرائيل إلى اعتبار أنه يتوجب عليها “إنهاء المهمة” عبر حملة عسكرية جديدة أكثر قسوة.

وأقامت إسرائيل بالفعل مواقع عسكرية في الجنوب متذرعة بعدم التزام الحزب بوقف إطلاق النار الموقع عام 2024، فيما يعتقد محللون أنها قد تسعى لإنشاء “منطقة أمنية” خالية من السكان على غرار ما فعلت في ثمانينات القرن الماضي.

في هذا السياق، شدد إدوارد غابرييل، رئيس “فريق العمل الأميركي من أجل لبنان”، على أن نجاح أي خطة لنزع السلاح يتطلب أيضًا ضمانات واضحة بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مع دور وساطة أميركي لا غنى عنه.

الجهود الدبلوماسية الأميركية

أبرز التقرير دور السفير الأميركي في تركيا توماس باراك، الصديق القديم لترامب، الذي يقود جانبًا من الجهود الدبلوماسية مع لبنان، ونقل عنه خلال زيارة لبيروت قوله إن “إقناع حزب الله بالانضمام إلى الدولة اللبنانية ممكن في بيئة غير عدائية ودون حرب أهلية”.

كما أشار إلى مشاركة مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، التي تزور بيروت مجددًا للمشاركة في اجتماع دولي لمراجعة الوضع بعد وقف إطلاق النار في جنوب لبنان أواخر 2024.

واعتبر التقرير أن هذا المسار يمثل استمرارية لجهود بدأت في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، ما يجعله نقطة نادرة للتوافق بين الإدارتين.

الانقسام الداخلي والضغوط الإسرائيلية

في الداخل اللبناني، يتمحور الجدل حول خطة الجيش التي تعتبرها الحكومة تطبيقًا لبنود وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بوساطة أميركية، ونصّ على حصر السلاح بالمؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية. لكن حزب الله جدد الأربعاء رفضه القاطع ودعا السلطات إلى “التراجع عن القرار غير الميثاقي وغير الوطني”.

الجلسة تعقد بعد ظهر اليوم الجمعة عند الساعة الثالثة بتوقيت وسط توقعات بعرقلة من الوزراء الشيعة الخمسة، بينهم اثنان من الحزب واثنان من حركة أمل، إضافة إلى وزير خامس محسوب على رئيس الجمهورية جوزاف عون. وفي آب/أغسطس الماضي، انسحب الوزراء الشيعة من جلسة مماثلة، فيما ذكرت صحيفة “الأخبار” القريبة من الحزب أن وزراء حزب الله وأمل قد يرفضون مناقشة البند المتعلق بخطة الجيش في جلسة اليوم.

بالتوازي، كثفت إسرائيل خلال اليومين الماضيين غاراتها على جنوب لبنان، وأدت إلى مقتل خمسة أشخاص، فيما تؤكد أنها تستهدف مخازن أسلحة وقياديين في الحزب، وهو ما يزيد من حدة الضغوط على الحكومة اللبنانية عشية اختبار يعتبره الأميركيون والإسرائيليون والخليجيون مفصليًا.

شاركها.
Exit mobile version